ذكرى ثورة 23 يوليو.. ماذا حدث في الساعات الأولى لحركة الضباط الأحرار المباركة؟
71 عامًا مرت على قيام الضباط الأحرار بثورة 23 يوليو 1952 المجيدة، حينما اتحاد ضباط الجيش الأحرار والمخلصين لتراب الوطن مع الشعب المصري لتحرير الوطن من الاستعمار وسيطرة رجال القصر الملكي على مقدرات وخيرات أبنائه، وتحكم الأجانب في مصيرهم، وتدشين عصر جديد من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
ساعات حاسمة في تاريخ الضباط الأحرار
ساعات عصيبة مرت على مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 والضباط الأحرار بقيادة اللواء محمد نجيب والزعيم جمال عبدالناصر قبل أن تخرج حركة الضباط المباركة إلى النور، وتعلن نفسها للشعب المصري، طالبة مساندته لوضع نهاية لعصر الملك وحاشيته والاحتلال البريطاني، الذي طالما نهبوا ثروات وخيرات البلاد عن طريق عملائهم في الحكومات المتعاقبة على حكم مصر أو من خلال رجال القصر.
رجال القصر والحرس الحديدي الملكي كانوا قد علموا بمخططات الضباط الأحرار في الثورة على نظام الملك فاروق، ورغبتهم في وضع حد للفساد السياسي الذي تجلى في تغيير الحكومات الفاشلة، لدرجة أن إحداها لم تمكث في حكم البلاد سوى 24 ساعة فقط، وهي حكومة أحمد نجيب الهلالي، وبالتالي كان لا بد لمجلس قيادة الثورة من التحرك سريعًا وتحديد موعد قريب للخروج قبل أن يجهز الملك عليهم، لاسيما أن أسماءهم أصبحت أمام الملك.
على جانب موازٍ، لا يقل الفساد الاجتماعي عن ما شهدته الحياة السياسية قبل عام 1952 من تخبط، حيث انتشر الفقر المدقع بين أوساط المصريين، وأصبحت خيرات البلاد حكرًا على الطبقة العليا الملاصقة للبلاط الملكي، واستحوذ رجال الملك على جميع الأراضي الزراعية ولم يتبق للفلاحين شيئًا منها، كذلك الأمر ساد بين عموم التجار الصغار والموظفين البسطاء.
لحظات عصيبة في عمر الضباط الأحرار
ليلة يوم 23 يوليو 1952 كانت لحظة فارقة في عمر مصر الحرة، استطاع تنظيم الضباط الأحرار، من خلال مجلس قيادته، أن يديرها بأقصى درجات الحكمة والنظام والنشاط، بواد رجاله الذين لم يتخط عددهم 90 ضابطًا، يوم قيام الثورة.
يقول الزعيم جمال عبدالناصر عن ليلة 23 يوليو، أي في الساعات الأولى للثورة: «نسبة نجاح الثورة ليلة 23 يوليو 1952 كان ضعيفًا، إذا حسبنا ذلك بالورقة والقلم، لكن كل ضابط من الضباط الأحرار كان يقول إذا لم ننجح في القضاء على هذا الظلم والاستعباد فليس أقل من أن نضحي ونثبت للأجيال القادمة أن الجيل الذي كان موجودًا في عام 1952 لم يصمت على الظلم لكنه قام وقاتل حتى استشهد».
وتابع الزعيم عبدالناصر: «عدد الضباط الأحرار ليلة 23 يوليو 1952 كان حوالي 90 ضابطًا، القوات التابعة لـ الضباط الأحرار كان عدد أفرادها قليلًا، والخطة التي تم وضعها لتنفيذ الثورة لم تكن قد تم الإبلاغ بها لجميع العناصر المشاركين في الثورة».
عبدالناصر يمر على الضباط الأحرار
وأضاف: «يوم 22 يوليو 1952 كنت بمر على الضباط المشاركين في الثورة وكان كلي ثقة وإيمان بالله وفي قدرة الشعب، وبعد ظهر هذا اليوم اجتمع مجلس قيادة الثورة، وتقرر أن يتم تنفيذ الثورة في هذا اليوم، وكان من المفترض أن تقوم الثورة في يوم 21 يوليو، لكن تم تأجيلها لأن الخطة لم تكن قد اكتملت، رغم جهود عبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين، عضضوا مجلس قيادة الثورة، لتؤجل لمدة 24 ساعة».
وأكمل عبدالناصر حديثه: «قبل قيام الثورة كان الضباط الأحرار على ثقة في أن الله – سبحانه وتعالى – يساند الشعب المصري، لكي ينتصر.. وفي تمام الساعة الحادية عشر مسا يوم 22 يوليو 1952، أي قبل انطلاق الثورة بساعتين فقط، كُشفت الخطة، لأن شقيق أحد الضباط الأحرار أبلغ قصر عابدين، أن هناك ثورة ستقوم على الملك».
اكتشاف خطة الثورة
وأوضح الزعيم عبدالناصر: «في تمام الساعة الحادية عشر والنصف يوم 22 يوليو، أبلغني أحد الضباط الأحرار العاملين في المخابرات الحربية بأن خطة الثورة تم اكتشافها من القصر، وأن الملك اتصل بقائد الجيش، الذي طلب عقد مؤتمر لكبار الضباط في كوبري القبة».
وذكر: «كان لا يمكن أن نؤجل الثورة على أي حال من الأحوال.. موعد خروج الضباط الأحرار كان الساعة الواحدة صباح يوم 23 يوليو، والضباط قد وصلوا إلى وحداتهم العسكرية، وكان لا بد أن نسير في عملية الثورة إلى النهاية، موضحًا: «عجلة الثورة قد دارت ولا يمكن لأي شخص أن يوقف هذه العجلة».
وكشف عبدالناصر: «كنا نستطيع أن نتحرك وأن نغير خطة الثورة في آخر لحظة، وأن الأمر الذي أصدره قائد الجيش بجمع كبار القادرة في القيادة يعطي فرصة ذهبية لاعتقالهم جميعًا في عملية واحدة، ومن هنا كان حتمًا علينا تغيير الخطة».
وقال: «نزلت من منزلي وتوجهت لمنزل المشير عبدالحكيم عامر حتى نبحث الحصول على قوات من وحدات العباسية، لكن البوليس الحربي قد أغلق مداخل ومخارج القاهرة، وكان لابد من التوجه إلى كمال الدين حسين في ألماظة للحصول على قوات كي نعتقل قادة الجيش».
عامل الصدفة
وتابع عبدالناصر في حديثه: «ونحن في طريقنا إلى ألماظة حدثت صدفة، إن دلت على شيء فإنها تدل على توفيق الله – عز وجل – وهي أنه كان من المفترض أن يتحرك الضباط الأحرار الساعة 1 صباح يوم 23 يوليو، لكن كان أحد الضباط الأحرار كان معتقدًا أن التحرك الساعة الثانية عشر وبالتالي خرج للقيام بدوره مبكرًا، هذا الضابط هو يوسف منصور صديق، ومت هنا توجهنا إلى قيادة الجيش وتم القبض على جميع القادة، ليكون بذلك بداية قيام الثورة».
وأختتم: «كل وحدة أو ضابط اشترك في الثورة، ولدى الجميع اعتقاد بأنهم يؤدون رسالة، وهي طليعة ثورية لهذا الشعب».