الإفتاء: نشر الأخبار الكاذبة لرفع أسعار الأسهم في البورصة محرم شرعًا
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال من رجل يتعامل في البورصة، يستفسر عن حكم نشر بعض الأشخاص لأخبار خاطئة لا أساس لها من الصحة بهدف رفع أسعار الأسهم. وجاء الرد واضحًا من دار الإفتاء، حيث أكدت أن هذه الممارسات تُعتبر من الكذب والخداع وتندرج تحت مسمى "النجش" المحرم شرعًا، مشيرة إلى أن من يقوم بذلك عاصٍ لله عز وجل.
تفاصيل الفتوى
حذَّرَ الشرع الشريف من الكذب بشكل عام، كما شدد على تحريمه في عمليات البيع والشراء على وجه الخصوص. وقد وردت العديد من النصوص التي تحذر من الكذب وتوضح عواقب هذا الفعل، ومن بينها الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ... وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ"، والذي أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه". كما جاء في حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ"، مما يعكس خطورة هذا الفعل في الإسلام.
علاوة على ذلك، شدد القرآن الكريم على ضرورة تجنب نشر الأكاذيب والأقاويل المظنونة التي لا أساس لها من الصحة، حيث قال تعالى: "إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ" [النور: 15]. وحذر الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" من نشر الأخبار التي لا يُعلم صدقها، واعتبر ذلك بمثابة الإخبار عن شيء كاذب.
حكم نشر أخبار خاطئة لرفع أسعار الأسهم
أما في ما يتعلق بنشر بعض الأخبار الكاذبة بهدف رفع أسعار الأسهم، فقد أكدت دار الإفتاء أن هذا الأمر محرم شرعًا. فالتحذير من الكذب يتضاعف حينما يكون الهدف منه خداع الناس للحصول على أموالهم بغير حق. ويُعتبر هذا النوع من التصرفات بمثابة "نجش"، وهو نوع من الخداع في البيع والشراء، حيث يقوم الشخص بزيادة ثمن السلعة أو رفع سعرها بطرق غير مشروعة. وقد أشار الفقهاء إلى أن "النجش" هو خِداع المشتري والتغرير به، سواءً كان ذلك بزيادة في السعر أو مدح السلعة بما ليس فيها.
إجماع الفقهاء على تحريمه
وقد أكدت الأحاديث النبوية الشريفة حرمة هذا الفعل، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تَنَاجَشُوا"، وهو حديث متفق عليه. وقد نقل الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" إجماع العلماء على تحريمه، مشيرًا إلى أن هذا التصرف هو من باب المكر والخداع، ولا يجوز فعله في أي حال من الأحوال.
وفي الختام، تؤكد دار الإفتاء المصرية على أن أي ممارسات تهدف إلى خداع الناس من خلال نشر معلومات كاذبة لرفع أسعار الأسهم تُعد جريمة شرعية، ويجب على الأفراد تجنب هذا الفعل والالتزام بالصدق والأمانة في تعاملاتهم المالية.
