هبوط متوقع لـ اليورو بعد بلوغه أعلى مستوى في 17 شهراً أمام الدولار
يقف اليورو عند أعلى مستوياته على الإطلاق، وفق بعض المؤشرات، ويتهيأ على الأغلب لتراجعٍ في حال بدأت قوته في تقويض اقتصاد منطقة اليورو بصورة تجبر البنك المركزي الأوروبي على تبني سياسة ميسرة.
سجّل ما يُعرف بسعر صرف العملة الموحدة الاسمي الفعال، والذي يقارنه بعملات الشركاء التجاريين لمنطقة اليورو، أقوى مستوى له على الإطلاق. أيضاً يقترب اليورو من أعلى مستوى له أمام اليوان في ثلاثة أعوام، ما يضعف على الأغلب جاذبية صادرات المنطقة في وقت أظهرت به مجموعة من البيانات أن الاقتصادين الأوروبي والصيني يتداعيان.
قال مارك دراغتين، مدير أسعار الصرف التقديرية لدى "إنسايت إنفستمنت"، إن قوة اليورو تمثل مصدر قلق "بالتأكيد" للبنك المركزي الأوروبي، وأضاف: "أوروبا تبيع كميات كبيرة من المنتجات للصين… وبالتالي ينبغي أن تقلق بشأن الطلب عندما يكون الاقتصاد الصيني متباطئاً".
مكاسب غير مستقرة
رغم أن البنك المركزي الأوروبي ينظر إلى مجموعة أخرى من مقاييس العملة بخلاف السعر الفعال الاسمي، فقد بدأت مكاسب العملة المشتركة تبدو غير مستقرة.
يُتداول اليورو قرب أعلى مستوى في 17 شهراً أمام الدولار، مرتفعاً بأكثر من 18% منذ انخفاضه إلى ما دون التكافؤ مع العملة الخضراء في سبتمبر، نظراً لتبني البنك المركزي الأوروبي دورة التشديد النقدي الأقوى في تاريخه. كما صعد أيضاً مقابل الين وقفز مؤخراً مقابل الجنيه الإسترليني.
تظهر المؤشرات الفنية أن العملة في مرحلة ذروة الشراء، وهناك انعكاس في الاتجاه الهبوطي في مؤشر قوة اليورو النسبية لمدة تسعة أسابيع فيما بدأ مؤشر قناة السلع -الذي يقيس الأسعار الحالية مقارنة بالمستويات التاريخية- يسجل تراجعاً، مشيراً إلى خسائر مستقبلية.
قال براد باتشيل، الاستراتيجي في "جيفريز": "زوج اليورو دولار لن يرتفع من هذا المستوى.. وهذا معروف".
إذا خففت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، من حدة خطاب التشديد لمكافحة التضخم عندما يجتمع المسؤولون يوم الخميس، فقد يتخذ اليورو نفس مسار الجنيه الإسترليني، حيث اصطدمت سلسلة مكاسب العملة البريطانية بالحائط عندما جاءت بيانات نمو الأسعار في المملكة المتحدة بطيئة بشكل مفاجئ الأسبوع الماضي.
وفي هذا الصدد، يقول باتشيل: "اليورو والجنيه الإسترليني قيمتهما أعلى قليلاً مما ينبغي"، متوقعاً أن يهبط اليورو إلى نحو 1.1080 دولار من نحو 1.1114 يوم الجمعة.
كذلك، يتوقع محللون استطلعت "بلومبرج" آراءهم أن يهبط اليورو إلى 1.10 دولار بحلول سبتمبر قبل أن يرتفع إلى 1.12 دولار بنهاية العام.
رأي استراتيجيي "بلومبرج":
"على أساس فروق أسعار الصرف، يُفترض أن يُتداول اليورو دون 1.10 دولار، أما التقدم لمستويات غير مشهودة منذ 17 شهراً فهو مدعوم بالطلب على عقود الخيارات رغم عدم تغير شيء تقريباً على صعيد الاقتصاد الكلي. كان ميل السوق للمبالغة في رد الفعل على سيناريو إنهاء الفيدرالي لدورة التشديد كان حاضراً مجدداً، وهناك حاجة لمحفز جديد حتى تستأنف العملة المشتركة اتجاهها الصعودي".
قد تتناول رسائل البنك المركزي الأسبوع الجاري لقوة العملة، حسبما يرى جون هاردي، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في "ساكسو بنك"، مرجحاً "أن يكون (المركزي الأوروبي) قلقاً بشأن العملة ويدرك أنها تهدد جانب نمو الاقتصاد".
"الاختبار المهم"
يتوقع كثيرون أن يرفع المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى 3.75% يوم الخميس، وسيدقق المستثمرون في تعليقات لاجارد بحثاً عن إشارات حول احتمال تطبيق زيادة أخرى في سبتمبر.
جاءت البيانات الاقتصادية الأحدث من منطقة اليورو دون التوقعات، مما أدى إلى انخفاض مؤشر المفاجأة الاقتصادية الصادر عن "سيتي"، الذي يقيس مفاجآت البيانات مقارنة بتوقعات السوق. تباين أداء المقياس عن نظيره في الولايات المتحدة خلال الشهرين الماضيين.
ستساعد سلسلة البيانات الاقتصادية المقرر صدورها هذا الأسبوع صانعي السياسة على تحديد خطواتهم التالية، وتشمل أرقام مؤشر مديري المشتريات في فرنسا وألمانيا ومنطقة اليورو اليوم الإثنين والتي يُرجح أن تسجل تباطؤاً، ويوم الثلاثاء، ستصدر مؤشرات توقعات المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية "IFO" التي يتم متابعتها على نطاق واسع. ويوم الجمعة، ستصدر فرنسا تقرير الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، والتوقعات ترجح تباطؤ النمو على أساس سنوي.
قال كيت جوكس، استراتيجي العملات في "سوسيته جنرال": "الاختبار المهم سيكون النمو… يحتاج الاقتصاد الأوروبي أن يثبت مرونة أكبر".