الأسهم الآسيوية الناشئة تنتعش مع تراجع قوة الدولار وتهدئة الرسوم الجمركية

بدأ المستثمرون يعيدون النظر في الأسهم الناشئة بالأسواق الآسيوية، بالتزامن مع تراجع قوة الدولار وتهدئة حدة الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية. وخلال الأيام الخمسة المنتهية يوم الجمعة، ضخ مديرو الأموال أكثر من 700 مليون دولار في أسهم الأسواق الناشئة الآسيوية، باستثناء الصين، لينتهي بذلك مسلسل التدفقات الخارجة الذي استمر لسبعة أسابيع متتالية.
سجل مؤشر "إم إس سي آي" للأسهم الإقليمية (باستثناء الصين) ارتفاعًا بنسبة 1.8% خلال الأسبوع الماضي، مما ساهم في تقليص الخسائر التي تكبدها المؤشر على مدار الأشهر الستة الماضية إلى حوالي 12%.
تحسن المعنويات مع تخفيف الرسوم الجمركية
تزايدت الإشارات على إمكانية انتعاش الأسهم الإقليمية بعد عام من الأداء الضعيف مقارنةً بالأسواق العالمية، بسبب قوة الدولار والمخاوف من تداعيات الحرب التجارية. وعلى الرغم من المكاسب الأخيرة، لا تزال الأسهم الآسيوية الناشئة تُتداول عند مستويات تقييم منخفضة، إذ يبلغ مضاعف الربحية المتوقع 15 مرة، مقارنةً بـ 22 مرة لمؤشر "إس أند بي 500".
أوضح هان بيو ليو، مدير الصندوق في "مارتيري آست مانجمنت" بسنغافورة، أن تراجع شدة الرسوم الجمركية، إلى جانب ضعف الدولار وخفض أسعار الفائدة، يعزز بيئة أكثر دعمًا للنمو. وأكد أن الحواجز التجارية الأقل قد تكون دافعًا لاستمرار الزخم الإيجابي في هذه الأسواق.
انخفاض الدولار يدعم الاقتصادات الناشئة
تراجع مؤشر "بلومبرغ" للدولار بأكثر من 3% عن أعلى مستوياته منذ فبراير، مع انحسار المخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية. يُنظر إلى ضعف الدولار كعامل إيجابي للأسواق الآسيوية، حيث تعتمد العديد من الاقتصادات على استيراد المواد الخام المسعرة بالدولار الأميركي. كما يمنح انخفاض العملة الأميركية البنوك المركزية مساحة أكبر لتخفيض أسعار الفائدة، مما يعزز النمو الاقتصادي.
أشارت البيانات إلى أن مديري الأصول خفضوا رهاناتهم على صعود الدولار لأربعة أسابيع متتالية حتى 11 فبراير، في إشارة إلى تراجع الثقة في استمرار ارتفاع العملة الأميركية.
التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يعززان أسهم آسيا
إلى جانب تراجع التوترات التجارية، تلقت الأسهم الإقليمية دفعة إضافية من طفرة الذكاء الاصطناعي، بعد إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية تقنية جديدة حفزت الطلب على أسهم التكنولوجيا في أنحاء آسيا. يُعزى هذا إلى التفاؤل بإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من القطاعات، مثل السيارات والتجارة الإلكترونية، مما يفتح أبوابًا جديدة للنمو.
أكد أندرو سوان، رئيس الأسهم الآسيوية باستثناء اليابان في "مان غروب" بسيدني، أن انخفاض تكلفة الذكاء الاصطناعي وزيادة كفاءته سيفتح المجال أمام موجة جديدة من الابتكار، وهو ما يمنح الشركات الآسيوية ميزة تنافسية قوية.
المخاوف مستمرة لكن الفرص مغرية
ورغم التحسن الحالي، تبقى الأسواق الناشئة تحت تهديد احتمالية تصعيد الرسوم الجمركية مجددًا. فقد شدد ترمب خطابه مؤخرًا، ملمحًا إلى إمكانية فرض رسوم بنسبة 25% على واردات السيارات وأشباه الموصلات والأدوية، مع توقعات بصدور قرارات حاسمة بحلول أبريل المقبل.
ومع ذلك، يرى مديرو الاستثمار أن هذا التراجع السابق خلق فرصًا مغرية للدخول مجددًا. أوضح ويليام يون، مدير الاستثمار في "إنفسكو هونغ كونغ"، أنه عزز انكشافه على أسواق "آسيان"، مثل إندونيسيا والفلبين، مستفيدًا من التقييمات المنخفضة للأسهم رغم قوة الأداء الأساسي للشركات.
وأضاف يون: "بيعت الأسهم بسبب عوامل الاقتصاد الكلي، لكننا نرى إمكانيات كبيرة للنمو والربحية في الأفق".
بهذه التطورات، يبدو أن الأسواق الناشئة في آسيا قد تدخل مرحلة جديدة من التعافي، مدعومة بتراجع الدولار، تخفيف الرسوم الجمركية، وطفرة التكنولوجيا. ومع مراقبة قرارات السياسة التجارية الأميركية عن كثب، يظل المستثمرون متفائلين بإمكانية استمرار الزخم الإيجابي في الأشهر المقبلة.