الأسواق تترقب تقارير حاسمة قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لحسم أسعار الفائدة
قبل أسبوع من اجتماع مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي سيحدد الوتيرة المناسبة لخفض أسعار الفائدة، تترقب الأسواق صدور ثلاثة تقارير اقتصادية هامة. يتوقع أن تظهر هذه التقارير مرونة أساسية في الاقتصاد الأمريكي، مع تباطؤ مؤقت في نمو الوظائف. تعكس هذه التوقعات التحديات التي تواجهها السوق الأمريكية في ظل الظروف الحالية، مما يزيد من أهمية هذه البيانات.
تقرير الوظائف وتوقعات النمو
يُتوقع أن يُظهر تقرير الوظائف، المزمع صدوره يوم الجمعة، زيادة متواضعة بمقدار 110 آلاف وظيفة، وهو ما يمثل نصف متوسط الزيادة هذا العام البالغ 200 ألف وظيفة. هذا الانخفاض في النمو الوظيفي يُعزى جزئيًا إلى الضربات التي تعرض لها سوق العمل نتيجة الإعصارين اللذين ضربا البلاد، بالإضافة إلى توقف العمل في شركة "بوينغ" العملاقة. ومع ذلك، يُتوقع أن يظل معدل البطالة ثابتًا عند 4.1%.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يخفف صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي من شأن العوامل المؤقتة المذكورة، ويقوموا بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعهم المقرر في السادس والسابع من نوفمبر المقبل. وعلى الرغم من الضغوط الحالية، يثق المسؤولون في أن ضغوط الأسعار تتراجع بشكل عام، مما يجعل هذا الخفض ممكنًا.
ارتفاع التضخم الأساسي
على الرغم من التوقعات بتراجع ضغوط الأسعار، ارتفع التضخم الأساسي في الولايات المتحدة أكثر مما كان متوقعًا في سبتمبر. يُعتبر هذا الأمر توقفًا في التقدم الذي تم تحقيقه مؤخرًا نحو تخفيف الضغوط التضخمية. تشير التوقعات إلى ارتفاع مؤشر أسعار إنفاق الاستهلاك الشخصي، مع توقع زيادة بنسبة 0.3%، وهو أعلى مستوى يُسجل في خمسة أشهر.
تقرير الإنفاق الاستهلاكي والدخل الشخصي
من المتوقع أيضًا أن يظهر التقرير الذي سيصدر يوم الخميس أن الإنفاق الاستهلاكي والدخل الشخصي قد تعززا في سبتمبر مقارنة بالشهر السابق. تُظهر هذه البيانات الزخم في الجزء الأكبر من الاقتصاد، مما يساهم في فهم أفضل للاتجاهات الاقتصادية الحالية.
ويوم الأربعاء، ستصدر الحكومة الأميركية أول تقديراتها للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث. تشير التوقعات إلى وتيرة سنوية قوية بنسبة 3%، مما يعكس النمو الذي شهدناه في الأشهر الثلاثة السابقة. ويرجح أن يكون الناتج المحلي الإجمالي مدعومًا بزيادة في إنفاق الشركات على المعدات، مما يعكس النشاط الاقتصادي القوي.
بيانات سوق العمل والوظائف الشاغرة
تتضمن التقارير الأخرى المقررة هذا الأسبوع بيانات حول الوظائف الشاغرة في سبتمبر، وتكاليف التوظيف في الربع الثالث، وثقة المستهلك لشهر أكتوبر. بالإضافة إلى ذلك، سيصدر معهد إدارة سلاسل التوريد مؤشر القطاع الصناعي لشهر أكتوبر، مما سيساهم في رسم صورة أوضح عن الاقتصاد.
تطورات سوق العمل في الولايات المتحدة وكندا
ارتفع عدد فرص العمل في الولايات المتحدة في شهر أغسطس إلى أعلى مستوى له خلال ثلاثة أشهر، مما يتعارض مع بيانات أخرى تشير إلى تراجع الطلب على العمالة. وفي كندا، ستظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي ما إذا كان الاقتصاد على المسار الصحيح لتحقيق توقعات بنك كندا بنمو سنوي بنسبة 1.5% في الربع الثالث.
