الخارجية الأمريكية للعراق: تخلصوا من الاعتماد على الغاز الإيراني وسط تشديد العقوبات

طالبت وزارة الخارجية الأمريكية الحكومة العراقية بالإسراع في التخلص من الاعتماد على إمدادات الطاقة الإيرانية "في أقرب وقت ممكن"، وذلك بعد ساعات من إعلان واشنطن عزمها تشديد العقوبات على طهران. التصريحات الأمريكية تزامنت مع مراجعة دورية للإعفاءات التي تمنحها واشنطن للعراق، والتي تتيح له استيراد الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز".
أزمة الكهرباء في العراق: الحاجة تفوق الإنتاج
يعاني العراق من عجز مزمن في إنتاج الطاقة الكهربائية، إذ ينتج حاليًا نحو 27 ألف ميغاواط عبر محطات تعمل غالبيتها بالغاز، لكن الإنتاج ينخفض أحيانًا إلى 17 ألف ميغاواط، ما يفاقم معاناة المواطنين، خصوصًا في أوقات الذروة. تحتاج البلاد إلى 40 ألف ميغاواط لتأمين الكهرباء على مدار الساعة، ما دفعها إلى استيراد الغاز الإيراني لتغطية هذا العجز، رغم المخاطر المرتبطة بالعقوبات الأمريكية.
تمديد الإعفاءات الأمريكية تحت ضغط الواقع
كانت الولايات المتحدة قد منحت العراق إعفاءً دوريًا يسمح له باستيراد الغاز من إيران لتفادي انهيار منظومته الكهربائية، غير أن عودة دونالد ترمب إلى السلطة جلبت معه سياسة "الضغط القصوى" على طهران، مما أثار المخاوف من تقليص أو إنهاء هذه الإعفاءات. في مقابلة سابقة مع "الشرق"، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن العراق يخطط لإنهاء استيراد الغاز الإيراني بشكل كامل بحلول 2028، لكنه شدد على الحاجة إلى استمرار الإعفاء خلال هذه المرحلة الانتقالية، في ظل العمل على ربط العراق بشبكات الطاقة مع الدول المجاورة في إطار استراتيجية التكامل الإقليمي.
اتصال هاتفي ورسائل تحذيرية
التصريحات الأخيرة للخارجية الأمريكية لم تكن التحذير الوحيد، إذ سبقها اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ورئيس الوزراء العراقي، ناقشا خلاله النفوذ الإيراني في المنطقة. حث روبيو بغداد على ضرورة تحقيق "الاستقلالية في مجال الطاقة" لتجنب تداعيات العقوبات المتزايدة، وهو ما يعكس رغبة أمريكية واضحة في تقليص نفوذ طهران داخل العراق.
تشديد العقوبات على إيران: الأثر غير المباشر على العراق
في سياق متصل، أكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن بلاده ستُصعد العقوبات على إيران، مشيرًا إلى أن واشنطن ستُغلق قطاع النفط الإيراني بالكامل عبر "معايير وجداول زمنية محددة مسبقًا". وأضاف بيسنت أن "إفلاس إيران مجددًا سيمثل بداية لسياسة العقوبات المحدثة"، ملمحًا إلى استعداد الولايات المتحدة للدخول في مناقشات مع أطراف إقليمية قد تساعد إيران على تجاوز العقوبات، مثل روسيا، التي أبدت استعدادها للتوسط بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني ودعم الجماعات المسلحة في المنطقة.
ورغم تعهد الحكومة العراقية بالسعي نحو الاستقلال الطاقي، فإن الواقع الميداني يشير إلى أن بغداد ستظل بحاجة إلى الغاز الإيراني لعدة سنوات قادمة. وفي الوقت الذي تحاول فيه إدارة السوداني موازنة علاقتها مع الولايات المتحدة، تبدو الضغوط الأمريكية في تصاعد مستمر، ما يضع العراق أمام معادلة معقدة تتطلب حلولًا عاجلة لتجنب أزمة كهرباء خانقة أو مواجهة عواقب العقوبات.