نيويورك تايمز: الصين تسعى لزيادة نفوذها في آسيا الوسطى لانشغال روسيا في حربها مع أوكرانيا
قالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية إنه في ظل انشغال روسيا في حرب طويلة في أوكرانيا واعتمادها المتزايد على الصين للحصول على الإمدادات، تتحرك بكين بسرعة لتوسيع نفوذها في منطقة آسيا الوسطى، وهي المنطقة التي كانت ذات يوم ضمن دائرة نفوذ الكرملين.
ورأت الصحيفة، في سياق مقال نشرته اليوم الأربعاء، على موقعها الإلكتروني - أنه بينما يجتمع زعماء دول آسيا الوسطى مع رئيسي الصين وروسيا خلال الأسبوع الجاري في العاصمة الكازاخية أستانة فإن الوجود الصيني المتزايد أصبح واضحا في المنطقة، حيث يجري بناء خطوط السكك الحديدية الجديدة وغيرها من مرافق البنية الأساسية في حين تشهد التجارة والاستثمار ارتفاعا.
ورصدت (نيويورك تايمز) مظاهر تدل على تزايد مكانة الصين منها حفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس الصيني شي جين بينج حيث كان في استقباله أطفال من كازاخستان يلوحون بالأعلام ويتغنون باللغة الصينية عند وصوله أستانة أمس /الثلاثاء/ ، بينما أشاد شي بعلاقات الصين مع كازاخستان ووصفها بأنها صداقة "استمرت لأجيال".
كما وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم إلى العاصمة الكازاخية أستانا، للمشاركة في القمة السنوية لمنظمة شنغهاي للتعاون وهي مجموعة إقليمية تهيمن عليها بكين، وركز المنتدى لسنوات إلى حد كبير على القضايا الأمنية، ولكن مع توسيع المجموعة لعضويتها استخدمتها الصين وروسيا كمنصة لعرض طموحاتهما في إعادة تشكيل النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة .
والمجموعة التي أسستها الصين وروسيا عام 2001 مع دول آسيا الوسطى كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، توسعت في السنوات الأخيرة لتشمل باكستان والهند وإيران، وحتى مع قيام الصين بتوسيع نفوذها الاقتصادي في مختلف أنحاء آسيا الوسطى، فإنها لا تزال تواجه تحديات أمام دبلوماسيتها، حيث تسعى روسيا إلى ترجيح كفة ميزان الأعضاء في منتدى شنغهاي لصالحها .
ومن المتوقع أن يشارك رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو في القمة هذا العام، وهو أقرب حليف لبوتين، الذي يعتمد بشكل كبير على دعم روسيا الاقتصادي والسياسي للبقاء في السلطة، ومن المقرر أن يتم اختيار بيلاروس كعضو كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون في قمة هذا العام وسيكون ذلك بمثابة انتصار دبلوماسي بسيط للكرملين .
ولكن على نطاق أوسع، فإن مشاركة روسيا في منظمة شنغهاي للتعاون تشكل إلى حد كبير عملا دفاعيا خلفيا لموازنة التحول في المنطقة نحو الصين، ويعتمد بوتين بشكل كبير على الصين للحفاظ على اقتصاده وإنتاجه العسكري وسط العقوبات الغربية، وعلى مر السنين أصبحت حكومته تقبل علاقات بكين المتنامية مع الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى، إن الفجوة الهائلة بين القوة الاقتصادية لروسيا وبكين تجعل المنافسة المباشرة في آسيا الوسطى غير مجدية بالنسبة للكرملين .
وبدلاً من ذلك، سعى الكرملين إلى الحفاظ على قدر من النفوذ لدى دوله التابعة السابقة بشأن القضايا التي تظل حيوية لمصالحه الوطنية بما في ذلك من خلال حضور أحداث رمزية إلى حد كبير مثل قمة أستانة.
كما تريد روسيا الحفاظ على إمكانية الوصول إلى أسواق آسيا الوسطى للتحايل على العقوبات الغربية، فمنذ الحرب الروسية الأوكرانية حصلت روسيا على بضائع غربية بقيمة مليارات الدولارات باستخدام وسطاء من آسيا الوسطى.
ومن المتوقع أن الرئيس الصيني سيستغل زيارته لبناء روابط نقل أفضل عبر المنطقة، وبعد القمة من المقرر أن يقوم شي بزيارة دولة إلى طاجيكستان حيث قدرت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا أن أكثر من 99 % من الاستثمارات الأجنبية في طاجيكستان تأتي من الصين .
وتركز العديد من استثمارات الصين في آسيا الوسطى على البنية التحتية، وأبرمت الصين اتفاقا مع قيرغيزستان وأوزبكستان الشهر الماضي لبناء خط سكك حديدية جديد عبر البلدين، وسيمنح خط السكة الحديد الصين طريقا مختصرا للتجارة البرية مع إيران وأفغانستان وتركمانستان، وما وراءها إلى الشرق الأوسط وأوروبا .
وحاولت الصين على مدى الأعوام الماضية توسيع حركة السكك الحديدية عبر روسيا لنقل صادراتها إلى أوروبا، لكنها تريد الآن إضافة طريق جنوبي.