في ذكرى وفاة الإمبراطور.. أحمد زكي قطعة الصلصال الذي يعاد تشكيلها مع كل دور جديد (1-5)

يخلط «جوجل» بين أحمد زكي وهيثم أحمد زكي، وهالة فؤاد، لا يفرق بين ثلاثتهم، ويعتبرهم «باكدج» واحدة، يجمعهم في قصص متشابكة مشحونة بالحب والوحدة والألم والنهايات المؤلمة.

عندما ماتت هالة علم أحمد بالخبر وهو فوق سطح عمارة عالية يؤدي أحد أدواره، فوجدها فرصة ليتطهر من خطيئة «طلاقها» وتدمير حياتهما، وفي اللحظة التي أراد فيها الانتحار والقفز من أعلى وجدهم يلتفون حوله ويمنعونه من الرحيل المبكر.

لم يترك أحمد لـ هيثم ثروة، بل اسما ضخما، تسبب في ظلم الابن بمقارنات لا تنتهي كلما جسد دورا، بدلا من أن يكون الأب شفيعا له عند الجمهور، تحول إلى عائق يمنعه من النفاذ إلى القلوب، وكل من يشاهده يسخر منه ويتهمه بأنه صورة باهتة لأصل مبهر.

العجيب أن محرك البحث لم يربط  بين أحمد زكي ونجيب الريحاني، رغم أن كلاهما شغل منصب الناظر في مدرسة الاندماج، وأهدى الخلود للشخصيات (المتنوعة) التي جسدها على شاشة السينما، بعد أن وصل بالاتقان في الآداء إلى درجة 101%.

بين أبناء جيله استطاع أحمد زكي أن يكون ضلعا في مربع العمالقة بجانب (محمود عبد العزيز ونور الشريف وعادل إمام) إلا أنه كان الوحيد بينهم الذي يتفوق على نفسه كل مرة، ويقدم الشخصية بطريقة مبتكرة حيرت أدمغة النقاد.

يختلف عادل إمام عن أحمد زكي في أن الأخير صنع أسطورته من إصراره على أن يؤدي في كل مرة دورا يختلف شكلا وموضوعا عما سبقه، وقد يكون الوحيد في تاريخ السينما الذي جسد شخصية الضابط بـ4 وجوه من خلال أفلام (الباطنية، وزوجة رجل مهم وأرض الخوف، والباشا).. أحمد زكي هو قطعة صلصال يتم تشكيلها في كل مرة على هيئة أخرى. بينما عادل إمام «كرة» لا تتغير خواصها وصالحة لألعاب متنوعة.

قال رمسيس نجيب عن أحمد زكي عندما شاهده للمرة الأولى « ما ينفعش الولد الأسود ده يحب سعاد حسني» ، إلا أن السندريلا «بذات نفسها» اختارته ليكون بطلها في «شفيقة ومتولي»، و«نكاية» في رمسيس جعله  صلاح جاهين يحب سعاد 10 مرات من خلال حلقات «هو وهي».

رغم موت والده وزواج أمه لم يلجأ أحمد للبكاء، لكنه كان يخاف دائما من المرض، حتى أن الطبيب الذي يعالجه من السرطان اضطر أن يخترع مصطلح «الخلايا النشطة» حتى لا يتسبب في فزعه، ورغم ذلك كان رد فعل أحمد زكي عنيفا وهو يقول له و«دى جاتلى منين.. إيه المصيبة اللى أنا فيها دى».

قضى ثلاثة أشهر في آلام المرض تلقى خلالها مليون رسالة تنوعت بين الدعوات بالشفاء ووصفات علاج بالطب الشعبي وقصائد شعر واطمئنان على صحته والتعبير عن الإعجاب بفنه، واستلم 3250 طرداً من جميع أنحاء العالم، يحمل بعضها «حبة البركة» من اليمن، ومياه زمزم من السعودية، وأعشابا من الصين والسودان، ونباتات برية من موريتانيا، وغذاء ملكات النحل، إضافة إلى آلاف المصاحف والسبح.

المؤلم أنه فقد بصره في الأيام الأخيرة ما أدى لتدهور حالته النفسية وتسليمه إلى الموت، لتفقد مصر والأمة العربية في 27 مارس 2005 الفنان الأكثر موهبة في تاريخ السينما ويتم توديعه في جنازة مهيبة تم استغلالها في فيلم «حليم» على أنها جنازة العندليب.