مؤتمر العلا بالسعودية يحدد أولويات لدعم اقتصادات الشرق الأوسط المتضررة من الصراع

شهد مؤتمر العلا السنوي الأول للاقتصادات الناشئة، الذي انعقد في المملكة العربية السعودية، مناقشات موسعة حول سبل دعم اقتصادات المنطقة المتأثرة بالصراعات، مع التركيز بشكل خاص على الوضع الاقتصادي في سوريا. جاء ذلك خلال طاولة مستديرة نظمتها وزارة المالية السعودية وصندوق النقد الدولي، بحضور وزراء المالية من دول المنطقة، ووزير خارجية سوريا أسعد الشيباني، بالإضافة إلى رؤساء المؤسسات المالية الدولية ومجموعة التنسيق العربية.
أولويات لدعم الاقتصادات المتأثرة بالصراع
حدد المشاركون في الطاولة المستديرة عددًا من الأولويات الأساسية لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الدول المتضررة. وتضمنت هذه الأولويات ضرورة إجراء تقييم مستمر للوضع الاقتصادي، مع التركيز على تحديد فجوات السياسات واحتياجات التمويل، وبناء المؤسسات القادرة على دعم التنمية المستدامة.
واتفق المسؤولون على ضرورة توسيع مبادرات تنمية القدرات التي ينفذها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بهدف تعزيز المؤسسات المالية القائمة وإنشاء مؤسسات جديدة حسب الحاجة. كما شددوا على أهمية تقديم الدعم الفني والمالي لتعزيز الوظائف الأساسية للمؤسسات المصرفية والمالية، إضافة إلى تعبئة المساعدات الدولية لتمويل برامج الإصلاح وإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية.
وفي هذا السياق، تم الاتفاق على إنشاء مجموعة تنسيق غير رسمية لضمان استمرار العمل المشترك بين مختلف الجهات لدعم تعافي الاقتصادات المتضررة من النزاعات.
صندوق النقد يبدأ التواصل مع سوريا بعد 16 عاماً
تزامن انعقاد المؤتمر مع إعلان مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، عن بدء التواصل مع السلطات السورية، وذلك بعد انقطاع دام 16 عاماً، مما تسبب في فجوة معلوماتية حول واقع الاقتصاد السوري. ويهدف هذا التواصل إلى دعم بناء قدرات المؤسسات السورية، في ظل مساعي دمشق لوضع خطة اقتصادية استراتيجية جديدة بعيدًا عن النهج الاشتراكي.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد كشف في تصريحات سابقة عن وجود فريق اقتصادي يعمل على إعداد خطة تنموية تمتد لعشر سنوات، تستهدف إعادة هيكلة الاقتصاد السوري. وتشير تقديرات البنك الدولي والأمم المتحدة إلى أن تكلفة إعادة إعمار سوريا قد تصل إلى 300 مليار دولار، وهو ما يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للبلاد حتى قبل اندلاع الأزمة.
الاقتصاد السوري بين التحديات والإصلاحات
تعكس الأرقام الصادرة عن وزارة المالية السورية حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار في عام 2010 إلى أقل من 6 مليارات دولار في عام 2024، وفق ما صرح به وزير المالية محمد أبازيد. وتعد هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا على الحاجة الملحة لإصلاحات اقتصادية عميقة تتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
مؤتمر العلا.. منصة سنوية لدعم اقتصادات الأسواق الناشئة
يعد مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة حدثًا سنويًا يجمع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية وصناع القرار الاقتصادي، إلى جانب قادة من القطاعين العام والخاص، لبحث التحديات الاقتصادية والفرص المتاحة في الأسواق الصاعدة. وتتمثل أهمية المؤتمر في كونه منصة حوارية تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لدعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط.