رسالة نووية من خامنئي إلى بوتين وسط تصعيد أمريكي

في خطوة لافتة وسط توتر متصاعد بشأن الملف النووي الإيراني، أرسل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، اليوم الخميس، وزير خارجيته عباس عراقجي إلى موسكو حاملًا رسالة خاصة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووفقًا لما نقلته وكالة "رويترز"، فإن الرسالة تتعلق بالمحادثات النووية الجارية حاليًا بين طهران وواشنطن، والتي تشهد تحركات دبلوماسية مكثفة وتهديدات متبادلة.
وتأتي هذه التحركات بعد تهديدات متكررة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هدّد صراحة بقصف الجمهورية الإسلامية في حال فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني. وضمن هذه التهديدات، توعد ترامب أيضًا بفرض عقوبات جمركية على الدول التي تواصل شراء النفط الإيراني، كما أمر بإرسال طائرات حربية إضافية إلى المنطقة في رسالة واضحة للضغط على طهران.
إيران تتمسك بحق التخصيب
في موازاة التحركات السياسية، شهدت سلطنة عُمان الأسبوع الماضي جولة أولى من المحادثات المباشرة بين ممثلي طهران وواشنطن، وصفها الطرفان بأنها إيجابية وبنّاءة. ومن المقرر أن تُستأنف هذه المحادثات في العاصمة الإيطالية روما نهاية الأسبوع الجاري.
وقبيل هذه الجولة الجديدة، شدد عباس عراقجي على أن حق إيران في تخصيب اليورانيوم يُعدّ خطًا أحمر لا يمكن التفاوض بشأنه. هذا الموقف الإيراني يمثل تحديًا صريحًا لمخاوف الدول الغربية التي ترى في تقدم طهران نحو العتبة النووية تهديدًا جديًا للأمن الإقليمي والدولي.
موسكو تعود كوسيط محوري
تلعب روسيا، الحليف التقليدي لإيران، دورًا محوريًا ومتجددًا في ملف المفاوضات النووية، خاصة بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن وأحد الموقعين على الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس ترامب عام 2018.
وفي تصريحات للتلفزيون الإيراني، أكد عراقجي أن بلاده دأبت على إجراء مشاورات وثيقة مع كل من الصين وروسيا حول الملف النووي، مضيفًا أن المرحلة الحالية تمثل فرصة مناسبة لتعزيز هذا التنسيق مع موسكو.
لقاء في الكرملين وتحذيرات روسية
التقى الوزير الإيراني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل أسوار الكرملين، حيث ناقشا عددًا من القضايا الثنائية والإقليمية في وقت حرج تمر به المنطقة. وقد جددت روسيا خلال هذه الفترة تحذيراتها من أي عمل عسكري يُوجَّه ضد إيران، معتبرة مثل هذا التحرك غير قانوني وغير مقبول بموجب القانون الدولي.
ومع ذلك، امتنع الكرملين عن التعليق على مدى استعداد روسيا للإشراف أو السيطرة على مخزونات إيران من اليورانيوم المخصّب في إطار أي اتفاق نووي محتمل، مما يعكس حذر موسكو في خوض التزامات مباشرة بشأن هذا الملف الحساس.
تحالف طويل وشراكة غير مشروطة
رغم تاريخ طويل من التحالف بين روسيا وإيران، لا سيما خلال الحرب السورية، شهدت العلاقات بين البلدين هذا العام توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية تمتد لعشرين عامًا. ورغم أن الاتفاقية لم تتضمن أي بنود للدفاع المشترك، إلا أن التعاون العسكري بين الطرفين بات واضحًا، خصوصًا في ضوء شراء موسكو لأسلحة إيرانية تم استخدامها ضمن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ورغم هذا التعاون، تظل روسيا حذرة في مقاربتها للملف النووي الإيراني، إذ لا ترى في تحول إيران إلى قوة نووية مصلحة استراتيجية، خاصة إذا ما أدى ذلك إلى إطلاق سباق تسلح نووي في منطقة الشرق الأوسط، ما قد يعقد المشهد الإقليمي ويُضعف الموقف الروسي في معادلة النفوذ العالمية، رغم العداء المشترك للغرب.