مؤشرات الأسهم الأمريكية تهبط بضغط من توقعات "وول مارت" وأداء البنوك

انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية من أعلى مستوياتها، بعدما أضافت التوقعات المخيبة للآمال من أكبر بائع تجزئة في العالم، إلى القلق بشأن المحرك الرئيسي لأكبر اقتصاد في العالم.
هبطت أسهم شركة "وول مارت"، أول بائع تجزئة ضخم يعلن عن نتائج أعماله بعد موسم العطلات، بنسبة 6.5%. أقر كبير مسؤوليها الماليين بـ"عدم اليقين المتعلق بسلوك المستهلك، والظروف الاقتصادية والجيوسياسية العالمية".
جاء ذلك بعد أيام فقط من إشارة مبيعات التجزئة إلى تراجع مفاجئ من قبل المستهلكين. كما أثر انخفاض أسهم البنوك الكبرى على التداول، حيث هبطت أسهم كلّ من "جي بي مورجان تشيس" و"جولدمان ساكس" بأكثر من 3.8%.
"وول مارت" تبدأ العام بتوقعات متحفظة
تميل شركات التجزئة مثل "وول مارت" إلى الأداء الجيد خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة. وعادة ما تبدأ "وول مارت" العام بتوجيهات متحفظة. لكن المستهلكين يتعاملون مع تضخم عنيد، وتكاليف اقتراض عالية، ويلجأ الكثيرون إلى بطاقات الائتمان والديون الأخرى لدعم إنفاقهم، وسط ارتفاع عدد القروض التي تتجه لأن تصبح معدومة.
قال مات مالي من شركة "ميلر تاباك + كو" إن "تصريحات وول مارت تثير المزيد من المخاوف بشأن حالة المستهلك". وأضاف: "لقد رأينا بالفعل بعض الأرقام المخيبة للآمال للغاية بشأن ثقة المستهلك، وكانت بيانات مبيعات التجزئة الأسبوع الماضي أقل بكثير من المتوقع"، مضيفاً أن هذه العوامل "تثير تساؤلات حول مدى قوة النمو خلال بقية هذا العام".
مخاوف من آثار سياسات ترامب
تؤثر هذه الشكوك على سوق تتعامل مع مخاطر تتراوح من التعريفات الجمركية إلى التضخم والتوترات الجيوسياسية والتقييمات. بعد ارتفاعها بأكثر من 20% العام الماضي، تخلفت الأسهم الأميركية عن نظيراتها العالمية، مع فشل مؤشر "إس آند بي 500" في تحقيق اختراقات ذات مغزى، خلال المرات الثلاث التي أغلق فيها عند مستوى قياسي في عام 2025.
قال فؤاد رزاق زادة من "سيتي إندكس" و"فوركس دوت كوم": "قد يكون التصحيح ضرورياً في وقت قريب لاستعادة تقييم أكثر جاذبية للأسهم الأميركية. وفي حين لا توجد علامات تحذيرية واضحة حتى الآن، فمن المفيد التركيز على الإشارات التي قد تضع توقعات المؤشر على مسار هبوطي في الأمد القريب".
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.4%، ومؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.5%، كما خسر مؤشر "داو جونز" الصناعي 1%. انخفض مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة بنسبة 0.9%. هبط مؤشر "كيه بي دبليو بنك" للبنوك بنسبة 2.4%، وانخفض مؤشر "العظماء السبعة" (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) بنسبة 0.6%.
نزل العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 4.50%. وانخفض مؤشر "بلومبرج" للدولار الفوري بنسبة 0.7%. وقاد الين المكاسب في العملات الرئيسية، وسط رهانات على أن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة عاجلاً وليس آجلاً.
سلوك "متسق ومرن" للمستهلك الأمريكي
"أثارت وول مارت، التي تعد مؤشراً للإنفاق الاستهلاكي، علامة تحذيرية أخرى، في وقت تهدد فيه التوترات التجارية المتزايدة برفع تكاليف السلع"، كما قال خوسيه توريس من شركة "إنتر أكتيف بروكرز".
