رغم مرور قرابة نصف قرن.. حرب أكتوبر جرح غائر فى قلب إسرائيل
أحدثت البداية المفاجئة لـحرب أكتوبر العظيمة هزة عنيفة في العمق الإسرائيلي جعلته يفقد توازنه؛ إذ واكبت احتفال اليهود بعيد الغفران، ولم يكن أحد منهم يتوقع أن تبدأ الحرب في هذا اليوم، وظل الجيش المصري يوجه الضربات المتتالية، بسلاح أقل تفوقا مما يملك الخصم، ولكن بعزيمة قتالية لا تقهر، وتخطيط أذهل العالم.
رغبة الجنود في تحرير سيناء وضعتهم بين خيارين لا ثالث لهم إما النصر واسترجاع الأرض، أو الشهادة، ووقف العالم كله احتراما لما قامت به مصر جيشا وشعبا من مواجهات باسلة أمام عدو يمتلك أسلحة حديثة ومعقدة. وسيظل الجيش المصري الوحيد الذي حارب إسرائيل، وانتصر عليها ولقنها درسا لن تنساه مطلقا.
يكفي أن جولدا مائير انهارت نفسيا قبل تسليمها بالهزيمة، وأطلق موشيه دايان تعبيرا ترجم بالعربية أن مصر باغتت إسرائيل، لكن هذا التعبير باللغة العبرية فج بكثير عن المعنى العربي المترجم!
واحتار عساف ياجوري حيرة بالغة، وتساءل: كيف وجدنا أنفسنا في هذا الموقف المخجل؟، وأين ضاعت سرعة الحركة والتأهب الدائم لجيشنا؟. وأضاف دافيد اليعازر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أن تصريحات شارون للصحفيين غير مسؤولة، وهو يعلم أن عبورنا الغربي كلفنا خسائر فادحة ولم نستطع أن نخضع أي جيش من الجيوش المصرية.
وسخر الشارع الإسرائيلي بشدة من قيادات جيشه، وقام البعض منه بحملات كثيرة، وعلقت الكثير من اللافتات في شوارع المدن الإسرائيلية؛ خاصة في مطار بن جوريون، مكتوب عليها: "على آخر المهاجرين إطفاء النور"، وهى عبارة دالة على حجم الانهيار النفسى الذى ضرب المجتمع الإسرائيلى، وسط تصاعد حالة من الاغتراب العام، وتزايد معدل الهجرة خارج إسرائيل.
وعكس الأدب العبري، حالة الاغتراب والهزيمة النفسية، وهو ما بدا واضحا فى كتابات أدباء إسرائيليين مثل يهوشوع، وعاموس عوز، الذين بدأوا في تغيير أفكارهم الزائفة عن مجد إسرائيل وتحضرها، و«تخلف وهمجية» العرب.
ستظل آثار حرب 73، في النفس الإسرائيلية ؛ ممتدة لأجل غير معلوم؛ وخاصة أن هذه الحرب ضربت عمق العقيدة الإسرائيلية التى صنعتها مقولات مثل «الشعب الذي لا يقهر»، و«شعب الله المختار».