الإفتاء توضح المفاهيم الصحيحة حول السخرية والدعاء عند المطر والبيع بالتقسيط
تواصل دار الإفتاء المصرية حملتها "أعرف الصح"، التي تهدف إلى تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة والفتاوى الشاذة التي انتشرت مؤخرًا في المجتمع المصري. تم إطلاق الحملة في ظل ما شهدته الفترة الأخيرة من انتشار توجهات متشددة ومتساهلة في نفس الوقت، التي أسهمت في ترويج معتقدات غير صحيحة حول العديد من القضايا الدينية. وتستهدف الحملة بشكل أساسي مواجهة التيارات المتطرفة فكريًا التي استغلت العاطفة الدينية لتوجيه المجتمع نحو أفكار مغلوطة.
أهداف الحملة وموضوعاتها
تتناول حملة "أعرف الصح" العديد من الموضوعات المهمة التي تمثل قضايا شائكة في الحياة اليومية، ومنها:
- حكم العمل بمهنة المحاماة والالتحاق بكلية الحقوق
- الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
- الاحتفال بالأيام الوطنية مثل 6 أكتوبر
- بناء الكنائس
- ترك الصلاة
- هدم الآثار الفرعونية باعتبارها تماثيل
- تحية العلم والوقوف حدادًا
- إيداع الأموال في البنوك
- التصوير والرسم
- شراء سيارة أو شقة عن طريق البنك
وقد لاقت الحملة الكثير من ردود الفعل الإيجابية من قبل الصحفيين والمثقفين، الذين نشروا مقالات لدعم الحملة في الصحف والمواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى تفاعل واسع عبر منصات السوشيال ميديا حيث قام المتابعون بنشر "بوستات" لتأييد الحملة والمساعدة في نشر الوعي وتصحيح المفاهيم المشوهة.
أمثلة من موضوعات الحملة
في إطار الحملة، ركزت دار الإفتاء مؤخرًا على بعض الموضوعات التي تتعلق بمفاهيم اجتماعية ودينية، ومن أبرز هذه الموضوعات:
التحذير من السخرية من الآخرين وخطورتها اجتماعيًا
تعتبر السخرية والاحتقار من الأفعال المذمومة في الشريعة الإسلامية، حيث نهى القرآن الكريم عن السخرية من الآخرين. فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]. كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ" (رواه مسلم). وهذا الحديث يوضح أن مجرد احتقار الشخص لأخيه يعد ذنبًا كبيرًا.
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
من السنن المستحبة قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة، حيث يبدأ وقت قراءتها من غروب شمس ليلة الخميس. وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ إِلَى عَنَانِ السِّمَاءِ يُضِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (رواه البيهقي). ويستحب أن تقرأ السورة سرًا أو جهرًا، وهي من خصائص يوم الجمعة.
توكيل المشتري بالشراء في البيع بالتقسيط
يجوز توكيل شخص بشراء سلعة لشخص آخر، بناءً على أصل حكم الوكالة. أما إذا كان المشتري هو نفسه البائع بعد الشراء بالوكالة، فإن هذا يجوز بشرط أن يكون موكله قد أذن بذلك. هذه الفتوى توافق مذهب المالكية والحنابلة، وهو رأي عند الشافعية. كما أن سداد ثمن السلعة على أقساط بعد إضافة الربح المتفق عليه لا يعد مخالفًا للشريعة الإسلامية، حيث أن الزيادة في الثمن مقابل الأجل تُعد من قبيل المرابحة.
سرقة الأفكار والإبداع
تعتبر سرقة الأفكار والإبداع في المجالات الأدبية والعلمية والفنية محرمًا في الشريعة الإسلامية. وذلك لأنها تعد اعتداءً على حقوق الآخرين، مما يتسبب في ضرر لهم. وقد نهى الإسلام عن الضرر، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" (رواه أحمد وابن ماجه). من يرتكب هذه السرقة يتعرض للعقوبات التي حددها القانون، بهدف تحقيق العدالة ومنع الجريمة.
الدعاء المستحب عند اشتداد المطر
عند اشتداد المطر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو قائلاً: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ". وقد وردت هذه الصيغة في "صحيحي" الشيخين. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند رؤية المطر: "صَيِّبًا نَافِعًا"، أي أن المطر نافع للعباد والبلاد.
وتعد حملة "أعرف الصح" من دار الإفتاء بمثابة خطوة هامة في توعية المجتمع المصري وتوجيهه نحو فهم صحيح للدين، بعيدًا عن التشدد والتساهل. وهي تسعى لتحقيق التوازن بين الفهم الديني الصحيح والعاطفة الدينية، مما يساعد على خلق بيئة مجتمعية أكثر تسامحًا وحوارًا.
