«الميراث ليس كالصلاة».. فتوى سعد الدين الهلالي تفجّر الجدل والأزهر يرد ببيان حاسم

أثار الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حالة من الجدل، بعد تصريحاته التليفزيونية الأخيرة التي قال فيها إن الميراث "حق" وليس "فريضة" كالصلاة والصوم، وإن "المساواة في الميراث قرار يخص الشعب ولا يعارضه الإسلام"، ما دفع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية للرد ببيان حاد اللهجة يؤكد فيه أن نصوص المواريث قطعية الثبوت والدلالة ولا تقبل الاجتهاد أو التغيير.
"الفتوى تثير الجدل".. الأزهر يحذر من التشكيك في أحكام الميراث
وأكد مركز الفتوى، في بيانه، أن "الدعوة لصنع تدين شخصي، أو لإصدار قانون فردي يخالف أحكام الشرع، يُعد افتئاتًا على الدين وولي الأمر، ويمثل إعادة إنتاج لأفكار تيارات متطرفة منحرفة"، مشيرًا إلى أن تجديد علوم الدين لا يتم عبر وسائل الإعلام أو على يد غير المتخصصين.
وأضاف المركز أن صدمة الجمهور باستدلالات خاطئة لتحليل الحرام أو تحريم الحلال تُعد جريمة فكرية تهدد الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي، مشددًا على أن التشكيك الممنهج في الشريعة وربط المشكلات المجتمعية بها، يمثل خطرًا فكريًا وسلوكيًا يمهد للتطرف والانحراف.
وفي معرض الرد على سعد الدين الهلالي، اعتبر البيان أن تفسير "أولي الأمر" الوارد في القرآن على أنه "الشعب" يعد شذوذًا تأويليًا، ودعوة لتمرير تشريعات تخالف أحكام الشريعة، بما يخل بمبدأ "ولاية الأمر"، ويُعيد إنتاج أطروحات الجماعات التكفيرية والمتطرفة، بحسب وصفه.
تحذير من التشكيك و"التدين الفردي"
وتابع البيان بأن محاولات خلق صراع بين الفقه الإسلامي والقانون المصري زيف فكري، موضحًا أن أغلب التشريعات المصرية مستمدة من أحكام الشريعة، وأن المادة الثانية من الدستور المصري تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
وحذّر الأزهر من دعوات التمرد على القانون بزعم "الحق في التفسير الشخصي"، معتبراً إياها من إفرازات فكر "الفردانية"، التي تمنح الأفراد حرية تشكيل تدينهم وقوانينهم الخاصة وفقًا للأهواء، وهو ما يؤدي – بحسب البيان – إلى فوضى فكرية ومجتمعية تهدد الاستقرار.
الميراث في الإسلام.. "نصوص محكمة"
وأكد البيان أن أحكام المواريث في الإسلام قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التعديل، وأنها جاءت بنصوص واضحة في القرآن الكريم، الذي تولى بنفسه تقسيم التركات لأهميتها وخطورة النزاع حولها، مضيفًا أن هذه الأحكام مرتبطة بمنظومة تشريعية كاملة تشمل قضايا النفقة والواجبات المالية داخل الأسرة.
وشدد المركز على أن تجديد الفكر الديني "مهمة العلماء المتخصصين"، داخل الأروقة العلمية، وليس على شاشات الفضائيات، مشيرًا إلى أن التطرف الفكري قد يكون في اتجاه الجمود المطلق أو في اتجاه تفكيك الشريعة تحت لافتة التجديد.
وكان الدكتور سعد الدين الهلالي قد صرّح، خلال ظهوره في أحد البرامج، بأن "الميراث لا يُعد فريضة كالعبادات، بل هو حق يمكن تغييره إذا ارتأى المجتمع ذلك"، مضيفًا: "لا يوجد نص قرآني يمنع المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، والإسلام لا يرفض هذا الأمر إن قرره الناس".
وقد قوبلت تلك تصريحات سعد الدين الهلالي بانتقادات واسعة في الأوساط الدينية، وسط مطالبات بضبط الخطاب الديني في وسائل الإعلام والالتزام بما تقرره المؤسسات الرسمية.