رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

تركيا تنفق 12 مليار دولار لدعم الليرة وسط اضطرابات سياسية

نشر
البنك المركزي التركي
البنك المركزي التركي

شهدت الأسواق التركية اضطرابًا كبيرًا عقب اعتقال أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول وأبرز منافسي الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث دفع هذا الحدث السياسي المستثمرين إلى الهروب من السوق، مما أدى إلى انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أنفق البنك المركزي التركي حوالي 12 مليار دولار في تدخل قياسي لدعم الليرة، وفقًا لمصدر مطلع وتحليلات شركة Bürümcekçi Research and Consultancy. وقد بلغ حجم التدخل يوم الأربعاء وحده 11.5 مليار دولار، وهو ما يفوق بأربعة أضعاف أي تدخل سابق في تاريخ البنك المركزي.

تدهور العملة والأسواق المالية

جاءت هذه الخطوة بعد أن هوت الليرة بنسبة 11% أمام الدولار الأميركي، مسجلةً أدنى مستوى لها على الإطلاق. كما تأثرت ثقة المستثمرين، حيث صرح أحد المصرفيين الأتراك بأن المسؤولين "فقدوا السيطرة" على السوق في وقت مبكر من يوم الأربعاء، مما أدى إلى موجة هروب رؤوس الأموال.

وأشارت مؤسسة جيه بي مورغان تشيس إلى أن السيولة في سوق الليرة تضررت بشدة نتيجة تدفقات رأس المال الكبيرة، بينما يعتقد المحللون أن البنك المركزي استمر في التدخل خلال يومي الخميس والجمعة لمحاولة استقرار العملة.

رفع أسعار الفائدة لاحتواء الأزمة

لم يقتصر رد الفعل على التدخل النقدي، فقد عقد البنك المركزي اجتماعًا طارئًا يوم الخميس وقرر رفع سعر الفائدة الرئيسية لليلة واحدة، بهدف منع المواطنين من تحويل مدخراتهم إلى الدولار.

ساهمت هذه الإجراءات في تقليل حدة التراجع، حيث أنهت الليرة الأسبوع بخسائر بلغت 3% فقط، إلا أن سوق الأسهم لم يسلم من الأزمة، حيث تراجع مؤشر "بيست 100" في بورصة إسطنبول بنسبة 8% يوم الجمعة، مسجلًا أسوأ أداء أسبوعي له منذ عام 2008.

التداعيات السياسية والاقتصادية لاعتقال إمام أوغلو

يُعد أكرم إمام أوغلو من أبرز المنافسين السياسيين لأردوغان، وكان الحزب المعارض يأمل في الدفع به كمرشح قوي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقد تسبب اعتقاله في احتجاجات واسعة النطاق، حيث دعا حزب الشعب الجمهوري إلى مزيد من التظاهرات خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وفي رد فعل على هذه الاحتجاجات، وصف أردوغان التظاهرات يوم الجمعة بأنها "إرهاب في الشوارع"، مما زاد من حدة التوتر السياسي الذي أثر بشكل مباشر على الأسواق المالية وأثار مخاوف المستثمرين.

الإصلاح الاقتصادي في مهب الريح

تمثل الأزمة السياسية الراهنة نكسة كبيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يقوده وزير المالية محمد شيمشك، المصرفي السابق في ميريل لينش، والذي تم تعيينه بعد إعادة انتخاب أردوغان في عام 2023 بهدف استعادة ثقة المستثمرين.

شمل البرنامج زيادات كبيرة في أسعار الفائدة، وتحولات في السياسة الاقتصادية، في محاولة لاحتواء التضخم المزمن الذي تعاني منه البلاد. كما تم رفع الضرائب وإعادة بناء الاحتياطيات النقدية، حيث ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية من 57 مليار دولار في منتصف 2023 إلى 100 مليار دولار قبل تدخلات الأسبوع الماضي.

ورغم تسجيل بعض النجاح، مثل تراجع التضخم من 85% في أواخر 2022 إلى 39%، لا يزال المستثمرون قلقين من احتمال عودة أردوغان إلى سياسات اقتصادية غير تقليدية، مما قد يؤثر سلبًا على استقرار السوق.

اهتمام المستثمرين الأجانب بصفقات الفائدة المرتفعة

على الرغم من حالة عدم الاستقرار، تواصل صناديق التحوط والمستثمرون الأجانب ضخ الأموال في السوق التركية، مستفيدين من معدلات الفائدة المرتفعة التي تتجاوز 40%. وتشير تقديرات جيه بي مورغان إلى أن الاستثمارات في صفقات "الكاري تريد" بلغت 35 مليار دولار، حيث يقترض المستثمرون بعملات منخفضة العائد للاستثمار في الليرة التركية ذات العوائد المرتفعة.

عاجل