رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«هل انتهى عصر الأخلاق؟».. ندوة فكرية تناقش الذكاء الاصطناعي والقيم الإنسانية في معرض الكتاب

نشر
مستقبل وطن نيوز

في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ56، استضافت قاعة الصالون الثقافي ندوة فكرية بعنوان "هل انتهى عصر الأخلاق؟"، ضمن محور المجتمع الرقمي، بحضور نخبة من المفكرين والخبراء. أدار الندوة الإعلامي حسام الدين حسين، الذي استهل اللقاء بالترحيب بالحضور، مشيرًا إلى أهمية معرض الكتاب كأحد أبرز الفعاليات الثقافية في الشرق الأوسط.

بداية النقاش.. الذكاء الاصطناعي وتحديات الأخلاق

افتتح حسام الدين حسين النقاش بالتساؤل عن تأثير ثورة الذكاء الاصطناعي على منظومة القيم الإنسانية، متسائلًا: هل يؤدي التطور التكنولوجي إلى نهاية عصر الأخلاق؟ وأشار إلى أن الأحداث العالمية أثبتت إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في ممارسات غير أخلاقية، مستشهدًا ببعض الاستخدامات التقنية التي شهدتها مناطق النزاع مثل فلسطين.

أبعاد فلسفية.. الصراع بين الإنسان والتقنية

من جانبه، تناول الدكتور أحمد عبد الحليم عطية، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، مفهوم الأخلاق من منظور فلسفي، موضحًا أن القيم الأخلاقية لا تقتصر على العلاقات الإنسانية فقط، بل تمتد لتشمل المجتمع ككل. وأكد أن هناك ثلاث مركزيات يمكن من خلالها فهم تطور الأخلاق في ظل التكنولوجيا:

  1. مركزية الآلهة: حيث يتمحور التفكير حول الذات البشرية وتأثيرها.
  2. مركزية الكون: التي تتعلق بتفاعل الإنسان مع البيئة والطبيعة.
  3. مركزية التقنية: التي نشأت نتيجة التطور التكنولوجي الهائل.

وأشار "عطية" إلى أن هناك صراعًا متصاعدًا بين الإنسان البيولوجي والتقني، مما يثير مخاوف من تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى مصدر تهديد للأخلاق والقيم الإنسانية. لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة التعايش مع هذه التقنيات، حيث يظل الإنسان في حاجة دائمة إليها.

كما أضاف أن هذا الصراع لا يقتصر على البعد التقني فقط، بل يمتد ليشمل صراعين رئيسيين:

  • الصراع القديم بين الشرق والغرب.
  • الصراع الحديث بين مركزية الإنسان ومركزية الآلة، مما يتطلب إعادة النظر في الواقع الحالي وأثر التكنولوجيا عليه.

تحليل فلسفي.. ما بعد الإنسان والسلطة الرقمية

في مداخلته، أكد الدكتور عبد الرحيم دقون، أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس، أن العلاقة بين الأخلاق والذكاء الاصطناعي أصبحت قضية محورية لا يمكن تجاهلها، خاصة في ظل التطور التقني المتسارع.

وأشار إلى ضرورة طرح أسئلة جوهرية لفهم هذه العلاقة، من بينها:

  • من هو الإنسان الذي يطوّر هذه التكنولوجيا؟
  • هل أصبحنا نعيش في عصر ما بعد الإنسان؟

وأوضح أن مفهوم "ما بعد الإنسان" يعكس التحديات التي تواجه البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي، حيث يؤدي إلى نزع مركزية الإنسان، مما يهدد دوره التقليدي في السيطرة على الطبيعة. كما أشار إلى أن التكنولوجيا أصبحت وسيلة للسيطرة والتحكم، فيما يُعرف بـ "خوارزمية السلطة"، حيث يتم توظيف التقنيات الرقمية لفرض توجهات معينة على المجتمعات.

التكنولوجيا والأخلاق.. رؤية من منظور عسكري

من جانبه، قدم المستشار أبوبكر الديب رؤية مختلفة للعلاقة بين الأخلاق والتكنولوجيا، مستندًا إلى دراسته للتقنيات العسكرية، التي شهدت تطورًا ملحوظًا منذ عام 2011. وأوضح أن استخدام الإنسان الآلي في المجالات العسكرية لم يكن مجرد تجربة نظرية، بل تم تطبيقه في محاولات تفجير الأنفاق، إلا أن بعض هذه التجارب باءت بالفشل.

وأشار "الديب" إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس تقنية محايدة، بل يحمل تحيزات تجاه بعض الدول والأعراق، مما يجعله أداة للسلطوية العالمية. وأضاف أن هذه التقنيات لا يمكن اعتبارها أسمى من البشر، نظرًا لما تتميز به من تحيز وعدم شفافية وغياب المساواة، وهو ما يطرح تساؤلات أخلاقية جوهرية حول مستقبل التكنولوجيا.

واختتم المشاركون الندوة بالتأكيد على أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والأخلاق تمثل أحد التحديات الكبرى في العصر الرقمي، حيث يفرض التطور التقني إعادة التفكير في القيم الإنسانية ومدى تأثرها بالتكنولوجيا الحديثة. واتفق المتحدثون على أن الحل لا يكمن في رفض التكنولوجيا، بل في ضمان التعايش بين الإنسان والآلة وفق معايير أخلاقية واضحة تحفظ القيم الإنسانية في المستقبل.

عاجل