قبل انخفاض يوم الخميس، تضاعفت أسهم "وول مارت" منذ ديسمبر 2023، وهو ما لم يترك مساحة للشعور بخيبة الأمل. على الرغم من ردة فعل السوق، فإن توقعات الشركة أكثر دقة مما تبدو عليه. في الواقع، تعكس بعض العوامل الرئيسية، والتي لا تعني بالضرورة وجود مؤشرات سيئة في أعمال الشركة.
بالإضافة إلى ذلك، قال المدير المالي جون ديفيد ريني أيضاً، إن سلوك المستهلك ظل "متسقاً ومرناً"، مشيراً إلى أن شهر يناير الماضي كان أقوى شهر خلال الربع.
بصرف النظر عن عمليات البيع في أسهم الشركات المرتبطة بنشاط الاستهلاك، كانت أسهم البنوك من بين المجموعات الأكثر تضرراً.
استشهد جيسون جولدبرج من "باركليز" بتوقعات "وول مارت" وانكماش مؤشر "كونفرنس بورد" الاقتصادي الرائد، كعوامل تغذي المخاوف الاقتصادية الكلية. ولكن هناك أيضاً حقيقة مفادها أن البنوك "حققت أداءً لائقاً" أدى إلى "جني بعض الأرباح"، كما كتب المحلل.
الأسهم تشهد تخفيفاً للمخاطر
قال دان وانتروبسكي من شركة "جاني مونتجومري سكوت" إن الأسهم الأميركية تشهد بعض عمليات تخفيف المخاطر على نطاق أوسع اليوم".
بينما يظل نمط التوحيد العام سليماً وصحياً في هذا الوقت، يقول وانتروبسكي إنه يراقب مستوى الدعم الرئيسي ضمن نطاق 5950 إلى 6000 نقطة لمؤشر "إس آند بي 500".
وأضاف أن "إغلاق المؤشر دون هذه العتبة، يفتح الباب أمام انخفاض أكبر نحو المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم، والذي يقع ضمن هدف الدعم 5600 إلى 5800 نقطة". المؤشر حالياً أعلى من 6100 نقطة.
هل يبدأ التصحيح في الأسهم؟
يمكن أن تنقلب سوق الأسهم الأمريكية إلى منطقة تصحيح، حيث يتقلص زخم الشراء من الأفراد والمؤسسات، وفقاً لسكوت روبنر، المدير الإداري للأسواق العالمية والمتخصص التكتيكي في مجموعة "جولدمان ساكس".
من المتوقع أن يتباطأ الطلب من المتداولين الأفراد، الذين كانوا يتدفقون على شراء الأسهم الأميركية بوتيرة قياسية هذا العام، قبل موسم دفع الضرائب في مارس.
وبحسب روبنر، فإن التدفقات من صناديق التقاعد قد "تنفد أيضاً"، ويعزو ذلك إلى الاتجاهات الموسمية. وعادة ما يكون شهري يناير وفبراير أقوى شهور العام من حيث تخصيص الأصول السنوية، يليهما تدفقات أضعف في مارس.
في الوقت ذاته، يُظهر أحد مقاييس قدرة مؤشر "إس آند بي 500" على تجاهل العناوين المثيرة للخوف والإعلانات المفاجئة للسياسات، أقوى أداء له منذ ما قبل جائحة كورونا.
أصبح المستثمرون الآن أقل تركيزاً على متغير معين -مثل تقرير التضخم الرئيسي- مقارنة بالسنوات الأخيرة، مما يجعل السوق أكثر مرونة في مواجهة الصدمات الكلية، وفقاً للمحللين في "22 في ريسرتش".
وقال كيفن بروكس، مدير الشركة البحثية إن "المزيد من المتغيرات، مثل الأرباح، ومجموعة الصناعة، والتعرضات للعوامل، مهمة. لقد تحسنت الصورة الكلية وأصبح الاقتصاد أبعد عن الركود".