رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

عدم اليقين يسيطر على قرارات الفيدرالي الأمريكي في ظل التقلبات السياسية

نشر
الاحتياطي الفيدرالي
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

تُهيمن حالة من الحذر والترقب على السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ظل تصاعد حالة عدم اليقين بشأن التغيرات الاقتصادية والسياسية. فرغم تأكيد صانعي السياسة النقدية على أن السياسة الحالية "مهيأة جيدًا" للتكيف مع أي مخاطر، إلا أن الحقيقة تعكس واقعًا أكثر تعقيدًا، حيث يبدو أن الفيدرالي عالق في مربع الحياد، منتظرًا وضوح الرؤية بشأن المستقبل الاقتصادي.

يشير رئيس الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، في منشور حديث، إلى أن البنك المركزي لا يملك سوى التمسك بموقف الحياد في الوقت الحالي، بينما يبدأ ما يمكن أن يكون انتظارًا طويلًا للوصول إلى يقين حول ما ينتظر الاقتصاد الأمريكي. وأضاف: "في الأسابيع الأخيرة، سمعنا حماسًا من البنوك بشأن التحولات المحتملة في السياسات الضريبية والتنظيمية، لكن هذا الحماس يقابله قلق واسع بشأن سياسات التجارة والهجرة المستقبلية، مما يضيف مزيدًا من التعقيد لصنع القرار."

التحديات الاقتصادية: تأثير السياسات التجارية والهجرة على القرار النقدي

تُشكّل التقلبات الناتجة عن السياسات التجارية والاقتصادية أحد أبرز مصادر عدم اليقين التي تؤثر في قرارات الفيدرالي. فقد أظهر محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، الذي عُقد يومي 28 و29 يناير، أن صانعي القرار يدركون حجم "عدم اليقين المرتفع" بشأن توقيت وآثار التغييرات المحتملة في السياسات التجارية والهجرة والضرائب، ما يجعل الحذر ضرورة لا خيارًا.

يُطلق الاقتصاديون في وول ستريت مصطلح "لغة الاحتياطي الفيدرالي" على التصريحات التي يدلي بها مسؤولو البنك بين الاجتماعات، والتي غالبًا ما تعكس رسائل ضمنية عن توجهات السياسة النقدية. وخلال هذه التصريحات، تكررت الإشارة إلى أن السياسة الحالية "مهيأة جيدًا"، لكن المسؤولين أصبحوا أكثر تحفظًا، مع تزايد التوترات التجارية والأثر المحتمل للرسوم الجمركية على التضخم وثقة المستهلكين.

التضخم: هل يقترب الفيدرالي من تحقيق هدفه؟

يستهدف الاحتياطي الفيدرالي الوصول بمعدل التضخم إلى 2%، وهو هدف ظل بعيد المنال على مدار السنوات الأربع الماضية. ورغم الاستقرار النسبي في سوق العمل، إلا أن التضخم ظل يتحرك بوتيرة غير متوقعة. وفي هذا السياق، صرّح ألبرتو موسالم، رئيس الفيدرالي في سانت لويس، بأن المخاطر المتعلقة ببقاء التضخم فوق الهدف تميل إلى الارتفاع.

وأضاف موسالم: "السيناريو الأساسي هو أن التضخم سيستمر في الاقتراب من 2%، بشرط أن تظل السياسة النقدية مقيدة نسبيًا، لكن هذا سيستغرق وقتًا. هناك احتمال لبقاء التضخم مرتفعًا مع تباطؤ النشاط الاقتصادي... وهذا سيناريو بديل أضعه في الحسبان."

أما رئيس الفيدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي، فكان أكثر توازنًا في تقييمه للوضع، مشيرًا إلى أن تأثير الرسوم الجمركية يعتمد على نطاق تطبيقها وحجمها، مما يجعل تقييم التحركات المستقبلية للفائدة أكثر تعقيدًا.

معدلات الفائدة: بين الحذر والمرونة

تُشير التوقعات الحالية إلى أن معدل الفائدة الفيدرالي سيظل في النطاق الحالي بين 4.25% و4.5%، في محاولة للحفاظ على الاستقرار وسط الأوضاع المضطربة. وعلى الرغم من عدم استبعاد رفع الفائدة حال استمرار التضخم في الارتفاع، فإن بعض المسؤولين، مثل بوستيك، يشددون على أن الوقت الحالي "ليس وقتًا للرضا"، محذرين من أن تهديدات إضافية لاستقرار الأسعار قد تبرز في الأفق.

وبينما يلتزم الفيدرالي بموقف الحياد، يبدو أن الانتظار الطويل للوصول إلى اليقين قد يفرض نفسه كواقع حتمي، في ظل استمرار التيارات الاقتصادية المتضادة التي تجعل من كل قرار، مهما بدا بسيطًا، خطوة محسوبة بعناية شديدة.

عاجل