بعد زيارة ميلوني لأمريكا.. إيطاليا ترفع إنفاقها الدفاعي لنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي

لم تكد تمر بضع ساعات على مناقشة رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، قضية الإنفاق الدفاعي الشائكة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حتى أعلن رئيس ماليتها في روما أن إيطاليا سترفع إنفاقها الدفاعي إلى نسبة 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي؛ ليصل إلى ما يقرب من 38 مليار يورو.
ونقلت مجلة "ديفينس نيوز" عن وزير المالية الإيطالي، جيانكارلو جيورجيتي، قوله أمام البرلمان "ندرك تماما، في ضوء التوترات الراهنة، مدى الحاجة إلى زيادة هذا الإنفاق في السنوات المقبلة".
وأثناء وجودها في البيت الأبيض في اليوم ذاته لزيارة الرئيس الأمريكي ترامب، كانت ميلوني قادرة على أن تعلن أن "إيطاليا تحترم تعهداتها" مضيفة "نحن دولة جادة".
وجاء الإعلان عن نسبة الـ 2 في المئة كإجراء سريع وفي اللحظات الأخيرة لدعم إيطاليا، التي بقيت منذ أمد بعيد شحيحة في إنفاقها الدفاعي، بنسبة 1.54% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وفق وزير الدفاع الإيطالي، جويدو كروسيتو، رغم أنها تعهداتها التي قطعتها على نفسها أمام حلف "الناتو" ومنذ فترات طويلة للإنفاق بصورة أكبر على الدفاع.
وتقول المجلة المعنية بالشؤون العسكرية إن الوصول إلى نسبة الـ2 في المئة لم يكن سهلا، فإيطاليا ليس لديها رغبة في الإنفاق الدفاعي، رغم تهديدات روسية على الأبواب، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الإيطاليين لا يرغبون في رفع موازنات الدفاع، بينما قاد "حزب النجوم الخمسة" المعارض مسيرة ضد رفع الإنفاق الدفاعي، في روما الشهر الماضي.
ومن التحديات الأخرى التي تواجه ميلوني في تلك المسألة، أن نائبها وشريكها في الائتلاف الحاكم، ماتيو سالفيني، أعرب عن شكواه أيضاً من أن الأموال الفائضة لابد أن تذهب إلى المستشفيات وليس إلى القنابل.
وحسبما يتضح، فإن ضغوط البيت الأبيض وحلف "الناتو" آتت أُكلها، حتى بالرغم من أن 2% لا تقترب على الإطلاق من نسبة 5 في المائة التي دعا إليها الرئيس ترامب، أو أنه يدنو من نسبة 3 في المائة التي سيطلب "الناتو" إقرارها في يونيو المقبل في لقاء الدول الأعضاء.
وتطرح المجلة التساؤل التالي حول كيف يمكن لإيطاليا توفير الأموال لتلك الزيادة في الإنفاق الدفاعي.
وقد بلغت نفقات المشتريات الدفاعية 9.31 مليار يورو (بما يعادل نحو 10.59 مليار دولار أمريكي) في العام الماضي، بما يقترب من ضعف ما أنفقته في عام 2020 حين سجلت 5.45 مليار يورو.
وإذا كانت النفقات الإجمالية قد وصلت إلى 29.18 مليار يورو في العام الماضي، بما يعادل 1.54 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن رفع النسبة إلى 2 في المئة يعني إيجاد مخصصات إضافية بقيمة 8.7 مليار يورو خلال هذا العام؛ لتصل بالنفقات الكلية إلى 37.9 مليار يورو.
وتكهنت بعض وسائل الإعلام الإيطالية بأن تلجأ الحكومة إلى ابتكار بعض السبل المحاسبية من خلال دفع إنفاق بعض الخدمات، مثل حرس الحدود، داخل بنود الدفاع، غير أن أحد المحللين حذر من الإقدام على تلك الخطوة.
وقال رئيس برنامج الدفاع والأمن والفضاء في مركز "آي إيه آي" البحثي في روما، أليساندرو ماروني،"إنها نهاية محكوم عليها بالفناء - لا أرى أية مرونة في تعريفات ’الناتو’ حول ما الذي يشكله الإنفاق الدفاعي"
من جهته، طرح الاتحاد الأوروبي إمكانية أخرى، يقدم بموجبها 150 مليار يورو في صورة قروض لتمويل الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء.
كما يريد الاتحاد الأوروبي السماح لأعضائه بإعفاء الإنفاق الدفاعي، بما يصل إلى 1.5 في المائة من نواتجها المحلية الإجمالية، من اللوائح المقيدة لسقف الدين في دول التكتل.
وكانت إيطاليا قد طالبت بتنفيذ تلك القاعدة على مدار سنوات طويلة، زاعمة أنه بدونها ليس هناك من سبيل لتعزيز الإنفاق.
ويقول ماروني "لقد حصلت إيطاليا حالياً على بند الإعفاء الذي طلبته، ولم يعد هناك أي مبررات."
وتقول "ديفينس نيوز" إنه إذا تمكنت إيطاليا من توفير مزيد من السيولة لهذا العام، فإن التساؤل التالي سيكون ما الذي ستنفقه فيه، في ضوء أنه من المرجح أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على روما لشراء عتاد أمريكي.
وحسب أرقام الحكومة الإيطالية، فإن ما يقرب من ربع الواردات الدفاعية الإيطالية في العام الماضي، جاءت من الولايات المتحدة، أي من خارج الاتحاد الأوروبي، بقيمة بلغت 184 مليون يورو.
وتعهدت إيطاليا في عام 2024، بإنفاق 7 مليارات لشراء 25 طائرة مقاتلة حربية من طراز "إف-35" لتضاف إلى أسطول مكون من 90 مقاتلة تقوم بشرائها بالفعل، كما اشترت إيطاليا أيضاً مقاتلة "جَلفستريم" للإنذار المبكر، وأجهزة الإشارات الاستخباراتية ومعدات الهجوم الإلكتروني.
وفي الوقت ذاته، تقوم إيطاليا بتجميع دبابات ومركبات مدرعة جديدة بالتعاون مع "راينميتال" الألمانية بينما عملية بناء السفن تتم محلياً من خلال شركة "فينكانتيري"، وبطاريات دفاع جوي جديدة من طراز" سام بي- تي" ضمن طلبية من مجموعة "إم بي دي إيه" الأوروبية متعددة الجنسيات.