ذكرى رحيل نجيب محفوظ.. ارتبط بالإمام الحسين ورفض السفر لاستلام جائزة نوبل
تصدر اسم الأديب الأبرز في مصر والعالم العربى، نجيب محفوظ ، التريند، بمحرك البحث «جوجل» الأشهر عالميا والأكثر بحثا، خلال الساعات القليلة الماضية، تزامناً مع إحياء الذكرى الـ16 لرحيله وتحديداً يوم 30 أغسطس 2006، وإقامة المركز القومى للسينما برئاسة السيناريست زينب عزيز، احتفالية لإحياء ذكرى وفاة الأديب الكبير نجيب محفوظ داخل سينما الهناجر بالأوبرا، مساء أمس الأربعاء الموافق 31 أغسطس، بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية؛ برئاسة الدكتور فتحي عبدالوهاب.
وشارك في الندوة، الكاتب الروائي يوسف القعيد، والدكتور وليد سيف، وأدارت الندوة الدكتورة سميرة أبو طالب، وتضمنت الندوة الحديث عن أعمال نجيب محفوظ الأدبية والسينمائية، وحصوله على جائزة نوبل.
وشكلت روايات الأديب نجيب محفوظ وأعماله الأدبية، جزءًا مهمًا في تاريخ صناعة السينما المصرية وترجمة رواياته لأكثر من 25 لغة عالمية.
وكان الأديب الأبرز في مصر والعالم العربي، نجيب محفوظ حريص على بذل وقته في مجال الأدب، وله دور كبير في السينما المصرية، والتي بدأت عام 1946، فكانت بداية كتابة نجيب محفوظ للسينما عن طريق دعوة أحد المخرجين والبداية مع «مغامرات عنتر وعبلة ، وبدأت مسيرته مع صلاح أبو سيف في خماسية سينمائية.
وكان نجيب محفوظ أول من بدأ التخصص في كتابة النصوص السينمائية، فكان أول روائى يدخل مجال السينما في مصر، وهو من سعى لتطويرها من خلال مسيرته.
وأبدع نجيب محفوظ في كتابة القصة السينمائية، بمعنى أنها خريطة واضحة ومحددة المعالم في ورقتين فقط، وكان يوجد 10 أعمال قصة سينمائية للأديب نجيب محفوظ، من ضمنهم 6 أعمال تم اختيارها كأفضل أفلام عالمية و25 فيلمًا من مجمل أعماله من أفضل 100 فيلم حملوا توقيعه.
والأديب نجيب محفوظ قدم نموذجا عظيما للأعمال السينمائية وروائع لا تنسى في تاريخه.
نجيب محفوظ والشاشة الفضية
حرص نجيب محفوظ على الدخول لعالم السينما من خلال المشاركة في كتابة السيناريوهات مع صلاح أبو سيف، ومن بينها، فيلم «مغامرات عنتر وعبلة» وقدم العديد من الأعمال مع عدد من المخرجين الكبار أمثال صلاح أبوسيف، توفيق صالح، عاطف سالم والسيد بدير، بلغت 10 أفلام من بينها، «ريا وسكينة، الوحش، الفتوة وجميعها إخراج صلاح أبو سيف.
وكتب نجيب محفوظ، السيناريو منفرداً لـ 3 أفلام هي، «الطريق المسدود، أنا حرة إخراج صلاح أبو سيف وفيلم إحنا التلامذة إخراج عاطف سالم عام 1959.
وشارك الأديب العالمي، كتابة قصة فيلمى، «مغامرات عنتر وعبلة مع عبدالعزيز سلام والاختيار عام 1971 مع المخرج يوسف شاهين.
أماكن عاش فيها نجيب محفوظ
وتزامنا مع مرور 16 عاما على رحيل الأديب العالمى نجيب محفوظ، تميز الأديب نجيب محفوظ بالتردد على عدد من الأماكن من بينها:
خان الخليلي؛ حيث عاش الأديب الكبير نجيب محفوظ، بين بيت القاضي وحارة «قرمز» و قضى طفولته ولعب في زقاق المدق، وتحمل الطرقات رائحة للأدب العربي الأصيل بعدما رحل عنها لم ترحل ذكراه.
