سنغافورة تتصدر السباق التكنولوجي في جنوب شرق آسيا مع التركيز على الذكاء الاصطناعي

تسعى اقتصادات جنوب شرق آسيا الناشئة للتفوق في قطاع التكنولوجيا على مستوى العالم، مع تركيز خاص على تطوير الذكاء الاصطناعي. تُعد هذه الدول التقدم في هذا المجال فرصة لتعزيز التعاون مع الصين، التي بدأت تتصدر المشهد التكنولوجي في المنافسة الشرسة مع الولايات المتحدة. وقد استعرضت حلقة هذا الأسبوع من تقرير "تقرير آسيا" تفاصيل هذا السباق التكنولوجي وآفاقه.
استثمارات ضخمة ودور الحكومات في تطور الذكاء الاصطناعي
تقود سنغافورة السباق في مجال الذكاء الاصطناعي بفضل استثماراتها الضخمة وخططها الوطنية الطموحة. من أبرز هذه الخطط توسيع قوتها العاملة في الذكاء الاصطناعي لتشمل 15 ألف موظف. وفي المقابل، تسعى دول مثل فيتنام وكمبوديا للاستفادة من هذه التكنولوجيا المتطورة لتطوير قطاعاتها المختلفة مثل الزراعة والصناعة، رغم التحديات التي تواجهها في البنى التحتية.
وفقًا لداريل تيو، المستشار لدى "أكسس بارتنرشيب"، يعتبر العاملان الرئيسيان اللذان يمنحان منطقة آسيان ميزة تنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي هما وجود جيل شاب متمكن في هذا المجال، والموقف الإيجابي الذي تتبناه حكومات هذه الدول تجاه الذكاء الاصطناعي. وأكد تيو أن العديد من دول آسيان قد بدأت بالفعل في تطبيق استراتيجيات الذكاء الاصطناعي، مما منح انطباعًا عالميًا بأن المنطقة جاهزة في هذا المجال.
وتخطط مجموعة "داماك" المدعومة من المطور الملياردير حسين سجواني لاستثمار حوالي 3 مليارات دولار لإنشاء مراكز بيانات في جنوب شرق آسيا، مما يعزز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في هذه المنطقة المتنامية.
دعم حكومي وتأثيره على تطور الذكاء الاصطناعي
يعدّ الدعم الحكومي أحد العوامل الرئيسة في مسار تطور الذكاء الاصطناعي، ويشكل فارقًا ملحوظًا في المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. تتبنى الصين استراتيجية تعتمد على التخطيط المركزي، حيث يتم توجيه التمويل الحكومي المباشر إلى مشاريع محددة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تطوير مراكز الحوسبة الوطنية. بينما في الولايات المتحدة، يعتمد التقدم بشكل أكبر على المؤسسات الخاصة التي تستخدم نماذج مفتوحة المصدر لتطوير هذه التكنولوجيا، مع دعم حكومي أقل نسبيًا حتى وقت قريب.
العقوبات الأمريكية وتأثيرها على التكنولوجيا
أعرب تيو عن قلقه من تأثير العقوبات الأمريكية على تطور الذكاء الاصطناعي، خاصةً مع إمكانية توسيع نطاق العقوبات الأمريكية المفروضة على تصدير الرقائق والتكنولوجيا المتطورة إلى الصين. في الشهر الجاري، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن قيود جديدة على وصول الصين إلى المكونات الحيوية للرقائق والذكاء الاصطناعي. هذه الإجراءات تهدف إلى تقليل الطموحات التكنولوجية للصين، والتي قد تعزز قدراتها العسكرية.
وقد أدت هذه القيود إلى زيادة اهتمام المستثمرين في صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا، مما رفع مؤشر أداء أسهم هذه الصناعة إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات. شملت القيود الأمريكية الجديدة بيع معدات الذاكرة عالية النطاق الترددي وصناعة الرقائق، بما في ذلك تلك التي تنتجها الشركات الأمريكية في منشآت خارج الولايات المتحدة. كما تم إدراج 140 كيانًا صينيًا جديدًا على القائمة السوداء بسبب تعاونهم مع بكين في تطوير هذه التكنولوجيا.
تسعى الإدارة الأمريكية من خلال هذه القيود إلى إبطاء تقدم الأنظمة الخاصة بأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي في الصين، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي، نظراً لاستخدام هذه التقنيات في التطبيقات العسكرية.