عبر «التخزين والتصنيع وإصلاح الدعم وتوصيل الغاز للمنازل» ..
خاص| مصر تنجو من فخ «برميل النفط» بـ4 تدابير وقائية.. وخبراء: طوق نجاة
بينما تواصل أسعار النفط العالمية ارتفاعها للأسبوع السابع على التوالي، متجاوزةً 85 دولارا للبرميل الواحد، وقاربت أسعار برميل النفط من خام برنت العالمي من الـ86 دولارًا للبرميل الواحد، لأول مرة منذ سنوات، تحوطت مصر من تقلبات سعر برميل النفط، بعدة إجراءات وتدابير وقائية، استهدفت الحفاظ على الموازنة العامة للدولة دون زيادة مستويات العجز، نتيجة ارتفاع فاتورة الاستيراد.
وقال خبراء اقتصاديون ومستثمرون لـ«مستقبل وطن نيوز»، إن القيادة السياسية وصلت إلى نقطة الاحتقان في ملف الطاقة قبل سنوات، عبر عدة إصلاحات استهدفت معالجة العجز وتشوه الأسعار، بالإضافة إلى تكثيف الإنتاج وتشجيع الاستثمارات الأجنبية الفترة الماضية، علاوةً على وضع استراتيجيات تعظيم القيمة المضافة للقطاع وتحقيق مستهدفات من قبيل الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية بحلول 2023م.
الغاز يمنح مصر ميزة كبيرة في ظل أزمة الطاقة
وقال جمال القليوبي، أستاذ اقتصاديات البترول بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن مصر تمتلك شبكتين من الغاز، الأولى في الصحراء الغربية، وتضخ 1.33 مليار قدم غاز مكعب يومياً، والثانية في منطقة شمال بورسعيد بإجمالي 5.5 مليار قدم غاز مكعب يومياً، والكميات الباقية من منطقة دلتا النيل عبر خط جاسكو.
وارتفع إنتاج مصر من المنتجات البترولية بنسبة 16.5%، لتصل لـ29.7 مليون طن عام 2019/2020، فى حين بلغت نسبة الزيادة فى إنتاج البنزين نحو 13.6 في المائة، إذ سجل الإنتاج 5 ملايين طن عام 2019/2020، بينما زاد إنتاج السولار بنسبة 20.8%، مسجلًا 9.3 مليون طن عام 2019-2020.
أضاف جمال القليوبي، أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي في سبتمبر 2019، وزاد الفائض إلى 25 في المائة من الاستهلاك المحلي، وبدأت بتصدير الشحنات إلى الخارج، مشيراً إلى أنه منذ يناير 2021 إلى الآن، قامت مصر بتصدير 77 شحنة غاز مسال، لافتاً إلى أن الغاز يمنح مصر ميزة كبيرة في ظل أزمة الطاقة التي تشهدها الصين وأوروبا في الوقت الراهن.
توصيل الغاز للمنازل يخفض فاتورة الاستيراد 219 مليون دولار
أول التدابير الاحتياطية التي اتخذتها الحكومة تجنباً لصدمات الأسعار العالمية للنفط والغاز، التوسع في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، كما يرى جمال القليوبي، مشيراً إلى أن هذا الأمر وفر 219 مليون دولار سنوياً لمصر، كانت تنفقها في استيراد البوتاجاز، حيث كانت تستهلك يومياً 1.2 مليون أنبوبة بوتاجاز قبل أن يتراجع الرقم ليصبح 900 ألف تقريباً.
وتتضمن خطة توصيل الغاز الطبيعي خلال العام المالي الحالي تستهدف إضافة 1.2 مليون وحدة سكنية جديدة للوحدات العاملة بالغاز الطبيعي فى مصر من خلال المشروع القومى لتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل في إطار تنفيذ توجهات الدولة بالتوسع فى استخدامات الغاز بالمنازل والالتزام بتركيب عدادات مسبقة الدفع للعملاء الجدد سواء أكان النشاط تجارياً أو صناعياً أو منزلياً.
ويشير الخبير البترولي، إلى أن النسبة الأكبر من العجز في الموازنة العامة للدولة كان يأتي من ملف شراء المواد البترولية، والصدمات السعرية التي تحكم المنتج عالمياً، وأن هذا العجز تراجع بفعل قيام الحكومة بالتعامل مع ملف الطاقة وإصلاح الدعم قبل سنوات، لمعالجة التشوهات السعرية للمنتجات البترولية، وهو ما يمثل ثاني أبرز التدابير التي أُتخذت تحوطاً ضد تقلبات الأسعار العالمية.