وكان الأديب نجيب محفوظ دائم التردد على أحد أهم معالم الجمالية وهى مقهى الفيشاوى وتعتبر أقدم مقاهى القاهرة ويزيد عمرها عن 200 عام، وكان يحاول كتابة أشهر روايته في تلك القهوة فكان حريصًا على الكتابة من الساعة 9 صباحاً وحتى الثانية ظهرًا.
ودائما ما كان يحرص نجيب محفوظ على طلبه الأساسى عبارة عن فنجان من القهوة، ويعقبها الكركديه الساخن، مصطحبًا معه جرنال لتفحص الواقع والتعبير عنه بكتاباته المميزة، بالإضافة لكونه متواضعا بين أبناء منطقته.
نجيب محفوظ يحصل على جائزة نوبل في الأدب
حصل الأديب نجيب محفوظ على جائزة نوبل ، عندما كان في السادسة والسبعين من عمره، اى في عام 1988، وكان يتعين عليه السفر للسويد لتسلم الجائزة في العاشر من ديسمبر من ذلك العام لكنه لم يسافر، ورفض السفر للحصول على الجائزة وقضى ليلته بين أصدقائه، وشاهد التليفزيون مثل باقى المشاهدين، وأرسل الكاتب الصحفى محمد سلماوى بصحبة ابنتيه لتسلم الجائزة وإلقاء الكلمة نيابة عنه.
وكشفت أم كلثوم، ابنة الكاتب والأديب العالمى نجيب محفوظ ، سبب عدم سفر والدها، قائلة، لأنه لم يكن محباً للسفر وأرسلها مع شقيقتها فاطمة لتسلم الجائزة، مشيرة إلى أنه لم يغير شيئاً في جدوله اليومى وحرص على الذهاب ولقاء الحرافيش وأصدقائه.
ولم يكن الأديب نجيب محفوظ، حريص على زيارة أصدقائه من الكتاب والأدباء في منازلهم إلا في أضيق الحدود وكان من أبرز الذين نالوا شرف ذلك الكاتب نعيم صبري والذى رافقه في العديد من الجلسات الأدبية التي كان يحضرها الأديب الكبير نجيب محفوظ.
وكان الأديب الكبير نجيب محفوظ عاشقاً للمشي، لا يمتلك سيارة ويفضل المشي من بيته للقهوة.
وتحدث الروائى يوسف القعيد عن علاقته بالكاتب الأديب الكبير نجيب محفوظ، والتي بدأت مع وصوله القاهرة والوقوع في حب روايات نجيب محفوظ، وإدراك أنه الوحيد في جيله الذى يكتب ويقرأ بهذا التواضع والدقة في أعماله الروائية.
واكد يوسف القعيد، أنه التقى مع نجيب محفوظ من خلال مقهى الريش بمنطقة طلعت حرب لعرض روايته الأولى عليه، فكان محافظاً على مواعيده بشكل دقيق، وكان بداخله ساعة بيولوجية يعلم من خلالها الوقت.
ووصف الكاتب والروائى يوسف القعيد، الأديب نجيب محفوظ، قائلاً، أنه مصري صميم بلا حدود، مخلصا لكتابة النص الروائى، على الرغم من حلمه السفر إلى باريس والحصول على الدكتوراه في الفلسفة ليعمل في دراسة الفلسفة بداخل جامعة القاهرة، لكن حياته لم تسير على النهج الذى كان يخطط له.
وأشار الروائى يوسف القعيد، إلى أن الأديب الكبير نجيب محفوظ كان إنسانًا جميلًا محبًا للسينما والغناء والدليل، تسمية ابنتيه أم كلثوم وفاطمة وهما اسمين من أسماء السيدة العظيمة كوكب الشرق أم كلثوم.
واستفاد نجيب محفوظ من السينما والتي لعبت دوراً أساسياً في وصوله إلى العالمية، واستفاد نجيب محفوظ برئاسته لمؤسسة السينما وكان توفيق صالح الأقرب وجدانياً لنجيب محفوظ في أعماله.
وارتبط نجيب محفوظ بحى الجمالية وهو مكان ميلاده قبل الانتقال إلى العباسية، وكان منزله بمثابة القلعة الحصينة لا يدخله أحد ولكنه قام بالدخول إليه عقب حصوله على جائزة نوبل بيومين اثنين.
