تجار الغاز يلتقطون إشارات مبكرة لزيادة الطلب في أوروبا

بدأت شركات تجارة الغاز الطبيعي في أوروبا تلاحظ علامات مبكرة على أن الطلب قد يرتفع هذا الشتاء، ما يفاقم المخاطر في السوق التي تركز بشكل مكثف على صدمات العرض.

ارتفع الاستهلاك بنسبة 1% في أكتوبر الماضي، مسجلاً أول زيادة سنوية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب في ارتفاع قياسي بأسعار الطاقة، ما اضطر الشركات والأسر إلى كبح الطلب، بحسب غارغلي مولنار المحلل في وكالة الطاقة الدولية.

من جانبه، قال جيورجي فارغا الرئيس التنفيذي لشركة تجارة الغاز السويسرية "إم إي تي إنترناشيونال" (MET International AG) في مقابلة على هامش مؤتمر في لندن الأسبوع الماضي: "شهدنا عودة قدر من الطلب" من القطاع الصناعي، مضيفاً أنه يتابع هذه التطورات للوقوف على ما إذا كان الاستهلاك المحلي سيعود إلى مستويات ما قبل الأزمة أم لا.

أفلتت أوروبا في الشتاء الماضي من أزمة انقطاع تيار كهربائي، على الرغم من انخفاض قياسي في إمدادات الغاز من روسيا. يرجع ذلك جزئياً إلى الانخفاض الحاد في الطلب على الغاز في تاريخ القارة بسبب الطقس المعتدل نسبياً، وزيادة استخدام كل من الفحم ومصادر الطاقة المتجددة، وتدابير توفير الطاقة التي اتخذتها المنازل والشركات.

الآن، قد يعود استخدام الكهرباء في الأسواق الأوروبية الرئيسية إلى مستويات ما قبل الأزمة بحلول يناير المقبل، بحسب توقعات "بلومبرغ إن إي إف". كذلك يُتوقع أن يتراجع الانخفاض في الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو خلال الربع الأول، وفقاً لمسح أجرته "بلومبرغ" بين عدد من الاقتصاديين.

أشار كريستوف براند، الرئيس التنفيذي لشركة التجارة السويسرية "أكسبو هولدينغ" (Axpo Holding AG)، إلى "علامات" من بعض العملاء بأنهم يعتزمون إعادة استهلاك الغاز.

قد تكون هذه كلها علامات تحذيرية لسوق لا تزال تحاول تعزيز أمن الطاقة بعد شتاء قاسٍ.

تراجعت عقود الغاز في أوروبا، وهي مجرد جزء بسيط من الأسعار القياسية المسجلة في العام الماضي، بنحو 40% منذ بداية عام 2023.

ومع ذلك، يبدو أن التقلبات سوف تستمر لفترة طويلة. أدت أعمال الصيانة التي كانت أقل من المتوقع في النرويج هذا الصيف، والإضرابات بمنشآت التصدير في أستراليا خلال سبتمبر، والتصعيد العسكري بين إسرائيل و"حماس"، إلى تقلبات حادة في الأسعار اليومية.

انخفاض الطلب بالقطاع الصناعي

في العام الماضي، خفض الاتحاد الأوروبي استهلاكه للغاز بمقدار 55 مليار متر مكعب، أو ما يعادل 13%، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. وانخفض الطلب في القطاع الصناعي بنحو 25%، وفقاً لبيانات الوكالة.

من المؤكد أن انتعاش الطلب لا يزال هشاً، و"يعتمد بشكل كبير على التطور المستقبلي لأسعار الغاز"، حسبما أوضح مولنار من وكالة الطاقة الدولية. وربما تستمر بعض التغييرات في الاستهلاك لفترة أطول.

يُتوقع أن تستهلك ألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في القارة، أقل كمية من الطاقة في أكثر من ثلاثة عقود هذا العام، حتى أقل مما كانت عليه في عام 2022، عندما تضررت بشدة من الأزمة.

مع ذلك، يراقب التجار علامات التغيير في مشهد الطلب، وهو أمر يثير قلق الأسواق على المدى الطويل، بالإضافة إلى مخاطر العرض. ومن المتوقع أن تكون أسعار الغاز في شتاء 2024-2025 أعلى من العام الماضي.

قال فارغا، من شركة "إم إي تي"، إن بعض عقود توريد الغاز للقطاعين الصناعي والسكني تبدأ في أكتوبر ويناير، مما سيحدد مستويات الاستهلاك بشكل أكبر.

سيظل الطقس مشكلة كبيرة، وفقاً لكولين بارفيت، نائب رئيس التكرير في شركة "شيفرون" (.Chevron Corp).

ويبدو أن أوروبا تحظى بإمدادات جيدة في الوقت الحالي، في ظل توفر مخزونات وقود قياسية، لكن إذا أصبح الجو بارداً بالفعل، مع انخفاض توليد الرياح وارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال في آسيا، يمكن أن تتسارع عمليات السحب من المخزونات، وهو ما يجعل الأسعار مرشحة للارتفاع مجدداً. قال بارفيت: "لم يعد الوضع مستقراً بالنسبة لنا بعد. هناك خطر بسبب التقلبات".