توفير 40% من تكاليف الاستيراد بالاكتفاء الذاتي من الوقود
ووفقاً لتقديرات وزير المالية محمد معيط، فإن تقديرات الحكومة لمتوسط سعر برميل النفط في الموازنة الحالية عند 61 دولاراً أميركياً، وهو أقل من سعر النفط عالمياً في الوقت الراهن، حيث يُضيف السعر الحالي أعباء جديدة تصل إلى نحو 28 مليار جنيه (1.7 مليار دولار).
ويلفت الخبير البترولي، الانتباه إلى أن خطة الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية بحلول 2023، سينتج عنها توفير 40% من قيمة استيراد برميل النفط، الذي يأتي مُصنعاً، مضيفاً: «عند استيراد برميل نفط بـ85 دولار على سبيل المثال، يتم إضافة 37 دولاراً تقريباً تكاليف تصنيع وتحويل إلى بنزين وسولار، وهذه التكلفة لن نكون في حاجة إليها بحلول العام بعد القادم، حيث سنستورد البرميل خاماً ونقوم بتكريره وتحويله إلى وقود».
وتراجعت واردات مصر من المنتجات البترولية لتسجل 6.383 مليار دولار خلال العام الماضي 2020 بنسبة انخفاض 32.3% عن عام 2019، والتي سجلت 9.429 مليار دولار خلال 2019، كما أن واردات مصر من السولار انخفضت، حيث بلغت 858 مليون دولار خلال عام 2020، مقابل 3.815 مليار دولار عام 2019، وكذلك انخفاض فاتورة واردات بنزين 95، حيث بلغت 609 ملايين دولار، مقابل 1.487 مليار دولار عام 2019.
تخزين مليون برميل لمواجهة التقلبات
ويختتم أستاذ اقتصاديات البترول بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، لافتاً إلى عامل آخر هو التخزين، ضمن عوامل التحوط التي اتخذتها مصر في مواجهة الارتفاعات العالمية في أسعار النفط، وقال: «لجأت الحكومة إلى استيراد الهام من الكويت والعراق عبر الخط الأردني، واستهدفت من ذلك زيادة القدرات التخزينية لأكثر من مليون برميل، كي تكون جاهزة لمواجهة تقلبات السعر العالمي عبر هذه الفوائض».
وتعمل وزارة البترول، على تطوير الموانئ، وزيادة قدرتها الاستيعابية في إطار خطة لتحويل مصر إلى مركز إقليمية لتداول النفط، ومن ذلك ميناء الحمراء البترولي على ساحل البحر المتوسط باعتباره أحد اهم هذه الموانئ والذي سيشهد توسعات غير مسبوقة لم يشهدها الميناء منذ انشائه من أجل زيادة طاقته الاستيعابية.
من جانبه، يرى محمد سعد، رئيس جمعية مستثمري الغاز، أن مصر في منأى عن أزمة الغاز وارتفاع أسعاره عالمياً بفضل الاكتشافات المحققة، والاكتفاء الذاتي الذي تحقق قبل سنوات، لافتاً إلى أن ارتفاع الطلب على الغاز عالمياً وبوادر ظهور أزمات تصنيع لدى بعض الدول، أمر بعيد تماماً عن مصر، خاصة بعدما أعلنت وزارة المالية عن تثبيت الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي مدة 3 سنوات.
لاعب أساسي في سوق الغاز العالمي
وسبق أن أعلن وزير المالية محمد معيط، أن الخزانة العامة للدولة تتحمل عبء تثبيت أسعار الكهرباء والغاز للقطاع الصناعي خلال الثلاث سنوات المقبلة؛ بما يتسق مع جهود الدولة لتوطين الصناعات المتطورة وفقًا لأحدث الخبرات العالمية، وتعميق الإنتاج المحلى.
ويضيف رئيس جمعية مستثمري الغاز، أن مصر لديها قدرات على تصدير الغاز، والدخول كلاعب أساسي في سوق هذه الصناعة، بالاستفادة من الأزمات التي تعانيها الدول في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن الصناعة المصرية ستستفيد أيضاً من ذلك، ويعزز القدرة من التصنيع منخفض التكلفة مقارنة بغيرنا من الدول الأخرى.
و عادت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى الارتفاع اليوم بعد تراجعها قبل أيام، في الوقت الذي تراجعت فيه إمدادات الغاز من روسيا والنرويج، وهما أكبر موردين للغاز إلى أوروبا، مع اقتراب موسم الطلب على التدفئة في الشتاء.