وصية الأديب نجيب محفوظ
وأكد الروائى يوسف القعيد، ارتباط الأديب نجيب محفوظ، بسيدنا الحسين وحى الحسين بأكمله، حتى أنه أوصى بأن تتم صلاة الجنازة ودفنه داخل مسجد الحسين بحي الجمالية، ولكن شيعت جنازته الشعبية من أمام مسجد الحسين ودفن بمقابر العائلة.
وتظل كتابات وروايات الأديب العالمى نجيب محفوظ، والذى استطاع شرح المجتمع في رواياته الأدبية وأعماله التي كتبها للسينما من خلال أحداثها التي كانت تدور في الحارة المصرية، والتي عكست الحالة السياسية والاجتماعية، للمواطن المصرى البسيط.
ويعتبر الأديب العالمى نجيب محفوظ، أكثر أديب مصري وعربى، تم تحويل أعماله إلى السينما والشاشة الصغيرة، قدرت بحوالي 104 عملاً فنياً.
وقام مشاهير السينما المصرية ببطولة الأفلام المأخوذة عن روايته، خاصة وأن نجيب محفوظ، كان يميل لاستخدام الرموز فى أعماله مما جعل المخرجين وكتاب السيناريو يعملون على تفسيرها وتوظيفها بشكل حر تماماً لخدمة أعمالهم السينمائية والدرامية.
واستطاع الأديب المصرى نجيب محفوظ أن يلهم الكتاب والمؤلفين رغم رحيله في 30 أغسطس عام 2006.
حياته الشخصية
وولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، في حى الجمالية بالقاهرة في 11 ديسمبر عام 1911، لأب موظف وأم ربة منزل، وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة، قسم الفلسفة، وحاول الحصول على درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية، لكنه لم يستطيع الانتهاء منه بسبب توغله في البحث الأدبى، فتفرغ للأدب فجاءت أعماله روائية حيلة فلسفية.
وعاصر نجيب محفوظ عمالقة الأدب العربي فى مصر ومن بينهم «عباس محمود العقاد، توفيق الحكيم وطه حسين وعدد آخر؛ حيث كان يهدي لهم مؤلفاته، ويتواصل معهم عبر البريد».
وترك الأديب العالمى نجيب محفوظ بأول رواية له في عام 1939 وحتى آخر رواياته عام 2004، إرثاً غنياً للمكتبة العربية والعالمية.
وكان الأديب العالمى نجيب محفوظ، حريصًا على أن يلمس ببساطة روحه الشفيفة المرهفة الأحاسيس، بعيدة عن حب التعقيد، ويكمن سر حب الناس له وانتشار أدبه بكونه لم يكن متعالياً وبسيطاً.
وتمت ترجمة أعمال نجيب محفوظ إلى أكثر من 30 لغة، منها 100 طبعة باللغة الإنجليزية، 50 طبعة باللغة الإسبانية، أكثر من 30 طبعة باللغة الألمانية والفرنسية وحوالى 150 طبعة في 24 لغة أخرى منها الإيطالية واليونانية والهولندية والسويدية والفنلندية وغيرها من اللغات.
وسمى نجيب محفوظ، باسم مركب تقديرًا من والده عبدالعزيز إبراهيم الطبيب أبو عوف نجيب باشا محفوظ، والذى أشرف على ولادته التي كانت متعسرة، ولعدم الخلط بينه وبين الطبيب المصرى ذي الشهرة العالمية الدكتور نجيب محفوظ باشا.
وعرف عن الاديب نجيب محفوظ ، ميله الشديد لعدم السفر إلى الخارج، وهو ما ظهر جلياً في عدم السفر واستلامه جائزة نوبل، وسافر برفقة ابنتيه بصحبة الكاتب الصحفى محمد سلماوى، ومع ذلك سافر إلى اليمن ويوغوسلافيا مطلع الستينيات ضمن وفد من الكتاب المصريين، والمرة الأخرى السفر إلى لندن لإجراء عملية جراحية في القلب عام 1989.
وتوفي نجيب محفوظ في 30 أغسطس عام 2006 عن عمر ناهز 95 عاما، إثر تعرضه للإصابة بمشاكل صحية في الرئة والكليتين.