سفير مصر باليابان: الدولة المصرية مستمرة بإرادة لا تلين في القيام بالإصلاحات الاقتصادية
أكد سفير مصر لدى اليابان محمد أبو بكر، أن الاقتصاد المصري رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي بدوله المتقدمة والنامية، ورغم الآثار الإضافية الماثلة في الأزمات الحادة المحيطة بدول الجوار المصري، يخطو خطوات ثابتة وسريعة على طريق التكيف مع ما تفرضه تلك الأزمات من ضغوط على الاقتصاد المصري الذي يستضيف 9 ملايين من محيطها العربي.
أشار سفير مصر لدى اليابان خلال إلقاءه كلمة مصر أمام اجتماعات الدورة الخامسة للمنتدى الاقتصادي العربي الياباني، إلى أن مصر مستمرة بإرادة لا تلين في القيام بالإصلاحات الاقتصادية الكبيرة والعميقة، بما في ذلك زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري، والمزيد من التمكين للقطاع الخاص، ودعم التحول الأخضر، وحشد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلاً عن الترويج لمصر كمركز إقليمي لسلاسل الإمداد للشركات الأوروبية ومركز لنقل وتداول الطاقة المتجددة والخضراء على ضوء القُرب الجغرافي والموقع الاستراتيجي لمصر وكذا الطفرة الهائلة وغير المسبوقة التي شهدتها في بنيتها التحتية في السنوات الأخيرة.
وتوجه سفير مصر لدى اليابان بخالص الشكر والتقدير لحكومة اليابان والأمانة العامة للجامعة على تنظيم هذه الدورة، وعلى ما تم بذله من جهد في الإعداد لها، حيث تأتي هذه الدورة للمنتدى الاقتصادي العربي الياباني في وقت بالغ الأهمية في ظل ما يعصف بالعالم من أزمات دولية وإقليمية مُتعاقبة وُمتعددة بدأت بجائحة "كورونا"، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى تعرض أبناء الشعب الفلسطيني الأبرياء في غزة من قتل وتجويع وترويع وحصار معنوي ومادي مُخجلُ للضمير الإنساني العالمي ، وأثر الأخيرة، ليس فقط على اهتزاز أدبيات السياسة ووضع النظام الدولى المتعدد الأطراف على المحك فقط، وانما آثاره الكبيرة الاقتصادية على كل دول العالم وعلى رأسها سلامة وأمن حركة الاقتصاد العالمي فى الممر الملاحى البحر الأحمر، وهو الأهم فى العالم، والرابط بين شمال وجنوب وشرق وغرب قارات العالم ودوله، وهي أمور تلقى بظلال شديدة السلبية وأعباء اقتصادية على جميع الدول بما فى ذلك كافة الدول الحاضرة فى هذا المنتدى، وهو ما يُشكل بطبيعة الحال دافعاً أكبر لتعزيز الشراكة القائمة وتطويرها بين الدول العربية واليابان.
وأشار أبو بكر إلى التقدير الذي تلقاه السياسة اليابانية تجاه القضية الفلسطينية، وسعى "طوكيو" للتعامل الجاد مع الوضع الإنساني المتأزم في غزة وحرصها على إيفاد المساعدات الإنسانية الطارئة للتخفيف من معاناة شعب فلسطين الشقيق، مؤكدا تطلع مصر لاستمرار دعم اليابان للحق الفلسطيني وحل الدولتيّن، وأُجدد موقف بلادي الساعي لوقف الحرب بشكل فورى ودائم والتأكيد على أن مسئولية ما يعيشه قطاع غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ الحديث تقع مباشرة على الجانب الإسرائيلي، وهي نتاج متعمد لحرب انتقامية تدميرية ضد القطاع وأبنائه وبنيته التحتية ومنظومته، والتشديد على ضرورة العمل دون إبطاء على الإنفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية، ووضع حد لحالة الحصار الإسرائيلية، والتصدي لكل محاولات التهجير القســــــــري للفلســـطـيـنـيـيـن مــــــــن أراضـيهم.
ولفت إلى أن انعقاد الدورة الخامسة للمنتدى العربي الياباني في هذا التوقيت يحمل دلالة واضحة على الحرص المتبادل على تعزيز العلاقات المؤسسية "العربية - اليابانية"، واعتزام الجانبان على تعزيز أوجه التعاون المُشترك في مواجهة التحديات المُرتبطة بحوكمة الاقتصاد العالمي، ونقل وتوطين التكنولوجيا، إلى جانب مكافحة التغير المناخي، وذلك ضمن قائمة مطولة من التحديات والأخطار التي تفرض ضرورة حشد قدرات التعاون المُشترك بوتيرة أفضل، وبتنوع أكثر، وبإرادة حقيقية، ليس فقط على المستويات الرسمية والشعبية بل أيضاً على مستوى مجتمع الاعمال.
