رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

أسرار جديدة من مقبرة تحتمس الثاني.. اكتشاف أثري قد يغير تاريخ الفراعنة

نشر
مستقبل وطن نيوز

في قلب صحراء الأقصر، حيث تتناثر آثار مصر القديمة، أُعلن عن اكتشاف أثري مهم يُعد من أعظم الاكتشافات في العقود الأخيرة. فقد كشفت البعثة الأثرية المصرية-البريطانية عن مقبرة ملكية جديدة تعود إلى الملك تحتمس الثاني، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، على بُعد 2.4 كيلومتر فقط من وادي الملوك. يُعتبر هذا الاكتشاف خطوة محورية في استكشاف المقابر الملكية المفقودة، ويعيد تسليط الضوء على تاريخ مصر القديمة الغني بالأسرار والإنجازات الحضارية.

المقبرة المفقودة: الكشف عن آخر مقابر ملوك الأسرة الثامنة عشرة

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية أن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي آخر المقابر المفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة، وتم العثور عليها خلال أعمال الحفائر بجبل طيبة، غرب مدينة الأقصر. وأكد الخبراء أن هذا الاكتشاف يُعد واحدًا من أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، لا سيما مع العثور على الأثاث الجنائزي الخاص بالملك تحتمس الثاني لأول مرة، وهو ما لم يكن متاحًا من قبل في أي من المتاحف العالمية.

وقد عُثر داخل المقبرة على أوانٍ من الألباستر منقوش عليها اسم الملك تحتمس الثاني بصفته "الملك المتوفى"، بالإضافة إلى اسم زوجته الملكة حتشبسوت، مما أكد هوية صاحب المقبرة.

تفاصيل الحفريات: من مقبرة ملكة إلى مقبرة ملكية

بدأت البعثة الأثرية أعمال التنقيب في أكتوبر 2022، حيث تم العثور في البداية على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي، مما دفع الخبراء إلى الاعتقاد بأنها تعود إلى زوجة أحد ملوك التحامسة، نظرًا لموقعها القريب من مقبرة زوجات تحتمس الثالث. كما أن وجودها بالقرب من مقبرة الملكة حتشبسوت دعم هذا الافتراض، إذ كانت مقبرة حتشبسوت قد أُعدت لها في البداية كزوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد الحكم.

لكن ومع استمرار أعمال الحفائر، توصل الخبراء إلى أدلة أثرية جديدة أكدت أن صاحب المقبرة هو الملك تحتمس الثاني، وأن الملكة حتشبسوت هي من أشرفت على ترتيبات دفنه، بصفته زوجها وأخيها غير الشقيق.

تفاصيل هندسية وزخرفية للمقبرة

وفقًا للدكتور بيرز ليزرلاند، مدير البعثة الأثرية، فإن أهم ما تم العثور عليه هو جزء من السقف الأصلي للمقبرة، والذي لا يزال محفوظًا بحالة جيدة. يتميز السقف بلونه الأزرق المزخرف بالنجوم الصفراء، وهو عنصر زخرفي لا يوجد إلا في مقابر الملوك.

وأضاف ليزرلاند أن المقبرة تحتوي على سلم ضخم وممر كبير للغاية، مما يدل على عظمتها الملكية. وأوضح أن الفريق الأثري واجه صعوبات كبيرة أثناء الحفريات بسبب تراكم الحطام الناتج عن الفيضانات التي ضربت المنطقة في العصور القديمة. واضطر الفريق إلى الزحف عبر ممر ضيق يبلغ طوله 10 أمتار للوصول إلى غرفة الدفن.

في غرفة الدفن، عثر الفريق على بقايا كتاب "أمدوات"، وهو نص ديني خاص بالملوك، مما عزز الاعتقاد بأن المقبرة تعود لأحد الفراعنة. ولكن المفاجأة الكبرى كانت أن المقبرة فارغة تمامًا، ما يشير إلى أن محتوياتها قد نُقلت إلى مكان آخر بعد أن غمرتها الفيضانات ودمرتها جزئيًا.

