رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الصين تواجه أزمة اقتصادية.. رأس المال يفر من الأسواق المحلية في ظل مخاوف من خفض قيمة اليوان

نشر
اقتصاد الصين
اقتصاد الصين

تواجه العملة الصينية "اليوان" العديد من التحديات الاقتصادية التي تؤثر بشكل كبير على قوتها، ومنها ضعف الاقتصاد المحلي، ارتفاع الدولار الأمريكي، واحتمالات فرض الولايات المتحدة لرسوم جمركية أعلى. وفي ظل هذه الضغوط، ظهرت أزمة جديدة تتمثل في تدفق قياسي لرأس المال الصيني الباحث عن فرص استثمارية خارج البلاد.

زيادة التخارجات المالية وتأثيرها على الاقتصاد المحلي

سجل حساب رأس المال في الصين، الذي يرصد تدفقات الأموال الداخلة والخارجة، مستويات قياسية من التخارجات المالية في العام الماضي. هذه التخارجات كانت نتيجة للبحث المستمر من قبل المستثمرين عن عوائد أفضل في الأسواق الخارجية. وبحسب البيانات الرسمية، تجاوزت المدفوعات الرأسمالية والمعاملات المالية التي أجرتها البنوك نيابة عن عملائها المعاملات المرتبطة بالحساب الجاري، التي تركز أساسًا على التجارة.

هذا الوضع غير المسبوق يزيد من المخاوف بشأن استنزاف رأس المال بشكل كبير، مما قد يقوض قدرة الحكومة الصينية على إدارة سعر صرف اليوان ويزيد احتمالية اتخاذ إجراءات تنظيمية صارمة لتدارك الوضع.

مخاطر خفض قيمة اليوان وتأثير التحديات الاقتصادية

أوضح فيليب ماكنيكولاس، الخبير الاستراتيجي للديون السيادية في "روبيكو سنغافورة"، أن الزيادة في التدفقات الرأسمالية الخارجة من الصين تشير إلى ميل نحو خفض قيمة اليوان، أو استنزاف الاحتياطيات النقدية في حال بقاء سعر الصرف ثابتًا. وأضاف أن التحدي الأساسي أمام بنك الشعب الصيني يكمن في أن النمو الضعيف يعقد قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الأجنبية. كما أن المخاوف المتعلقة بجدوى الأعمال في الصين تجعل الشركات متعددة الجنسيات أكثر ترددًا في الاستثمار في الصين، أو قد تدفعها إلى الانسحاب وبيع استثماراتها القائمة.

تراجع سعر صرف اليوان وتدفقات الأموال للخارج

على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، تراجع سعر صرف اليوان بنسبة 2.8%، متأثرًا بارتفاع الدولار الأمريكي، خاصة بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2023. وقد انخفض اليوان هذا الشهر إلى أضعف مستوى له منذ سبتمبر 2023. في هذا السياق، أرسلت البنوك المحلية الصينية مبلغًا صافياً قدره 1.33 تريليون يوان (182 مليار دولار) إلى الخارج نيابة عن عملائها العام الماضي، وهو رقم قياسي. شمل هذا الرقم استثمارات أجنبية في الصين، إضافة إلى مشتريات المستثمرين المحليين للأوراق المالية الأجنبية.

الضغط على حساب رأس المال الوطني والتقلبات في سعر صرف اليوان

تتعرض حسابات رأس المال الوطني لضغوط شديدة نتيجة انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصين، بالإضافة إلى زيادة رغبة الشركات المحلية في التوسع بالخارج. كما أن هروب الأموال من الأسهم المحلية قد أسهم في تصاعد تقلبات سعر صرف اليوان، مما يخلق بيئة من عدم الاستقرار المالي. في الوقت نفسه، بدأ الفائض التجاري الذي كان يدعم الاقتصاد الصيني على مدار عدة سنوات في التراجع تدريجيًا. ويعود ذلك إلى تفضيل المصدرين للاحتفاظ بإيراداتهم الدولارية بسبب الفارق الكبير في العوائد بين الأصول الأمريكية والأصول الصينية.

تشديد الرقابة على اليوان وجهود البنك المركزي لدعمه

كان أحد البنود الرئيسية على جدول أعمال بنك الشعب الصيني خلال العام الماضي هو منع تراجع قيمة اليوان من التفاقم. وفي الأسابيع الأخيرة، أصدر البنك المركزي تحذيرات ضد أي سلوك يعتبره مضراً بالسوق، كما شدد قبضته على العملة عبر تحديد سعر صرف مرجعي يومي للتداول المحلي. إضافة إلى ذلك، اتخذ البنك المركزي إجراءات لتقليص السيولة في الأسواق الخارجية عبر التعهد بإصدار كمية قياسية من السندات في هونغ كونغ.

تعقيدات إدارة التدفقات الرأسمالية في ظل الضغوط الحالية

أكد لي شيا، كبير الاقتصاديين الآسيويين في "بي بي في إيه هونغ كونغ"، أن تأثير التخارجات الاستثمارية المتزايدة قد يزيد تعقيد جهود بنك الشعب الصيني لدعم العملة. وأضاف أن إدارة التدفقات الرأسمالية قد تكون أكثر صرامة هذا العام بالنظر إلى الضغوط الحالية على اليوان والحاجة الماسة للحفاظ على الاستقرار المالي.

عاجل