رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

سهم «تسلا» يستهل 2024 بأسوأ بداية عام له منذ الإدراج

نشر
شركة تسلا
شركة تسلا

حققت شركة "تسلا" نجاحاً كبيراً خلال 2023، وتضاعفت قيمة أسهمها السوقية خلال 12 شهراً. لكن شركة إيلون ماسك لصناعة السيارات الكهربائية تستهلّ 2024 بشكل مختلف، إذ تتجه لأسوأ بداية عام لها على الإطلاق.

خسرت الشركة أكثر من 94 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال أول أسبوعين من 2024. وليس من الصعب معرفة السبب، حيث تعرضت مصنعة السيارات الكهربائية ومقرها في أوستن بولاية تكساس الأمريكية لوابل من الأخبار السلبية؛ إذ تواجه السيارات الكهربائية تحولاً مفاجئاً من شركة تأجير السيارات المعروفة "هيرتز غلوبال هولدينجز" (Hertz Global Holdings)، كما قدمت "تسلا" خفضاً آخر في أسعار سياراتها المصنوعة في الصين، فضلاً عن ظهور مؤشرات على ارتفاع تكاليف العمالة.

يأتي كل هذا في مواجهة تباطؤ نمو الطلب على المركبات الكهربائية، خاصة في الولايات المتحدة.

قال جيفري أوزبورن، المحلل لدى "كوين" (Cowen)، في مقابلة: "ما يقلق المستثمرين بشأن (تسلا) هو تباطؤ النمو". تؤجج تخفيضات الأسعار في الصين هذه المخاوف، لأنها بدأت تبدو وكأنها "سباق نحو القاع بالنسبة لصناعة السيارات الكهربائية في ظل المنافسة المحتدمة في تلك السوق".

أكبر ضربة منذ 2010

تعد الضربة التي تلقتها قيمة "تسلا" السوقية في بداية العام الأكبر للشركة خلال الفترة المماثلة، وذلك منذ طرحها للاكتتاب العام في 2010. وبالأرقام، فإن انخفاض سعر سهم "تسلا" بنسبة 12% منذ بداية يناير هو الأسوأ منذ 2016، عندما تراجع سعر السهم 14% خلال أيام التداول التسعة الأولى من العام.

مما يزيد الطين بلة أن احتمالات حدوث تحول وشيك لمصنعة السيارات الكهربائية لا تبدو جيدة. فالشركة تخفض أسعار سياراتها بقوة منذ أوائل 2023 في محاولة لتعزيز الطلب. لكن النتيجة كانت تراجعاً مطرداً لهامش ربحها من مستوياته المرتفعة المعهودة سابقاً. انخفض هامش ربح "تسلا" الإجمالي باستبعاد الائتمانات التنظيمية السابقة للربع الثالث إلى 16.3%، مقارنةً بـ27.9% قبل عام. تتصاعد الضغوط حالياً، خاصةً بعد أن أصبح عمال الإنتاج بمصانع "تسلا" في الولايات المتحدة يحصلون على زيادات في الأجور.

قالت إيفانا ديليفسكا، كبيرة مسؤولي الاستثمار لدى "سبير إنفست" (Spear Invest)، في مقابلة: "نشهد تراجعاً دورياً بالنسبة للمركبات الكهربائية، لكن الديناميكيات التنافسية تؤدي إلى تفاقم الضغوط الدورية. تخفيضات الأسعار وتراجع الهوامش كلها نتيجة لهذه الديناميكيات التنافسية غير المواتية".

مما فاقم هذه المشكلات أن "تسلا" اضطرت إلى إعادة توجيه الشحنات المتجهة إلى مصنعها في برلين بعد العمليات العسكرية الغربية والمخاوف الأمنية في البحر الأحمر، كما أنها علّقت معظم الإنتاج في مصنعها بالقرب من برلين في الفترة من 29 يناير إلى 11 فبراير، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على الأمر.

ليست قوية بما فيه الكفاية

حذرت "تسلا" لأول مرة من تباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية في تقرير أرباح الربع الثالث الذي صدر في أكتوبر الماضي. بعد ذلك مباشرة تقريباً، أبدت شركات صناعة السيارات والموردين في جميع أنحاء العالم توقعاتهم المتشائمة. فقد تراجعت العديد من شركات صناعة السيارات عن خططها للتوسع.