القطع الأثرية وتأكيد هوية الملك

بعد فحص الحطام المتراكم داخل المقبرة، عثر الفريق الأثري على أوانٍ من الألباستر منقوش عليها اسم الملك تحتمس الثاني والملكة حتشبسوت، مما أكد هوية صاحب المقبرة. وأوضح ليزرلاند أن بعض القطع تعرضت للكسر أثناء نقل محتويات المقبرة في العصور القديمة، وهو ما ساعد الفريق في التحقق من هويتها.

وأشار ليزرلاند إلى أن الفريق لديه تصور مبدئي لموقع المقبرة الثانية التي يُعتقد أنها تحتوي على كنوز إضافية، والتي قد يتم اكتشافها خلال المواسم القادمة من الحفريات.

ماذا يعني هذا الاكتشاف لمستقبل علم الآثار؟

يُعد اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني خطوة رئيسية نحو كشف أسرار خمس مقابر ملكية مفقودة، من بينها:

  • مقبرة الملك رمسيس الثامن
  • مقبرة الإسكندر الأكبر
  • مقبرة الملكة نفرتيتي
  • مقبرة الملكة كليوباترا

ويعتقد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن هذا الاكتشاف يعزز احتمالية العثور على مقابر ملكية أخرى خارج نطاق وادي الملوك التقليدي، مما يفتح آفاقًا جديدة للتنقيب في مناطق لم يتم البحث فيها سابقًا.

كما يلفت شاكر إلى أن عمليات سرقة المقابر في عصر الأسرة الحادية والعشرين كانت السبب الرئيسي وراء اختفاء بعض الآثار الجنائزية، مما دفع الكهنة إلى نقل المومياوات والكنوز الملكية إلى مقبرة الدير البحري لحمايتها من النهب.

الملك تحتمس الثاني: حياته وإنجازاته

تحتمس الثاني هو الفرعون الرابع من الأسرة الثامنة عشرة، واعتلى العرش في عام 1493 قبل الميلاد بعد وفاة والده. تزوج من أخته غير الشقيقة حتشبسوت، التي تولت الحكم بعد وفاته وحكمت مصر لأكثر من عشرين عامًا.

ورغم أن تحتمس الثاني لم يكن من أعظم الفراعنة، فإنه تمكن من إخماد التمردات في النوبة والشام، لكنه لم يكن قائدًا عسكريًا بارزًا، حيث نُفذت معظم حملاته العسكرية بواسطة جنرالاته.

تحليل مومياء الملك تحتمس الثاني

تم نقل مومياء تحتمس الثاني إلى المتحف المصري بالقاهرة، حيث خضعت لتحليل بالأشعة السينية. وأظهرت النتائج أن الملك توفي في أوائل الثلاثينيات من عمره، وكان ضعيف البنية ويعاني من مرض مزمن أثر على صحته.

أسئلة غامضة وإجابات غير مكتملة

يطرح اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني العديد من التساؤلات التي لا تزال دون إجابات واضحة، ومنها:

  • لماذا دُفن تحتمس الثاني في هذا الموقع، بينما دُفنت حتشبسوت في وادي الملوك؟
  • لماذا هذه المقبرة هي الوحيدة من نوعها في الوادي الغربي؟

يؤكد الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار المصري، أن هذه الأسئلة لا تزال تحير العلماء، وقد يكون الحل في مزيد من البحث والتنقيب.

بداية فصل جديد في تاريخ الفراعنة

يُعد اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني بداية لفصل جديد في استكشاف التاريخ المصري القديم، ما قد يقودنا إلى المزيد من الاكتشافات التي تسلط الضوء على أسرار الفراعنة. ومع استمرار الدراسات الأثرية، قد نجد إجابات لأسئلة طال انتظارها، لتكشف لنا صفحات جديدة من حكاية الحضارة المصرية العريقة.

عاجل