الشعر العماني.. محطات تاريخية وثقافية في ندوة فكرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب
استضافت "القاعة الدولية" في بلازا 2 ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة بعنوان "الشعر العماني: مشكلات وملامح"، شارك فيها عدد من الشخصيات الثقافية البارزة، من بينهم: الكاتب والشاعر الدكتور إسماعيل السالمي، الأكاديمي الدكتور محمد الحجري، الكاتب والشاعر سعيد الصقلاوي، والدكتور محمد المهري، وأدار الجلسة الشاعر سامح محجوب.
الشعر العماني: مرآة للهوية الثقافية
بدأ الشاعر سامح محجوب الجلسة بكلمة استعرض فيها أهمية الشعر كمرآة تعكس حياة العرب وتاريخهم، مؤكدًا أن الشعر يُعد سجلًا تاريخيًا يعكس عمق الثقافة العربية. وتابع الدكتور إسماعيل السالمي في كلمته ليؤكد على دور الشعر العماني في العصور المختلفة، مشيرًا إلى أن الشعر العماني في العصر الجاهلي وصدر الإسلام كان يعكس ارتباط الشعراء العمانيين بالأرض العمانية. وألقى السالمي أبياتًا من قصيدته الشهيرة "عشقت مصر" موضحًا التأثير العميق لمصر في الثقافة العمانية. كما تحدث عن أبرز الشعراء العمانيين في تلك الفترات مثل: يزيد بن العاتكي، وأبو جزيمة، وأوس بن زيد العبدي، بالإضافة إلى شعراء صدر الإسلام مثل: كعب بن زهير، والسيد الحميري.
العصر النبهاني واليعربي: ازدهار الشعر رغم التحديات
انتقل الدكتور محمد الحجري للحديث عن الشعر العماني في العصرين النبهاني واليعربي، حيث أوضح أن الشعر العماني في تلك العصور شهد ازدهارًا ملحوظًا رغم الوضع السياسي المضطرب في عمان. وذكر أن عمان كانت بعيدة عن تأثيرات العواصم الكبرى مثل بغداد ودمشق، وأن العصر النبهاني الذي بدأ في القرن السادس الهجري شهد ازدهارًا في الأدب والعلم لمواجهة الصراعات السياسية. وأكد الحجري على دور العلماء مثل أسد البحار ابن ماجد في هذه الفترة. كما ذكر أبرز الشعراء في هذين العصرين مثل: سليمان بن مظفر النبهاني، محمد بن مداد الناعبي، وخلف بن سنان الغافري، مشيرًا إلى إسهاماتهم في إثراء الأدب العماني.
وفي حديثه عن الشعر العماني في عصر دولة البوسعيد، أشار الدكتور محمد المهري إلى دور الشعراء في توظيف التراث العربي الإسلامي في القصائد المدحية، موضحًا أنهم اعتمدوا على الأمثال العربية لتوثيق الوقائع والأحداث المهمة في حياة السلطان والمجتمع العماني. وتناول المهري الحديث عن تأثر الشعراء العمانيين بالمتنبي في قصائدهم المدحية، مستشهدًا بأمثلة من شعر المجيزي في مدح السلطان فيصل بن تركي. وأوضح أن الشعر العماني في هذه الفترة شهد تحولات كبيرة في توظيف التراث الديني واللغوي.
مصر في الشعر العماني: تأثر وتضامن شعري
ألقى الشاعر سعيد الصقلاوي الضوء على العلاقة الوطيدة بين عمان ومصر في الشعر العماني المعاصر. وأكد الصقلاوي أن العديد من الشعراء العمانيين كتبوا عن مصر، مستعرضًا العلاقة التاريخية بين البلدين التي انعكست في الشعر العماني. وأشار إلى أن هناك العديد من المحطات التاريخية التي ظهرت في الشعر العماني مثل: العدوان الثلاثي على مصر، انتصار العاشر من رمضان، ومعركة حطين. كما ذكر أن هذا التضامن الشعري يظهر جليًا في قصائد مثل: "قبلة الوطنية" لعبد الله الطائي و"العدوان الثلاثي" لعبد الله الخليلي. وأوضح أن الثقافة المصرية كان لها تأثير كبير على الثقافة العمانية، مشيرًا إلى أن الصحافة المصرية كانت تصل إلى "زنجبار" أثناء الحكم العماني، مما أسهم في تبادل ثقافي بين البلدين.
وفي ختام الندوة، أكد المشاركون على أهمية الشعر العماني كجزء حيوي من تاريخ الأدب العربي وأثره العميق في تشكيل الهوية الثقافية للعمانيين. كما شددوا على أن الشعر العماني لم يكن مجرد إبداع أدبي بل كان أيضًا سجلًا تاريخيًا يعكس تطور المجتمع العماني، سواء في العصور القديمة أو المعاصرة.