في ذكرى دخولها مصر..
مشروع إحياء «مسار العائلة المقدسة» حلم يتحول لواقع قريبا
تحل غدا الثلاثاء، الأول من يونيو، ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر منذ أكثر من ألفي عام، والتي بفضلها تبوأت الكنيسة القبطية المصرية مكانة دينية خاصة بين الكنائس المسيحية في العالم، لارتباطها بهذه الرحلة المباركة لأرض مصر، على مدار أكثر من 3 أعوام ونصف باركت خلالها العائلة المقدسة أكثر من 25 بقعة في ربوع مصر المختلفة، حيث تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء شرقا إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أقاصي صعيد مصر.
وبدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح بالشمال الشرقي للبلاد، مرورا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوي والسيدة العذراء "السريان"، والبراموس، والقديس أبو مقار، واتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجة في وسط مجمع الأديان، ومنها إلى كنيسة المعادي وهي نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل.
ووصلت بعد ذلك إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيده، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.
وقطعت أجهزة الدولة المصرية شوطا كبيرا في إنجاز مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة الذي يتم تنفيذه حاليا، مما يؤكد احترام مصر لتاريخها وللتراث الإنساني الذي يمثله خط مسار العائلة المقدسة، ويؤكد صورة مصر الدائمة بأنها نموذج للتعايش مع التاريخ والثقافة والحضارة والديانات والمبادئ النبيلة التي قدمتها للعالم أجمع.
ويشرف على تنفيذ المشروع وزارة التنمية المحلية بالتعاون والتنسيق مع وزارة السياحة والآثار وعدد من الجهات المعنية وفي مقدمتها مجلس الوزراء والكنيسة القبطية المصرية والمحافظات، حيث يعد إحياء مسار العائلة المقدسة مشروعا قوميا لأنه محور عمراني تنموي يقوده قطاع السياحة ويؤدي تنمية هذا المحور إلى تنمية المجتمعات المحيطة بطول المسار، الذي يتضمن 25 نقطة تمتد لمسافة 3500 ذهابا وعودة من سيناء حتى أسيوط.
ويمتد مشروع تطوير مواقع مسار العائلة المقدسة، إلى المحيط العمراني الأشمل، ولا يعتمد على تطوير الموقع الأثري فقط، بما يضمن تحسين المناخ السياحي وتوفير الفرصة لدى المجتمع المحلي للتفاعل مع الأنشطة السياحية.
وشهد العام الحالي منذ بدايته في يناير الماضي افتتاح أعمال تطوير موقع سمنود بمحافظة الغربية كأول نقطة في مسار العائلة المقدسة يتم تأهيلها بنسبة 100%، تلاها افتتاح النقطة الثانية من المسار بمحافظة كفر الشيخ، ثم النقطة الثالثة بموقع تل بسطة بالشرقية، كما ستشهد الفترة المقبلة افتتاحات لمواقع عديدة على المسار بعد ترميمها وتطوير المنطقة المحيطة بها من بينها موقع شجرة مريم بالمطرية بمحافظة القاهرة، ودير المحرق بمحافظة أسيوط وجبل الطير بالمنيا وغيرها.
وتولي وزارة السياحة والآثار أهمية خاصة لتطوير مسار رحلة العائلة المقدسة، حيث تستهدف الوزارة منه تحقيق تنمية عمرانية على محور كبير، لاسيما المجتمعات الفقيرة في منطقتي الدلتا وصعيد مصر، وخلق مسارات للتنمية السياحية تضاف إلى المواقع الأثرية، والقضاء على موسمية السياحة، خاصة وأنه يمكن زيارة نقاط المسار على مدار العام، ونظراً لكونه منتجا روحانيا في المقام الأول ولا يقتصر على شريحة معينة، بالإضافة إلى إطالة مدة إقامة السائح، وزيادة معدل إنفاقه، وزيادة العائد من النشاط السياحي على المجتمعات المحلية ومن ثم تعزيز روح الولاء والانتماء، بالإضافة إلى تعزيز مكانة مصر عالمياً كأرض تحتضن مختلف الأديان والثقافات والحضارات وإبراز صورتها الحقيقية وممتلكاتها الإنسانية.