بعد ذلك وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت "تسلا" عن أرقام تسليمات الربع الرابع. ورغم أن الأرقام فاقت توقعات المحللين، إلا أنها جعلت الشركة في المرتبة الثانية بعد "بي واي دي" (BYD) الصينية من حيث مبيعات السيارات الكهربائية عالمياً.

كانت النتيجة بمثابة صحوة قاسية لمستثمري "تسلا". في العام الماضي، فبعد أن كان السهم هو الثامن بين شركات مؤشر "إس آند بي 500" من حيث الأداء، بات في العام الحالي صاحب ثامن أسوأ أداء.

ثروة ماسك تفقد 23 مليار دولار

بطبيعة الحال، تلقى إيلون ماسك ضربة كبيرة على المستوى الشخصي. فقد تراجعت ثروة أغنى شخص في العالم، والتي كانت قد ارتفعت في 2023 أكثر من أي شخص آخر على هذا الكوكب، لتنخفض بمقدار 23 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ للمليارديرات". استعاد ماسك المركز الأول في مؤشر "بلومبرغ للثروة" العام الماضي، متجاوزاً برنارد أرنو، لكن جيف بيزوس يقترب الآن بسرعة من الصدارة، بثروة قيمتها 179 مليار دولار مقابل 206 مليارات دولار لماسك حتى إغلاق يوم الجمعة.

يأتي الجزء الأكبر من صافي ثروة ماسك من حصته البالغة 13% في "تسلا"، وحوالي 304 ملايين خيارات أسهم قابلة للتنفيذ. كما يمتلك نحو 42% من شركة "سبيس إكس" (SpaceX) التي تقدر قيمتها بنحو 53 مليار دولار، بحسب مؤشر "بلومبرج للثروة".

لا تزال في الصدارة

رغم كل ما يقال، لا تزال "تسلا" لاعباً رئيسياً في التحول العالمي من السيارات العاملة بالغاز إلى السيارات الكهربائية إلى حد كبير. والسبب في ذلك أنها متقدمة بفارق كبير عن منافسيها المحتملين. ربما تفوقت "بي واي دي" الصينية على "تسلا" في عدد السيارات المُباعة، لكنها لا تزال متخلفة عنها في الإيرادات والأرباح. ولا تبيع "بي واي دي" السيارات في الولايات المتحدة، حيث لا تزال "تسلا" تحظى بالمكانة الريادية في هذه السوق.

من نواحٍ عديدة، قد تكون أكبر مشكلة تواجهها "تسلا" هي نجاحها السابق والأمل الذي راودها نتيجة هذا النجاح. ومع تهافت المستثمرين على السهم، تضخمت قيمة "تسلا" السوقية، مما يجعلها أكبر بكثير من أي شركة صناعة سيارات أخرى في العالم. ومع ذلك، مع تسعير الأسهم للوضع المثالي، فإن ذلك جعلها أيضاً عُرضة بشدة لردود الأفعال العنيفة نتيجة أي أخبار سلبية.

لهذا السبب يجادل الكثير من مؤيدي "تسلا" بأنه لا ينبغي مقارنتها بشركات السيارات التقليدية.

بالنسبة لهم، القيمة الحقيقية النهائية للشركة تكمن في المستقبل، فـ"تسلا" تأمل في تطوير أول مركبات ذاتية القيادة حقاً. المشكلة الوحيدة هي أن "تسلا" تتعهد بذلك منذ سنوات، ويقول معظم الخبراء إن التكنولوجيا لا تزال أمامها سنوات لترى النور، وربما حتى عقود.

قال ديليفسكا من "سبير": "(تسلا) لم تكن قادرة على الوفاء بوعود القيادة الذاتية الكاملة والذكاء الاصطناعي، والتي تم تضمينها بالفعل في التقييم.. ونظراً، لكونها مجرد شركة صناعة سيارات، فتقييمها لن يخفض إلى 750 مليار دولار".

عاجل