في عيدهم الـ73.. ملحمة الإسماعيلية قصة كفاح ورمز لصمود رجال الداخلية
في صباح يوم الجمعة، 25 يناير 1952، شهدت مدينة الإسماعيلية إحدى أعظم ملاحم الكفاح الوطني، حين سطّر رجال الشرطة المصرية قصة بطولية في مواجهة القوات البريطانية المحتلة.
حاصرت القوات البريطانية، بقيادة الجنرال أكسهام، قسم شرطة الإسماعيلية وطالبت رجال الشرطة بتسليم أسلحتهم والانسحاب إلى القاهرة، لكنهم رفضوا الاستسلام بشجاعة وصمود.
رغم قلة العدد والعتاد، صمد الضباط والجنود المصريون أمام القوات البريطانية المدججة بـ7 آلاف جندي مدعومين بالدبابات والمدافع الثقيلة.
مع أولى ساعات الصباح، بدأت القوات البريطانية بقصف مبنى الشرطة وثكنات بلوكات النظام، تهاوت الجدران، وتساقط الضحايا، لكن رجال الشرطة رفضوا رفع الراية البيضاء، وعندما جدد أكسهام إنذاره بالاستسلام، جاءه الرد الحاسم من النقيب مصطفى رفعت: "لن تتسلموا منا إلا جثثًا هامدة”.
استأنفت القوات البريطانية قصفها العنيف، وسط صمود بطولي من رجال الشرطة بأسلحتهم العتيقة من طراز "لي إنفيلد"، نفدت الذخيرة وسقط 50 شهيدًا و80 جريحًا من الشرطة المصرية، لكنهم ألحقوا خسائر بالبريطانيين بلغت 13 قتيلًا و12 جريحًا، وحين انتهت المعركة، أمر أكسهام جنوده بتأدية التحية العسكرية للمحاصرين، تقديرًا لشجاعتهم.
كانت معركة الإسماعيلية أكثر من مجرد مواجهة عسكرية؛ كانت رمزا للصمود في وجه الاحتلال وإصرار المصريين على استرداد كرامتهم الوطنية.
في ذلك الوقت، كانت منطقة القناة تخضع للاحتلال البريطاني بموجب معاهدة 1936، لكن مع تصاعد عمليات الفدائيين وإلغاء المعاهدة في أكتوبر 1951، اشتدت المقاومة الشعبية، ووقف رجال الشرطة بجانب الفدائيين لحماية الشعب ومقاومة الاحتلال.
أصبح يوم 25 يناير عيدًا رسميًا للشرطة المصرية تخليدًا لهذه الملحمة، وبعد ثورة يوليو 1952، أُقيم نصب تذكاري لشهداء الشرطة في العباسية تكريمًا لتضحياتهم.
وفي فبراير 2009، أُقر اليوم إجازة رسمية، ليظل شاهدًا على بطولات رجال آمنوا بوطنهم وقدموا أرواحهم من أجله.
معركة الإسماعيلية ستبقى مصدر إلهام للأجيال، تروي قصة شعب لا يقبل الضيم، وشرطة تحملت أعباء حماية الوطن، مدافعةً عن شرفه وكرامته، مهما كانت الظروف، إنها ليست مجرد ذكرى، بل إرث خالد يُجدد قيم الولاء والتضحية في قلوب المصريين.