«الله أكبر».. حكاية أول نشيد لنصر أكتوبر صنعته الصدفة وغناه موظفي الإذاعة
انطلق صوت الإعلامي حلمي البلوك الرخيم، في تمام الخامسة مساء يوم السادس من أكتوبر 1973، عبر أثير الإذاعة المصرية ليقول: "هنا القاهرة.. جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي: نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة، واستولت على نقاط العدو القوية بها، ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة.. هنا القاهرة".
الجماهير تخرج للشارع بعد إذاعة البيان الخامس
البيان الخامس للقوات المسلحة المصرية، الذي أذاعه البلوك، والمعروف إعلاميًا بـ"بيان العزة والكرامة"، لم يكن مجرد خبر عاجل يقرأه مذيع من خلف الميكروفون، بل كان حلمًا طال انتظاره 6 سنوات.
بيان العبور دفع بالجماهير إلى الشارع، مهللة "الله وأكبر.. الله وأكبر"، ظل الجميع يهتف هتاف النصر، من بين الفارحين بتلك اللحظة الموسيقار المبدع بليغ حمدي، الذي كان يترجم بعقله وقلبه الهتافات وفرحة المصريين لألحان وموسيقي وأناشيد.
الصدفة تجمع بليغ وعبدالرحيم منصور في الشارع
هتافات الناس في كل حي بمصر دفع بليغ حمدي بالهرولة لمبنى الإذاعة والتليفزيون الشهير، المطل علي نيل القاهرة المنتصرة، يحمل عوده وكأنه بندقية آلية ذاهب بها لميدان القتال.
التقي بليغ حمدي الشاعر عبدالرحيم منصور صدفة بالشارع، وشاهده يسير وسط الجماهير يهتف مثلهم "الله وأكبر"، فجذبه من يده وقال له حسبما ذكرت مراجع تاريخية موسيقية كثيرة: "ماذا تفعل هنا، تعالى معي، هنا ليس مكننا الصحيح، مفروض نكون الآن بنكتب ونلحن ونغني لرجالنا على الجبهة، ونفرح الناس بلحظات النصر".
انطلق يجري على السلالم.. بعد منعه من دخول ماسبيرو
منع عبدالرحيم منصور وبليغ حمدي من دخول ماسبيرو، لشدة الإجراءات الأمنية المحاط بها المبنى طبقًا لما أكده شهود عيان، تمسك حمدي برغبة دخوله الإذاعة، وهدد بعدم الرحيل، وسيفعل أي شيئًا يمكنه من الدخول، فحذره الأمن، وأخبره أن ما يفعله "جنون"، وظروف البلد لا تسمح بهذا .
أبلغ الدكتور عبدالقادر حاتم، وزير الإعلام حينها بما يفعله بليغ وعبدالرحيم منصور، والمشاكل المتسببين فيها للأمن، فقابل الوزير رغبة الملحن والشاعر بتقدير، وأمر بدخولهم المبني، ليبدئوا في صنع الملاحم الفنية احتفالا بالنصر.
ذكر شهود العيان أن بليغ حمدي لم ينتظر المصعد، وصعد يجري على سلالم ماسبيرو، متوجهًا للطابق السابع حيث أستوديو 64، الشاهد على كتابة وتلحين وإذاعة أول أغنية لنصر أكتوبر73، والمعروفة باسم أنشودة النصر، غناء المجموعة.
أستوديو 64 شاهد على ميلاد "نشيد النصر"
داخل أستوديو 64، كتب عبدالرحيم منصور كلمات أول أغنية لحرب أكتوبر، مستلهمًا معانيها من هتافات الجماهير، "بسم الله الله أكبر بسم الله بسم الله.. بسم الله أذن وكبر بسم الله بسم الله.. نصرة لبلدنا بسم الله بسم الله.. بإيدين ولادنا بسم الله بسم الله..وأدان ع المدنة بسم الله بسم الله.. بيحيى جهادنا بسم الله بسم الله.. الله أكبر أذن وكبر.. وقول يا رب النصرة تكبر".
استعان بموظفين الإذاعة بعد تعثر حضور الكورال الموسيقي
واجهت بليغ حمدي مشكلة كبيرة، من سيغني كلمات منصور العبقرية التي تم تأليفها وتلحينها في 60 دقيقة، الوقت يمر سريعًا، واستدعاء كورال موسيقي مدرب أمر صعب، فتوجه بليغ حمدي إلى مكاتب ماسبيرو، واختار عدد من موظفين المبني، ودربهم سريعًا، وتم تسجيل وإذاعة "نشيد النصر" بصوت موظفين الإذاعة.
الجدير بالذكر أن "نشيد النصر"، ليس الوحيد ما كتبه عبدالرحيم منصور ولحنه بليغ من أغاني لنصر أكتوبر73، فهناك العديد من الأعمال التي قدموها معًا، أشهرهم أغنية الفنانة وردة الجزائرية "وأنا على الربابة بغني".