الأمين العام للأمم المتحدة يدعو قادة العالم إلى مكافحة الإفلات من العقاب وانعدام المساواة
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قادة العالم إلى مكافحة الإفلات من العقاب وانعدام المساواة وعدم اليقين، وشدد على الحاجة العاجلة لتعزيز التعاون الدولي لمعالجة مثل هذه القضايا، جاء ذلك في خطابه السنوي عن عمل الأمم المتحدة، وتقييم أكثر التحديات إلحاحا في العالم.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قال الأمين العام إن "العالم في دوامة. إننا في عصر من التحولات، نواجه تحديات لم نر مثلها من قبل. تحديات، تتطلب حلولا دولية".
وعن آليات حل المشاكل الدولية، قال جوتيريش إن قمة المستقبل هي خطوة أولى، ولكن الطريق لا يزال طويلا، والوصول إلى النتيجة المرجوة يتطلب معالجة ثلاثة عوامل كبرى تؤدي إلى عدم الاستدامة، وهي: عالم الإفلات من العقاب، حيث تهدد الانتهاكات أساس القانون الدولي ومـيثاق الأمم المتحدة، عالم عدم المساواة، حيث يهدد الظلم والمظالم بتقويض الدول أو حتى بدفعها إلى حافة الهاوية، وعالم عدم اليقين، حيث تهدد المخاطر الدولية، غير المُدارة بشكل جيد، المستقبل بأشكال غير معروفة.
وأضاف أن مستوى الإفلات من العقاب في العالم لا يمكن الدفاع عنه من الناحية السياسية أو قبوله من الناحية الأخلاقية". وقال إن عددا متزايدا من الحكومات وغيرها يعتقدون أن بإمكانهم أن يطأوا القانون الدولي وينتهكوا مـيثاق الأمم المتحدة وأن يغضوا الطرف عن معاهدات حقوق الإنسان أو قرارات المحاكم الدولية.
وأدان الأمين العام الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، التي أصبحت أكثر شيوعا. وحث الدول على إعادة تأكيد التزامها بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني.
كما قال جوتيريش إن ما يحدث في غزة يعد كابوسا متواصلا يهدد بأن يعم المنطقة بأكملها، وأن ما يحدث في لبنان يشرف على هاوية صراع آخر. وقال: "إن شعب لبنان وشعب إسرائيل وشعوب العالم، لا يمكنهم تحمل أن يصبح لبنان غزة أخرى".
وأكد الأمين العام عدم وجود ما يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. وقال إنه لم يشهد مثيلا لسرعة ونطاق القتل والتدمير في غزة، منذ تولي منصب أمين عام الأمم المتحدة. وأشار إلى مقتل أكثر من 200 شخص من موظفي الأمم المتحدة في غزة، الكثيرون منهم مع أسرهم. وقال إن نساء ورجال الأمم المتحدة يواصلون العمل رغم ذلك.
وشدد الأمين العام على ضرورة أن يحشد المجتمع الدولي جهوده للوقف الفوري لإطلاق النار، والإفراج فورا وبدون شروط عن جميع المحتجزين، وبدء عملية لا رجعة فيها على مسار حل الدولتين.
وقال: "لمن يواصلون تقويض هذا الهدف بإنشاء مزيد من المستوطنات والاستيلاء على الأراضي وبالمزيد من التحريض، أسألهم: ما البديل؟ كيف يمكن للعالم أن يقبل دولة واحدة تضم مثل هذا العدد الكبير من الفلسطينيين من دون التمتع بأي حرية أو حقوق أو كرامة؟" .
وأشار الأمين العام إلى قضية انعدام المساواة، وقال "فجوة الثراء" تتسع بشكل كبير منذ جائحة كوفيد-19، حيث يحصد أغنى الأفراد ثروات غير مسبوقة فيما يعاني فقراء العالم.
وقال: "العالم لم يتعاف من تفاقم انعدام المساواة الناجم عن الجائحة. إن ثلث أفقر 75 بلدا في العالم، في وضع أسوأ اليوم مما كانوا عليه قبل 5 سنوات. وخلال نفس هذه الفترة، ثروات أغنى 5 رجال في العالم زادت بأكثر من الضعف".
ودعا أمين عام الأمم المتحدة إلى إدخال إصلاحات منهجية على المؤسسات المالية كي تدعم بشكل أفضل الدول النامية، وشدد على ضرورة ضمان المساواة الجنسانية، مسلطا الضوء على التأثير غير المتناسب للتمييز على النساء والفتيات.
وقال إن التمييز والانتهاك القائمين على النوع الاجتماعي، هما أكثر أشكال عدم المساواة شيوعا في المجتمعات. وأشار إلى بعض الدول التي تُستخدم فيها القوانين لتهديد الصحة والحقوق الإنجابية، وإلى أفغانستان التي تستخدم فيها القوانين لتعزيز القمع المنهجي للنساء والفتيات.
وحذر "أنطونيو جوتيريش" من التهديد الوجودي لتغير المناخ، وحث الدول على اعتماد خطط عمل مناخية طموحة تتوافق مع هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض كيلا يزيد عن 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة. وشدد على ضرورة أن يكون التحول إلى الطاقة المتجددة، عادلا وجامعا. ودعا الدول المتقدمة إلى قيادة طريق تمويل ودعم الدول النامية.
كما حذر الأمين العام من أن التكنولوجيا قد تفاقم الانقسامات وعدم المساواة إذا لم يتم وضع إطار عمل دولي تعاوني في هذا المجال.
ودعا إلى العمل لدفع العالم إلى إفلات أقل من العقاب ومساءلة أكبر، نحو تقليص انعدام المساواة وعدالة أكثر، والحد من عدم اليقين وتعزيز الفرص.