الذكاء الاصطناعي والتعليم.. أبرز مناقشات الجلسة الثانية بمؤتمر «ترجمة العلوم الإنسانية» في معرض الكتاب
عُقدت الجلسة الثانية من مؤتمر "ترجمة العلوم الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي"، في إطار فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحت عنوان "الترجمة والذكاء الاصطناعي والتعليم". وقد تناولت الجلسة العديد من القضايا المثيرة والمتعلقة بتأثير الذكاء الاصطناعي على مجالات التعليم والترجمة، بمشاركة عدد من الخبراء والمختصين في هذه المجالات.
وانعقدت الجلسة في قاعة الصالون الثقافي، وأدارها الدكتور حسين محمود، عميد كلية اللغات والترجمة بجامعة بدر. شهدت الجلسة مشاركة مميزة من الأستاذة الشيماء قطب، التي قامت بترجمة الجلسة إلى لغة الإشارة، وذلك بتوجيه من المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، مما أضاف بعدًا إنسانيًا مهمًا إلى الجلسة وأتاح الفرصة للمزيد من الحضور للاستفادة من المناقشات القيمة.
الذكاء الاصطناعي وأثره في التعليم
بدأ الدكتور سامح الأنصاري، أستاذ اللغويات الحاسوبية وهندسة اللغة بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، حديثه بالتأكيد على أهمية الذكاء الاصطناعي في التعليم، مشيرًا إلى أنه أصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُخصص المحتوى التعليمي بما يتناسب مع مستوى كل طالب، وبالتالي يسهم في تلبية الفروق الفردية بين الطلاب. كما أشار إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم أدوات متطورة، مثل قراءة الكتب وتحويل النصوص المكتوبة إلى لغة مقروءة، فضلاً عن تحليله للآراء وحوار الثقافات المختلفة بلغاتها. وأكد أن هذه التقنيات لا تقتصر على تحسين مهارات القراءة والكتابة فقط، بل تمتد أيضًا لتقديم مساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن توفير فرص التعليم مدى الحياة، وهو ما يعكس أهمية هذه التكنولوجيا في مرحلة التعليم المستقبلية.
الذكاء الاصطناعي والمترجم البشري
من جانبه، تناول الدكتور شكري مجاهد، أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس، العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، وأوضح أنه على الرغم من التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي، إلا أنه لن يتمكن من استبعاد المترجمين البشر. وأكد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة للمترجمين، لكن لن يكون قادرًا على إحلال المترجم البشري بشكل كامل. كما شدد على أن المترجم البشري الماهر سيظل له دور كبير في عملية الترجمة، خاصة في الحالات التي تتطلب فهمًا ثقافيًا عميقًا أو إبداعًا.
دور الترجمة في نقل الثقافة
أضاف الدكتور صبري حافظ، أستاذ اللغة العربية المعاصرة والأدب المقارن بجامعة لندن، أن الترجمة تعد وسيلة أساسية لتحقيق التبادل الثقافي بين الشعوب. وأوضح أن الترجمة لم تصبح مجالًا أكاديميًا إلا في القرن الماضي، مشيرًا إلى أن رفاعة الطهطاوي كان من أوائل المفكرين الذين سعوا إلى استيراد النصوص الغربية إلى الثقافة العربية. كما أشار إلى أن الترجمة لا تقتصر فقط على النصوص الأدبية، بل تشمل أيضًا الكتابات العلمية والفكرية التي تساهم في تعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة.
الذكاء الاصطناعي وتحديات اللغة العربية
في سياق آخر، تحدثت الدكتورة نجوى صابر، أستاذة النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، عن تأثير الذكاء الاصطناعي على اللغة العربية. وأكدت أن اللغة العربية تواجه تحديات كبيرة في ظل هيمنة اللغات الأجنبية على الحياة اليومية. وأشارت إلى أهمية تكثيف الجهود للحفاظ على اللغة العربية وتعليمها للأجيال القادمة. كما استحضرت ما ذكره الأديب طه حسين منذ أكثر من 87 عامًا حول ضرورة الحفاظ على اللغة العربية في مواجهة التأثيرات السلبية للغات الأجنبية، معتبرةً أن اللغة جزء أساسي من الهوية الثقافية.
دور المترجم البشري في عصر الذكاء الاصطناعي
اختتم الدكتور حسين محمود الجلسة بالتأكيد على أهمية الدقة في عملية الترجمة، مشيرًا إلى أنه على الرغم من التقدم التكنولوجي، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المترجم البشري في مجالات دقيقة مثل الترجمة الطبية والقانونية، حيث يمكن أن يؤدي الخطأ في الترجمة إلى نتائج كارثية. وأضاف أن دور المترجم البشري لا يزال مهمًا للغاية في تقييم النصوص المترجمة والتأكد من صحتها. كما أشار إلى أن المحتوى العربي على منصات الذكاء الاصطناعي ما زال في مرحلة مبكرة، حيث تمثل اللغة العربية حوالي 5% من المحتوى المتاح على هذه المنصات، مقارنة بـ 35% للغات أخرى.
تكامل الإنسان والتكنولوجيا في التعليم والترجمة
في ختام الجلسة، شدد جميع المتحدثين على أهمية التكامل بين التكنولوجيا والإنسان لتحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي في مجالي التعليم والترجمة. وأكدوا على ضرورة الحذر في استخدام هذه التكنولوجيا لضمان الحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية في عصر الرقمنة، مع ضرورة تعزيز دور المترجمين البشر في مجالات تتطلب الفهم الثقافي والتفسير العميق للنصوص.