مجدي عاشور: صلة الأرحام يبارك الله بها في الرزق ويطيل بها العمر
قال الفقيه الدكتور مجدي عاشور أن صلة الأرحام من النفحات الربانية التي يبارك الله بها الرزق ويطيل بها العمر، وهي من الطاعات التي يتضاعف أجرها في رمضان إلى 70 مرة عما في سواه.
وأوضح عاشور ـ خلال لقائه في الحلقة السابعة عشر من حلقات برنامج "آيات محكمات" الذي تقدمه وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ) على النشرة العامة ومواقع التواصل الاجتماعي - أن "الخير أو الطاعة التي يقوم بها الإنسان في شهر رمضان تتضاعف الحسنات الخاصة بها سبعين مرة، أي أنها تعادل أجر سبعين في غير رمضان، ومن بين الحسنات والأعمال الخير التي نفعلها صلة الرحم"، لافتا إلى القاعدة الشرعية التي تقول: "كل أمر جاء الشرع فيه بالأمر أن نفعله ويكون واجبا أو مستحبا فهو في رمضان ثوابه مضاعف، لأن الحسنة في هذا الشهر بسبعين خصله فيما سواه".
وقال عاشور إن صلة الرحم تعد من أعلى الطاعات والأمور التي تحصل بها الدرجات، لأن الإنسان بصلته للرحم يكون فيه شيء من الإحسان، إذ أن الإحسان تحديدا يزيد في الثواب والدرجات بصفة مستمرة، والقرآن الكريم يأمرنا بأن نصل الأرحام ولا نقطعها، يقول الحق تبارك وتعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"، وكما روى البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ قَالَ: فَهُوَ لَكِ))، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ")).
وأضاف عاشور أن صلة الرحم تساعد في توسعة الرزق وطول العمر والأجل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له فِي رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، بمعنى أن رزقك يكون قليل وإنك حينما تقوم بصلة رحمك يوسع الله عليك، وينسأ له في أثره أي يطول الله أجله ويبارك له في عمره، وهما مراد كل إنسان على وجه الأرض: الرزق والأجل، والله هو القادر الذي بيده مقاليد كل شيء سبحانه وتعالى.
وتابع عاشور: "ونحن في عصرنا هذا نحتاج لمسألة صلة الرحم أكثر، فقد روي عن أبي يوسف عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قِـبَـله، وقيل: قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم -ثلاثا-، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: (يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)، فهذه خير الأعمال التي يفعلها العبد، ومن هنا يتبين لنا قيمة صلة الرحم التي اشتق اسمها من الرحمن، فصِلةُ الرَّحِمِ أجرُها كبيرٌ، وشأنُها عظيمٌ عِندَ اللهِ، وقد بيَّنَ لنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ذلك، فقال: "قال اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا الرَّحمنُ"، أي: مُتَّصِفٌ بكَثرةِ الرَّحمةِ وسعَتِها، "وهي الرَّحِمُ"، أي: الَّتي آمرُكُم بِوَصلِها، والرَّحِمُ هي الصِّلةُ الَّتي تَكونُ بينَ الشَّخصِ وغيرِه، والمرادُ هنا الأقرَبون، "شَقَقتُ لها اسمًا مِن اسْمِي"، أي: أخَذتُ لها مِن اسمي الرَّحمنِ اسمًا، "مَن وصَلَها وصَلتُه"، أي: مَن أحسَن إلى أهلِه، ورَفَق بهم، وداوَمَ على الاتِّصالِ بهم، أحسَنتُ إليه ورَفَقتُ به وأنعَمْتُ عليه، "ومَن قطَعَها"، أي: هجَر أهلَه ولم يُحسِنْ إليهم ويتَّصِلْ بهم، "بَتتُّه"، أي: قطَعتُه مِن رَحمتي وإحساني.
وأوضح عاشور أن صلة الأرحام تكون بالزيارة والسؤال عنهم والاتصال بهم وبمساعدتهم، وقد يأتي إنسان ويقول كيف أصله وهو يقاطعني، لكن ابدأ أنت بالسلام والتواصل والوصال، لأن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعه الناس وصلهم وإذا حرموه أعطاهم وإذا ظلموه أنصفهم)، فالإنسان يعامل الرحمن في صلة الأرحام، وعطاء الله سيكون أجرا عظيما، لأن جزاء قطع الرحم هو ما جاء في قوله تعالى: "الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"، وقوله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"، حيث ربط الله تعالى قطع الأرحام بالإفساد في الأرض ونقض العهد والخسران.