أمين الفتوى: إساءة معاملة السائح إضرار بالمال العام ومحرم شرعًا

أجاب الشيخ حسن اليداك، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد بشأن واجب المواطن في الحفاظ على مصدر دخل البلاد من السياحة، مؤكدًا أن التعامل غير اللائق مع السائحين يُعد إضرارًا مباشرًا بالمال العام، وهو أمر محرم في الإسلام.
وخلال حوار أجراه مع الإعلامية زينب سعد الدين، في حلقة من برنامج "فتاوى الناس" المُذاع على قناة "الناس" يوم الخميس، أوضح الشيخ اليداك أن دخل الدولة، بما فيه دخل السياحة، ينعكس بشكل مباشر على حياة الأفراد وأسرهم. فكل مواطن يرغب في التمتع بحياة أفضل، تشمل السكن المناسب، ووسائل نقل متطورة، وخدمات صحية وتعليمية عالية الجودة. وهذا لا يتحقق إلا من خلال اقتصاد قوي يعتمد على مصادر دخل ثابتة، مثل السياحة.
السياحة والمال العام... العلاقة الشرعية والاقتصادية
أكد أمين الفتوى أن المال العام – بما يشمل عائدات السياحة – له حرمة شرعية عظيمة، تفوق حرمة المال الخاص، وقد شدد النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة والخلفاء الراشدون على ضرورة الحفاظ عليه. وأضاف أن من واجب كل مواطن أن يحرص على حماية هذا المال، وألّا يتسبب في إهداره أو التعدي عليه.
واستشهد الشيخ اليداك بموقف شهير للخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، الذي كان يفصل بين حياته الشخصية ومال الدولة حتى في أبسط التفاصيل؛ إذ كان يطفئ مصباح الدولة إذا أراد الحديث في أمور خاصة، وهو مثال واضح على تقديس المال العام ووجوب الفصل بين العام والخاص.
كما تطرق إلى مسألة العملة الوطنية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الناس في السابق لم يدركوا خطورة التعامل في السوق السوداء، أما اليوم فقد أصبح الوعي أكبر، لأن التلاعب بالعملة يؤثر على استقرار الاقتصاد الوطني ويعود بالضرر على المواطن نفسه.
حسن استقبال السائح... واجب ديني قبل أن يكون واجبًا وطنيًا
من جهة أخرى، شدد الشيخ حسن اليداك على أن استقبال السائحين يجب أن يكون على أعلى مستوى من الكرم وحسن الخلق، مؤكدًا أن الإسلام حثّ على إكرام الضيف، والسائح في مقام الضيف، يجب أن يُقابَل بحفاوة واحترام يعكسان صورة مشرفة للبلاد وأهلها.
وأشار إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أوصى المسلمين بحسن استقبال الضيوف، موضحًا أن المسلم يجب أن يظهر أمام ضيفه بأفضل صورة، من حيث الثياب والمظهر العام، وأن يوفّر له أفضل وسائل التنقل من سيارات أو حافلات أو قطارات، وأن تكون تلك الوسائل نظيفة ومرتبة.
آداب الحديث مع السائح... صوت خفيض وألفاظ راقية
ولم يغفل أمين الفتوى الجانب اللفظي في التعامل مع السائح، حيث أكد أهمية التزام الأدب في الحديث، مشيرًا إلى ضرورة الحفاظ على نبرة صوت مناسبة، وعدم التلفظ بكلمات نابية أو جارحة أو تنمر من أي نوع. وشدد على أن الصوت يجب أن يكون واضحًا دون إزعاج، وأن تكون اللغة مهذبة، حتى يتمكن السائح من الفهم دون عناء أو انزعاج.
وفي ختام حديثه، شدد الشيخ اليداك على أن الاستضافة ليست مجرد مظهر خارجي، بل هي سلوك متكامل يجسد القيم الإسلامية، ويعكس صورة حضارية عن الدولة وشعبها، كما أنه يساهم بشكل فعّال في دعم الاقتصاد الوطني وصون المال العام.