وقدّر المسؤولون الكنديون سابقًا نموًا بنسبة 2.8%، ولكنهم خفضوا هذه النسبة مع تقليص الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في 23 أكتوبر. سيتحدث محافظ بنك كندا، تيف ماكليم، وزميلته كارولين روجرز إلى المشرعين بشأن هذا القرار، مما يُظهر أهمية السياسة النقدية في تحقيق الأهداف الاقتصادية.
الأحداث الاقتصادية العالمية المرتقبة
في سياق عالمي، سيكون من أبرز الأحداث التي تترقبها الأسواق إعلان الميزانية في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى أرقام التضخم والنمو في منطقة اليورو، وقرار بنك اليابان بشأن أسعار الفائدة. كما ستراقب الأسواق مؤشرات مديري المشتريات في الصين التي تعكس مدى صحة الاقتصاد هناك، مما يؤثر على التوجهات الاقتصادية العالمية.
آسيا
يترقب صناع السياسات والاقتصاديون والمستثمرون مؤشرات مديري المشتريات في الصين هذا الأسبوع، وذلك لمعرفة قوة الاقتصاد الصيني الحالية الذي يظهر تباطؤاً في الأداء.
ربما يكون من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان لتدابير التحفيز الأخيرة أي تأثير مبدئي، ولكن إذا انضم قطاعا الخدمات والبناء إلى قطاع التصنيع في المسار الهابط، فيرجح أن تتزايد الدعوات لبكين لبذل المزيد من الجهود.
من المقرر أن يعقد بنك اليابان اجتماعه يوم الخميس، ويُتوقع على نطاق واسع أن يبقي أسعار الفائدة دون تغيير. ومع احتمالية أن يستحوذ ضعف الين المتجدد على اهتمام صناع السياسات، فإن اللاعبين في السوق سوف يترقبون أي إشارات متشددة يمكن أن تلمح إلى احتمال وجود رفع للفائدة في ديسمبر المقبل.
يصر رئيس وزراء اليابان على أنه يبتعد عن التدخل في شؤون أسعار الفائدة بعد تقديم بعض النصائح لبنك اليابان في وقت سابق. مؤكداً أن للبنك المركزي أن يفعل ما يريد.
وفي مكان آخر، ستصدر أستراليا تقريراً عن نمو الأسعار يوم الأربعاء، حيث يتوقع أن تشهد تباطؤاً. رغم ذلك، فمن غير المرجح أن يكون ذلك كافياً للعودة للحديث عن خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
كذلك، ستصدر إندونيسيا وباكستان معدلات التضخم، في حين ستصدر هونغ كونغ وتايوان تقريري الناتج المحلي الإجمالي.
ستمنح مؤشرات مديري المشتريات في جميع أنحاء آسيا، المقرر صدورها يوم الجمعة، مؤشراً على أداء اقتصاد المنطقة خارج الصين، فضلاً عن بيانات التجارة في تايلندا وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
من المنتظر هذا الأسبوع صدور أولى البيانات التي سيستخدمها البنك المركزي الأوروبي لتحديد خطوته التالية المرتبطة بتخفيف سياسته النقدية في ديسمبر المقبل، في وقت تتزايد تقديرات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة بمقدار نصف النقطة المئوية.
وفي حين تظهر علامات على الضعف، إلا أنه يتوقع أن تؤكد أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، المقرر صدورها يوم الأربعاء، أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو بنسبة 0.2%، بعد أن عوض الانتعاش في إسبانيا والتوسع المطرد في كل من فرنسا وإيطاليا الركود في ألمانيا.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن تظهر معدلات التضخم، يوم الخميس، تسارعاً طفيفاً إلى 1.9%، وهو أقل بقليل من هدف المركزي الأوروبي البالغ 2%، في حين سيتجاوز التضخم في ألمانيا المعدل المستهدف.
خفضت الحكومة الألمانية توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي لهذا العام إلى انكماش بنسبة 0.2%، في أحدث إشارة على أن أكبر اقتصاد بأوروبا يواجه تحديات التخلص من الركود
تتوافق هذه الأرقام مع توقعات صناع السياسات بارتفاع مؤقت في الأسعار، قبل أن يستقر نموها حول المعدل المستهدف في النصف الأول من العام المقبل.
وفي أماكن أخرى من أوروبا، يتوقع أن يستقر التضخم في سويسرا عند 0.8%، وهو ما يقل كثيراً عن مستهدف البنك المركزي. ويتوقع خبراء الاقتصاد خفضاً آخر لأسعار الفائدة في ديسمبر.