أوضح أن اليابان تعد واحدة من أهم الشركاء التجاريين للدول العربية، كما تهتم اليابان بتعزيز استثماراتها في بالمنطقة وبالأخص في القطاعات الرئيسية مثل البنية التحتية والطاقة والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى تقديم اليابان الدعم الفني لتعزيز القدرات الاقتصادية في الدول العربية وتحسين بيئة الاستثمار، مؤكدا أن هذا المنتدى وما يتضمنه من فعاليات يمثل فُرصة للدخول فى افاق ارحب بعيدا عن التنميط أو القطاعات الكلاسيكية، الى النظر بعين ثاقبة للإمكانات الهائلة الكامنة لتوسيع قاعدة التعاون في مجالات متنوعة مثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والصناعات التحويلية، وإنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة بل والاستفادة من ذخيرة الشباب بالمنطقة التى تضم ما يزيد عن اربعمائة وخمسين مليون نسمة 70% منهم من الشباب وكذا تنوع وعمق الأسواق فى الدول العربية، فى اقتصاد يصل إجمالي ناتجه المحلى لدول المنطقة مجتمعة الى 3.5 تريليون دولار مقترباً من الناتج المحلى لكل من اليابان وألمانيا.
وتطرق سفير مصر لدى طوكيو للعلاقات "المصرية – اليابانية" المُمتدة منذ عشرينيات القرن الماضى أى ما يقرب من مائة عام، منوها في هذا الإطار إلى مرور ما يزيد عن العام فى ابريل 2023 على ترفيع مستوى علاقات البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، حيث شهدت العلاقات منذ ذاك الحين تناميًا ملحوظًا في كافة المجالات، وهو ما يؤكد حرصنا المتبادل على الارتقاء بالعلاقات الثنائية وتحقيق التكامل بين البلدين على كافة الأصعدة. ويمثل شق رفع القدرات وتنمية المهارات والتدريب أحد أسس التعاون المصري الياباني، مختصا في هذا الحديث بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، والتي تُعد رغم حداثة عهدها من أبرز الجامعات في إفريقيا والمنطقة العربية حاليًا، باعتبارها مثالاً يُحتذى به في الربط العلمي والعملي وبين العلوم الاكاديمية والصناعات، فضلاً عن كونها نموذجاً فريداً للتعاون الثلاثي لتقديمها منح دراسية لأبناء القارة لتنمية قدراتهم، حيث تسعى مصر في أن يمتد هذا التعاون ليشمل دارسين من الدول العربية وبالأخص الدول التي تعاني من تبعات الحروب والدمار.
وعن الظروف الدولية وكذا الإقليمية الضاغطة وغير المواتية، أكد السفير أبو بكر تمكن مصر من جذب تدفقات واستثمارات أوروبية وعربية ودولية ضخمة هي الأكبر على الإطلاق تقارب المائة مليار دولار في عام واحد، ما يُبرهن على الثقة الدولية في قوة الاقتصاد المصري وتنوعه، ومن أبرز النجاحات التى تمت هذا العام تمت خلال مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي بالعاصمة الجديدة الذى شهد توقيع 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 53 مليار دولار مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي التى تسعى للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من القطاعات الواعدة، فضلاً عن استقطاب أكبر المشاريع الاستثمارية في تاريخها منذ عدة أشهر بمنطقة رأس الحكمة باستثمارات قد تصل خلال خمس سنوات الى نحو 150 مليار دولار، تم ضخ 35 مليار دولار بالفعل منها للمرحلة الأولى كاستثمار أجنبي مباشر خلال العام الجاري.
وتابع سفير مصر لدى اليابان: ورسالتي هنا ليست للحكومة اليابانية، التي تبذل قصارى الجهد ودون كلل للترويج للفرص الكبيرة الكامنة في مصر والمنطقة العربية، ولكن لقطاع الأعمال الياباني لمراجعة النظرة التقليدية الساكنة عن مختلف أسواق العالم، حيث فرضت الديناميكيات المختلفة عالماً اقتصاديا مختلفاً يتطلب المزيد من المرونة والسرعة فى التعاطي مع الفرص الكثيرة المتوافرة والتي يُحسِن شركاء آخرين من القطاع الخاص من مناطق أخرى فى العالم من استغلالها.
وأوضح أن مصر من جانبها منفتحة تماما في استقطاب المزيد من الشراكات الاستثمارية مع اليابان تتجاوز ما هو موجود حالياً بقطاعات البنية الأساسية والتكنولوجية والصناعية والصحية، فما هو موجود جيد ولكن لا يلبى الطموح المرجو، ولا يتناسب مع حجم العلاقات السياسية والثقافية والعلمية والتاريخية والأخوية بين البلدين.