رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«النقد الدولي»: النمو الاقتصادي يرتبط ارتباطا وثيقا بالدور الحيوي الذي تؤديه المدن في الربط بين أنحاء العالم

نشر
النقد الدولي
النقد الدولي

أفاد تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي بأن المدن هي نقاط الالتقاء في شبكة السفر والتجارة العالمية، إذ تمثل بوابة الدخول للسلع والأشخاص والأفكار بل والفيروسات أيضا، لذلك من شبه المستحيل التفكير في التوسع التجاري والنمو الاقتصادي دون التفكير في المدن نظرا للدور الحيوي الذي تقوم به المدن في الربط بين أنحاء العالم. 
وأضاف التقرير، الذي كتبه أستاذا الاقتصاد التطبيقي بجامعة هارفارد ديفيد كاتلر، وإدوارد جلايسر، أن تحسين حوكمة مدن العالم وتخفيض الحواجز التي تفصل بينها بصورة مصطنعة من شأنهما المساعدة على التوسع التجاري والنمو الاقتصادي، موضحا أن المهمة الثانية بين المهمات الثلاث الحيوية التي يتبناها صندوق النقد الدولي هي "تشجيع التوسع التجاري والنمو الاقتصادي". 
وأشار التقرير إلى أن الرابطة بين المدن والعولمة بدأت منذ وقت طويل، فعندما كانت أثينا القديمة مركز منطقة البحر المتوسط، كانت تجذب رأس المال البشري من جميع أنحاء منطقة بحر إيجة. 
وحتى يومنا الحالي، يعد التوسع الحضري مرادفا للتنمية الاقتصادية، فقد أشارت دراسة أجراها الاقتصاديان فيليبي كامبانتي وديفيد ياناجيزاوا-دروت أن المناطق التي تقل فيها عدد الرحلات الجوية إلى المدن الناجحة تشهد نشاطا تجاريا أقل.. ولا يقتصر السبب في ذلك على عدم تسيير شركات الطيران رحلات إلى المناطق الأقل نموا؛ إذ يعمل التأثير في الاتجاه المعاكس أيضا. فعندما تتجاوز المسافة بين المدن 6000 ميل، تزداد القواعد التنظيمية المفروضة على السفر، مما يرفع تكلفة الرحلات الجوية ويقلل من عددها. وبالتأكيد، يحدث انخفاض حاد في الاتصالات وحركة التجارة بين المدن عندما تصل المسافة إلى 6000 ميل.
وأوضح التقرير أن هناك علاقة قوية على نحو مماثل داخل الدول بين حجم الأحياء الحضرية واندماجها وازدهارها، مشيرا إلى أن هناك دراسة حديثة تنظر في مسألة الحراك الصاعد للبرازيليين الفقراء الذين ينتقلون إلى المناطق الحضرية، فالأشخاص الذين ينتقلون إلى المدن يحظون بمكاسب كبيرة على مستوى الأجور، إلا أن التأثير على المدن الواقعة جنوب البرازيل أقوى بكثير مقارنة بالمدن الواقعة في شمالها، في حين أن نفس العلاقة بين التكامل الاقتصادي والنمو تنطبق على الولايات المتحدة في العقود الأخيرة.
وكشف التقرير عن مخاوف أُثيرت مؤخرا بشأن تبادل البيانات إلكترونيا داخل المدن والذي سيجعل التفاعلات المباشرة أقل أهمية بكثير، إلا أن ذلك غير صحيح، فرغم أن التفاعل الالكتروني يحل محل بعض التفاعلات المباشرة، فإنه يؤدي أيضا إلى مزيد من العلاقات، والكثير منها يستلزم التواصل الشخصي المباشر. 
وأوضح التقرير أن ثلاث مخاطر أكبر، تتمثل في الحروب والطاعون وتغير المناخ، تعتبر تهديدا أكبر بكثير لعالمنا الحضري وتؤثر على الحياة الحضرية بشكل مباشر وغير مباشر، فالمدن يجري تدميرها فعليا في هذه الصراعات، وسوف يستغرق الأمر سنوات عديدة لإعادة بنائها أو نقلها إلى مواقع أخرى. كذلك فقد تضررت المدن بشكل غير مباشر أيضا بسبب الصراعات. 
وبإمكان صندوق النقد الدولي أن يضطلع بدور ما في تمويل عملية إعادة بناء المدن في أماكن مثل أوكرانيا ولبنان، ومن المرجح أنه سيفعل. ورغم أنه من المرجح أيضا أن يقوم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والبنك الدولي بدور محوري في إعادة البناء المادي، فإن لصندوق النقد الدولي دورا في التركيز على الشؤون المالية والحوكمة في البلدان ككل. 
وقد تبنى صندوق النقد الدولي التنمية المستدامة، ولكن هذا ليس ما تحتاجه مدن العالم الأكثر عرضة للخطر حتى تصبح آمنة. فالمدن الكبرى المنخفضة في المناطق الاستوائية معرضة لمخاطر الحرارة المرتفعة والفيضانات، ولديها موارد مالية شحيحة وقدرات عامة محدودة لمعالجة هذه القضايا. وهي لا تلم إلا إلماما جزئيا بكيفية إبقاء هذه الأماكن آمنة من ارتفاع منسوب سطح البحر وتلوث المياه وشدة ارتفاع درجات الحرارة. ومما يمثل خطوة مهمة للأمام أن تقديم الدعم لجدول أعمال للتعلم يشجع العلماء على استحداث أدوات عملية توفر حماية أكبر للمدن الفقيرة في العالم من تغير المناخ.
وخلص التقرير إلى أن صندوق النقد الدولي كمؤسسة عظيمة يعمل على ربط جميع أنحاء العالم، إذ تمثل تلك الروابط أهمية بالغة لنجاح المدن، التي تمثل المحرك المركزي للاقتصاد، غير أن المستقبل حافل بالتحديات الجديدة.