رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

تقلبات الأسواق العالمية وسط تغيرات السياسة النقدية الأمريكية والانتخابات المقبلة

نشر
وول ستريت
وول ستريت

شهدت الأسواق المالية اضطرابات واسعة بسبب عمليات بيع مكثفة لسندات الخزانة الأمريكية، مما أدى إلى تقلبات أثرت في الذهب والعملات الرئيسية. تأتي هذه الموجات من التقلبات وسط تحذيرات من المستثمرين حول تأثير الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة على حركة السوق. وأدت البيانات الاقتصادية القوية، وعودة ما يعرف بـ"تجارة ترامب"، إلى إعادة تقييم توقعات المتداولين بشأن مسار أسعار الفائدة.

عائدات السندات الأمريكية وتوقعات السوق

سجلت سندات الحكومة الأمريكية ارتفاعاً في عائداتها على مدى الشهر الماضي، حيث ارتفعت عائدات السندات ذات العشر سنوات بنحو 0.4 نقطة مئوية لتصل إلى 4.2%، وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز. ويعد هذا الشهر من أسوأ الشهور التي شهدتها السندات في السنوات الأخيرة، وقد جاء ذلك بعد أسابيع من خفض الفدرالي الأميركي لأسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. كان المستثمرون قد توقعوا تخفيضاً آخر في الاجتماعين القادمين من هذا العام، إلا أن البيانات الاقتصادية غيرت هذه الرهانات.

وأكد مدير المحفظة في بيمكو، مايك كودزيل، أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذراً بعد خفض أسعار الفائدة من قِبل الفدرالي الأميركي، مما قلل من الحماسة المفرطة التي شهدتها الأسواق. وأشار إلى أن الأسواق غالباً ما تتبنى سردية معينة تدفع الأسعار إلى الارتفاع المفرط، وهو نمط ترسخ خلال الأشهر الماضية. ويتفق معه مدير صندوق السندات الحكومية في شركة M&G Investments، روب بوروز، مشيراً إلى أن الخوف من تفويت فرصة الاستفادة من خفض أسعار الفائدة كان سبباً للرهانات الحذرة.

أثر البيانات الاقتصادية القوية على استقرار الأسواق

يرى بوروز أن قوة أرقام الوظائف الأميركية أثرت على الأسواق وأثارت القلق حول خفض أسعار الفائدة، مشيراً إلى أن التخوف من تفويت الفرص في الأسواق بسبب الدعم القوي لفكرة تخفيضات طفيفة، دفع المستثمرين لمحاولة الهروب من هذا التحدي، قائلاً: "في بعض الأحيان يكون الباب صغيراً ونتزاحم للهروب".

وانتقلت التأثيرات الأمريكية إلى الأسواق العالمية، حيث سجل الدولار أقوى أداء له منذ عامين أمام سلة من العملات، مرتفعاً بأكثر من 3% في الشهر الماضي. وقد أدى هذا الارتفاع إلى تراجع الين الياباني إلى أدنى مستوياته أمام الدولار، مما دفع المسؤولين اليابانيين إلى إصدار تحذيرات حول ضعف العملة، كما أثر ارتفاع الدولار على البيزو المكسيكي الذي تأثر سابقاً بسياسات تجارية تحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

انعكاسات البيانات الاقتصادية على توقعات أسعار الفائدة

رأى رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في بنك أوف أميركا، مارك كابانا، أن البيانات الاقتصادية القوية قللت من الحاجة إلى خفض جديد في أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية. كما أجبرت السوق على التراجع عن توقعات حدوث ركود في الولايات المتحدة، ما يبرز استمرار قوة الاقتصاد رغم التحديات العالمية والمحلية التي تواجهه.

وتشير التداولات في أسواق المقايضات إلى احتمالية كبيرة بأن الفدرالي الأميركي قد يختار إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في أحد الاجتماعين المتبقيين لهذا العام. وبلغت التقلبات في سوق السندات مستويات مرتفعة وفقاً لمؤشر آيس بنك أوف أميركا موف، إذ قام المتداولون بإعادة ضبط مراكزهم وسط هذه المتغيرات الاقتصادية.

وأكد رئيس تداول أسعار الفائدة قصيرة الأجل في سيتي غروب، أكشاي سينغال، أن حالة عدم اليقين المحيطة بمسار أسعار الفائدة تعود لعدة عوامل منها الأساسيات الاقتصادية، وردود فعل البنك المركزي الأميركي، بالإضافة إلى البيئة السياسية المؤثرة في التوجهات المالية. وأشار إلى أن مسار خفض الفائدة أكثر مرونة وأوسع نطاقاً مقارنة بالماضي.

وأشار سينغال إلى احتمالية أن يمتنع الفدرالي الأميركي عن خفض أسعار الفائدة تماماً في عام 2025، بينما قد يشهد سيناريو آخر خفضاً قد يصل إلى 1.25 نقطة مئوية أو أكثر، ما يعكس تباين التوقعات وتعدد السيناريوهات الممكنة.

تراجع التركيز على التضخم واهتمام أكبر بالوظائف

يعتقد العديد من المستثمرين أن التقلبات الحالية وعدم اليقين تعود إلى تحول التركيز من التضخم إلى بيانات الوظائف، التي باتت تلعب دوراً رئيسياً في التأثير على توقعات الأسواق بعد أن بدأت معدلات التضخم في الانخفاض.

ويؤدي الاقتصاد العالمي دوراً أساسياً في توقعات المستثمرين حول أسعار الفائدة، حيث إن أي تراجع في البيانات الاقتصادية الأميركية يؤثر بشكل مباشر في توقعات الفدرالي الأميركي بشأن السياسات النقدية، مما يضع المستثمرين في حالة من الترقب والقلق بشأن اتخاذ قرارات استثمارية مستدامة.

السياسات النقدية وتأثيراتها على الأسواق العالمية

يستمر النقاش حول دور السياسات النقدية ومدى تأثيرها على الاستثمارات العالمية، حيث تشير التحولات الاقتصادية الحالية إلى أن العالم يمر بمرحلة إعادة تنظيم في أسواق المال، ما يتطلب من المستثمرين مراقبة مستمرة للتغيرات في سياسات الفدرالي الأميركي، وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي.

عاجل