ومن هذا المنطلق، تم تخصيص 60 مليون جنيه من هيئة التنمية السياحية للتنسيق مع وزارة التنمية المحلية، لتنفيذ البنية التحتية الخاصة بمسار العائلة المقدسة، كما قامت هيئة التنشيط السياحي بعدد من الرحلات التعريفية لعدد من الحجاج الأجانب والإعلاميين لتعريفهم بالمسار ونقاطه، فمسار العائلة المقدسة من المنتجات السياحية التي تنفرد بها مصر والذي يتم الترويج له عالميا.
وقامت الوزارة بعدة إجراءات لتوثيق وترميم وتطوير محطات رحلة العائلة المقدسة، حيث تم الانتهاء من ترميم كنيسة أبي سرجة بمصر القديمة، وكنيسة السيدة العذراء مريم الشهيد أبانوب بسمنود.
كما تم الانتهاء من ترميم عدد كبير من المباني المتضررة من السيول في أديرة وادي النطرون، وهي "دير السريان"، و"دير البراموس"، و"دير الأنبا بيشوي"، وفي القاهرة تم الانتهاء من مشروع صيانة وترميم موقع شجرة وبئر مريم بالمطرية، وتنفذ حاليا الوزارة مشروعا متكاملا لترميم كنيسة السيدة العذراء مريم بجبل الطير، وذلك بناء على موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، إلى جانب تطوير ورفع كفاءة عدد من المواقع على مسار الرحلة بالتنسيق مع المحافظات.
وقامت الهيئة العامة للتنمية السياحية بإعداد مخطط استثماري لعمل مشروعات تخدم المسار مثل فنادق بيئية "إيكولودج" ومحلات وبازارات وكافيتريات، وتم وضع خطة لتدريب المجتمع المحلي.
وشكلت وزارة السياحة والآثار لجنة قومية تضم خبراء من كل الجهات المعنية لإعداد ملف لتقديمه إلى منظمة اليونسكو لتسجيل مسار رحلة العائلة المقدسة على قائمة التراث العالمي اللامادي وتسجيل أديرة وادي النطرون الأربعة على قائمة التراث العالمي المادي.
وانتهت الوزارة في مارس 2020 من إعداد ملف موثق "بالاحتفالات المرتبطة بمسار رحلة العائلة المقدسة" وفق ضوابط منظمة اليونسكو وتسليمه للجنة الوطنية بباريس، وذلك من خلال عدة إجراءات، في مقدمتها اعتبار التاريخ الموافق 24 بشنس (1 يونيو) موعدا لدخول العائلة المقدسة مصر، طبقاً للكنسية القبطية، وكل مظاهر الاحتفالات والموالد في هذا اليوم هو مقصد ملف اللجنة، كما تم اعتماد خريطة مسار رحلة العائلة المقدسة التي تحمل توقيع البابا شنودة كخريطة استرشادية لكافة أعمال اللجنة.
وتم تجميع كافة المواد التوثيقية للاحتفالات الموجودة التي تقام في الأديرة المصرية وذلك بالتنسيق مع ممثل الكنيسة - في اللجنة - ورهبان الكنائس والأديرة، كذلك ما تم توثيقه في إدارة الأرشيف والمؤثرات الشعبية بوزارة الثقافة، كما تم تشكيل فريق عمل لتوثيق التراث غير المادي بالمواقع التي حددتها اللجنة العلمية، وفق التاريخ المعتمد من الكنيسة القبطية.
وأعدت الوزارة كتالوج توثيقيا (باللغتين العربية والإنجليزية) لمجموعة من المحطات الأثرية بمسار رحلة العائلة المقدسة وهي أديرة وادي النطرون بمحافظة البحيرة وكنيسة أبي سرجة بمصر القديمة وبئر وشجرة مريم بالمطرية وكنيسة السيدة العذراء بجبل الطير بسمالوط محافظة المنيا ودير المحرق بمحافظة أسيوط كذلك رصد لمظاهر الاحتفالات الشعبية المرتبطة بمحطات العائلة المقدسة.