رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

مفتي الجمهورية: دار الإفتاء تواكب المستجدات باستخدام الذكاء الاصطناعي مع مراعاة الضوابط الشرعية

نشر
ندوة علمية بعنوان
ندوة علمية بعنوان "الفتوى والاقتصاد"

شهد جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم السبت، ندوة علمية بعنوان "الفتوى والاقتصاد"، بحضور فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إلى جانب سماحة الحبيب علي الجفري، رئيس مجلس إدارة مؤسسة طابة، والأستاذ الدكتور فياض عبد المنعم، وزير المالية الأسبق.

ناقشت الندوة العلاقة بين الفتوى والاقتصاد في ظل التحديات المعاصرة، خاصة في ظل التطورات التقنية والاقتصادية العالمية، وركزت على أهمية إيجاد حلول شرعية تدعم التنمية الاقتصادية وتحافظ على القيم الإسلامية.

مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي في خدمة الإفتاء

أعرب فضيلة مفتي الجمهورية عن تقديره للمشاركين في الندوة، مشيرًا إلى أهمية تناول قضية الفتوى والاقتصاد في عالم سريع التغير، حيث تفرض المستجدات التقنية والاقتصادية ضرورة تطوير أدوات الإفتاء لمواكبة هذه التحولات.

وأكد فضيلته أن دار الإفتاء المصرية بدأت بالفعل في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين منظومة الإفتاء، موضحًا أن هذه التقنيات تساعد في تقديم خدمة دينية أكثر دقة وموثوقية، شريطة أن يكون هناك توازن بين الابتكار التقني والضوابط الشرعية للحفاظ على القيم الدينية والمجتمعية.

وأضاف أن دار الإفتاء بحثت بالفعل آليات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تقديم الفتاوى، لضمان تطوير الخدمات الدينية بما يتناسب مع احتياجات العصر، مع الحذر من المخاطر المحتملة لهذه التقنية.

الحبيب علي الجفري: الاستقلال الاقتصادي شرط لامتلاك القرار السياسي

استهل سماحة الحبيب علي الجفري كلمته بالدعاء لأهل غزة والثناء على موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية، ثم طرح تساؤلًا محوريًا: هل يمكن الجمع بين التنمية الاقتصادية والالتزام بشرع الله؟ وأجاب بأنه يمكن تحقيق ذلك عندما يكون المصدر واحدًا، وتسعى الأمة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والصناعة والتكنولوجيا.

وأشار إلى أنه إذا لم تستطع الأمة الجمع بين الاقتصاد والدين، فإن ذلك يعد تقصيرًا شرعيًّا، مستشهدًا بواقعة من شبابه عندما سأل الشيخ محمد متولي الشعراوي عن كيفية استقلال الأمة بقرارها، فأجابه: "يا ولدي، عندما يكون أكلنا من فأسنا، يكون كلامنا من رأسنا"، في إشارة إلى أهمية الاعتماد على الإنتاج المحلي لتعزيز الاستقلال الاقتصادي والسياسي.

كما تحدث عن الجانب الأخلاقي في الاقتصاد العالمي، متسائلًا: "كيف يمكن للعالم، رغم تقدمه العلمي والتقني، أن يفشل في حل مشكلات مثل الجوع والصراعات الاقتصادية؟" ودعا إلى تجاوز مرحلة التشكيك في المؤسسات الدينية والإفتائية، محذرًا من الأصوات التي تهاجم هذه المؤسسات دون علم أو دراية.

دور الفتوى في حل الأزمات الاقتصادية

أكد الحبيب الجفري أن الفتوى يجب أن تعالج المشكلات الاقتصادية المعاصرة، مشيرًا إلى أن الاقتصاد علم اجتماعي وإنساني يهدف إلى تحقيق رفاهية البشر وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

ودعا إلى توسيع مفهوم الزكاة ليشمل آفاقًا تنموية أوسع، بحيث لا تقتصر على مجرد أداء الفريضة، بل تمتد إلى مشروعات تنموية تسهم في بناء المجتمعات، كما شدد على ضرورة حث الفقراء على العمل والإنتاج بدلًا من الاقتصار على تقديم المساعدات.

فياض عبد المنعم: الفتوى ركيزة أساسية في التوجيه الاقتصادي

من جانبه، أوضح الدكتور فياض عبد المنعم، وزير المالية الأسبق، أن الفتوى يمكن أن تكون أداة لحل الأزمات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الاقتصاد هو علم متطور يهتم بإدارة الموارد لتحقيق التنمية المستدامة.

وأكد أن الإسلام لم يكن يومًا دينًا منعزلًا عن الشؤون الاقتصادية، بل أولى الاقتصاد أهمية خاصة منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث وضع نظمًا اقتصادية مثل الزكاة والوقف وبيت مال الأمة لضمان حقوق الفقراء وتحقيق التوازن الاجتماعي.

وأضاف أن الفقهاء على مر العصور أسهموا في تطوير الحلول الاقتصادية من خلال الاجتهاد الفقهي، وابتكروا مفاهيم مثل "فروض الكفاية"، التي تعكس أهمية التكامل بين الشريعة والاقتصاد لتحقيق التنمية العادلة.

الاقتصاد الرقمي وتحديات المستقبل

أشار وزير المالية الأسبق إلى أن الاقتصاد الرقمي أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله، حيث غيرت التكنولوجيا الحديثة معادلات الإنتاج والاستهلاك والتوزيع، مؤكدًا أن هذا التحول سيؤدي إلى مجتمع بلا نقود ورقية، وهو ما يتطلب إعادة النظر في الأنظمة المالية والنقدية وفق رؤية شرعية تحقق التوازن بين المنافع والمخاطر.

وأوضح أن الاقتصاد الرقمي سيؤدي إلى اختفاء بعض الوظائف التقليدية، مما يستدعي من الدول، وعلى رأسها مصر، الاستثمار في تنمية المهارات الرقمية والتدريب على التقنيات الحديثة لضمان تكيف القوى العاملة مع المتغيرات الجديدة.

وأضاف أن الرأسمالية العالمية تفتقر إلى البعد الأخلاقي، مما يؤدي إلى الأزمات الاقتصادية والاحتكارات الظالمة، مشددًا على أن الإسلام قدم منهجًا اقتصاديًّا متوازنًا يحفظ الحقوق ويحقق العدالة الاجتماعية.

ختام الندوة.. دعوة إلى فهم الاقتصاد بوعي علمي وشرعي

في ختام الندوة، وجه الدكتور فياض عبد المنعم نصيحة إلى الجمهور بعدم أخذ الفتاوى الاقتصادية إلا من المتخصصين، نظرًا لتعقيد القضايا الاقتصادية وارتباطها بتحولات عالمية مستمرة، مشددًا على ضرورة التسلح بالعلم والمعرفة لفهم الواقع الاقتصادي بشكل صحيح.

كما أكد المشاركون في الندوة على أهمية الدمج بين الفقه والاقتصاد لمواجهة التحديات الحديثة، وضرورة تعزيز دور الفتوى في بناء أنظمة اقتصادية عادلة ومستدامة، بما يحقق التنمية الشاملة ويحافظ على القيم الإسلامية في عالم متغير.

عاجل