وفي المملكة المتحدة، ستكشف وزيرة الخزانة راشيل ريفز، يوم الأربعاء، عن أول ميزانية للحكومة العمالية المنتخبة حديثاً، والتي قد تكون واحدة من أهم الإصدارات المالية التي ستصدرها الحكومة البريطانية لسنوات قادمة.
تواجه وزيرة الخزانة مهمة صعبة، حيث يحثها صندوق النقد الدولي على زيادة الاستثمارات العامة، لكنه يدفع أيضاً لإصلاح مالية المملكة المتحدة على الأمد البعيد.
وتستعد ريفز لإصلاح القواعد المالية التي قد تسمح بمزيد من الاقتراض للإنفاق الرأسمالي، في حين من المرجح أيضاً أن تستهدف المستثمرين لزيادة حصيلة الضرائب.
يتبع مكتب الضرائب بالمملكة المتحدة نهجاً أكثر صرامة لاسترداد ديون بـ5 مليارات جنيه إسترليني ما يفاقم الضغوط على الشركات المفلسة، حسبما أفاد خبراء الإعسار.
وفي جنوب أفريقيا، سيقدم وزير المالية إينوك غودونغوانا ميزانيته السنوية يوم الأربعاء. وستكون الأولى منذ تشكيل حكومة متعددة الأحزاب مع التحالف الديمقراطي الوسطي وثمانية منافسين آخرين أصغر حجماً، بعد أن خسر المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته المطلقة في انتخابات 29 مايو.
سيتم مراقبة خطاب غودونغوانا عن كثب للحصول على أخبار عن الجهود المبذولة لكبح الديون الحكومية، وأهداف النمو الاقتصادي الجديدة، وكيف ستدعم الحكومة تعهد الرئيس سيريل رامافوزا بتحويل البلاد إلى مركز لمشروعات البناء، بما في ذلك تفاصيل حول تسهيل ضمان الائتمان لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الخطة.
أمريكا اللاتينية
قد تظهر البيانات الاقتصادية الأولية للربع الثالث الصادرة من المكسيك أن ثاني أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية يتجه نحو التباطؤ بحلول نهاية العام. وأشار غالبية المحللين إلى أن نمو الاقتصاد المكسيكي سوف يتباطأ في 2024 للعام الثالث، كما يرجح أن يواصل تباطؤه العام المقبل.
وبخصوص بيانات البطالة، يرجح أن تظهر ارتفاعاً في سبتمبر للشهر السادس على التوالي. ومع ذلك، فمعدل البطالة عند 3% لا يزال أقل بكثير من متوسطه طويل الأجل.
وعلى نحو متناقض، فبينما من المفترض أن تظهر بيانات سوق العمل في تشيلي لشهر سبتمبر استمراراً في الركود بدرجة ما، يُتوقع أن يظهر إنتاج النحاس، في أكبر دولة منتجة له، تعافياً من أدنى مستوياته في 20 عاماً.
يعود التضخم مرة أخرى إلى أميركا اللاتينية، وينبغي على أكبر اقتصادين في المنطقة أن ينتبها إلى ضرورة ألا تتدخل السياسة في معركتهما ضده.
سيحرص مراقبو بيرو على متابعة البيانات الأساسية في تقرير التضخم لشهر أكتوبر. ففي حديثه بعد أن فاجأ صناع السياسات في 10 أكتوبر بإبقاء الفائدة دون تغيير، أشار كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي، أدريان أرماس، إلى التضخم الأساسي وتوقعات التضخم والنمو الاقتصادي كأسباب للتوقف عن خفض الفائدة.
وفي البرازيل، ربما تشير أرقام الناتج الصناعي إلى هدوء في سبتمبر من وتيرة 2024 المحمومة، وارتفعت درجة حرارة سوق العمل الضيقة بالفعل، بينما اتجهت أرقام الميزانية إلى اللون الأحمر بشكل أعمق.
أما في كولومبيا، فمن المؤكد أن يقرر صناع السياسات يوم الخميس تمديد دورة التيسير الحالية للاجتماع الثامن على التوالي، إضافةً إلى خفض تكاليف الاقتراض إلى 9.5%. لا يرى المحللون الذين استطلع البنك المركزي آراءهم أي توقف عن دورة التيسير قبل الربع الرابع من عام 2025.