رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

تصريحات رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» تثير التفاؤل في الأسواق العالمية مع توقعات بخفض الفائدة الأمريكية

نشر
جيروم باول رئيس البنك
جيروم باول رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

تتأثر الأسواق العالمية بشكل كبير بتصريحات رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، نظرًا للارتباط الوثيق بين الاقتصادات العالمية والولايات المتحدة. وقد شهدت الأسواق تفاعلًا كبيرًا مع تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، التي أدلى بها يوم الجمعة 23 أغسطس. باول ألمح خلال تصريحاته إلى استعداد الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، محذرًا في الوقت ذاته من تصاعد "المخاطر السلبية" التي تهدد سوق العمل. هذه التصريحات الإيجابية جاءت متناغمة مع توقعات المستثمرين، مما أثر بشكل مباشر على الأسواق العالمية.

خطاب جاكسون هول وتأثيره

في خطابه الذي ترقبت الأسواق محتواه بفارغ الصبر في ندوة جاكسون هول بولاية وايومنغ، أكد جيروم باول على ضرورة تعديل السياسة النقدية. وقال باول: "لقد حان الوقت لتعديل السياسة. الاتجاه واضح، وسوف يعتمد توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة، وتوازن المخاطر". كان لهذه التصريحات وقع كبير على الأسواق، حيث ارتفعت أسعار سندات الخزانة الأمريكية، فيما شهد الدولار انخفاضًا مع توقعات المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر هذا العام.

دعم سوق العمل واستقرار الأسعار

تعهد باول خلال خطابه بأن الاحتياطي الفيدرالي سيبذل كل ما في وسعه لدعم سوق العمل القوية، مع مواصلة الجهود نحو استقرار الأسعار. وأكد باول على أهمية التوازن بين هذه الأهداف، خاصة في ظل تصاعد المخاطر السلبية على التوظيف. جاءت هذه التعليقات في وقت حساس، حيث تراجعت المخاطر الصعودية للتضخم، مما دفع الأسواق للتفاعل بشكل إيجابي، كما ظهر جليًا في أداء الأسهم الأمريكية والأوروبية.

أداء الأسواق العالمية بعد التصريحات

شهدت الأسواق العالمية، وعلى رأسها الأسهم الأوروبية و"وول ستريت"، ارتفاعات ملحوظة بعد تصريحات باول. في نهاية تعاملات يوم الجمعة، سجلت الأسهم الأوروبية مكاسب جماعية، بينما غلب اللون الأخضر على "وول ستريت"، مما يعكس التأثير المباشر لتلك التصريحات على ثقة المستثمرين في الأسواق.

ووصفت صحيفة "فاينانشال تايمز" تصريحات جيروم باول في ندوة جاكسون هول بأنها أقوى إشارة حتى الآن على اعتزام الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة قريبًا. التصريحات جاءت لتلمح بخفض أسعار الفائدة من أعلى مستوياتها الحالية في 23 عامًا عند 5.25-5.5%. ومع اقتراب موعد تصويت الفيدرالي في منتصف سبتمبر، قبل ستة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تزداد أهمية هذه التصريحات في ظل تزايد المخاوف الاقتصادية لدى الناخبين الأمريكيين.

تأثير تصريحات باول على سندات الخزانة والدولار

في ضوء تصريحات باول، انخفض عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين، والذي يعكس توقعات أسعار الفائدة، بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 3.91%. كما شهد الدولار انخفاضًا بنسبة 0.8% مقابل سلة من العملات المنافسة، مما يعكس توقعات الأسواق بخفض وشيك لأسعار الفائدة.

أداء الأسهم الأمريكية بعد التصريحات

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية ارتفاعات ملحوظة بعد تصريحات باول، حيث أنهى مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" تعاملات يوم الجمعة مرتفعًا بنسبة 1.2%، ليقترب من أعلى مستوى له على الإطلاق في يوليو. كما أضاف مؤشر "داو جونز" أكثر من 400 نقطة، مما يعكس الثقة المتزايدة في استقرار الاقتصاد الأمريكي بعد تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي.

ارتفاع أسعار الذهب والعملات المشفرة

تأثرت أسعار الذهب والعملات المشفرة إيجابيًا بتصريحات باول. ارتفعت أسعار الذهب بنحو 1%، محققة مكاسب أسبوعية جديدة، بدعم من توقعات خفض الفائدة. كما شهدت عملة "البتكوين" ارتفاعًا بأكثر من 7% خلال الـ24 ساعة التالية، مخترقة مستوى الـ64 ألف دولار، ما يعكس التفاؤل المتزايد بين المستثمرين.

توقعات خفض أسعار الفائدة

تضع الأسواق الآن احتمالات بنحو 35% لخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية في سبتمبر، مقارنة بنحو 28% قبل تصريحات باول. يُتوقع أن يتماشى الاحتياطي الفيدرالي مع العديد من نظرائه العالميين الذين خففوا السياسة النقدية في ظل تراجع التضخم في مختلف الاقتصادات المتقدمة، مما يعزز توقعات النمو الاقتصادي العالمي.

تخفيضات الفائدة من البنوك المركزية العالمية

في سياق مماثل، قام البنك المركزي الأوروبي بخفض سعر الفائدة على الودائع الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية في يونيو الماضي إلى 3.75%. يُتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار إضافي هذا العام، وسط توقعات بمزيد من التخفيف النقدي. كما قام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة في تصويت حاسم في أغسطس، على الرغم من أن المحافظ أندرو بيلي رفض فكرة فرض سلسلة متتالية من التخفيضات.

مسار التضخم والتوظيف في الولايات المتحدة

أشار باول إلى أن التضخم في الولايات المتحدة انخفض بشكل كبير منذ اشتعاله غير المتوقع في بداية العام، مما عزز ثقته بأن التضخم يسير على مسار مستدام نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. وعلى الرغم من تراجع ضغوط الأسعار، إلا أن سوق العمل أظهرت تحسنًا ملحوظًا. أكد باول أن البنك لم يسعَ إلى مزيد من التهدئة في سوق العمل، مشيرًا إلى أن الأوضاع قد "هدأت بشكل كبير" مقارنة بالفترات السابقة، مما يدعم التفاؤل بتحقيق "هبوط ناعم" للاقتصاد دون التسبب في ضرر اقتصادي غير مبرر.

عاجل