رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

رائد علم الحشرات وصوت اللغة العربية.. محمود حافظ عالِم موسوعي لا يعرفه كثيرون

نشر
الدكتور محمود حافظ
الدكتور محمود حافظ

محمود حافظ، اسم لامع في تاريخ العلم والثقافة العربية، يجسد نموذجًا فريدًا للعالم الموسوعي الذي جمع بين التفوق العلمي والتفاني الثقافي. وُلد في عام 1912 في أسرة عُرفت بنضالها الوطني ضد الاستعمار، وسار على نهجها ليصبح أول مصري يحصل على درجة الدكتوراه في علم الحشرات. لم تقتصر إنجازاته على مجال تخصصه العلمي، بل امتدت إلى دفاعه الشرس عن اللغة العربية وترؤسه للمجمع العلمي المصري ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، ليكون ثاني مصري يجمع بين المنصبين بعد طه حسين. مثّل حافظ أيقونة للالتزام والابتكار، حيث كرّس حياته لخدمة العلم وتعزيز مكانة اللغة العربية، تاركًا إرثًا خالدًا يُلهم الأجيال القادمة.

مسيرة الدكتور محمود حافظ

ولد محمود حافظ في 10 يناير 1912 في أسرة عُرفت بنضالها ضد الاستعمار الإنجليزي، إذ أسس والده "مملكة فارسكور" في دمياط لطرد الإنجليز، ما دفعه لبيع ممتلكاته دعمًا للعمل الوطني. انتقل محمود حافظ إلى القاهرة لاستكمال دراسته، متخرجًا من كلية العلوم بجامعة القاهرة عام 1935. حصل على درجة الماجستير عام 1938، ليكون أول مصري ينال درجة الدكتوراه في علم الحشرات عام 1940. استكمل أبحاثه الرائدة في جامعات لندن وكامبريدج، وعُيّن وكيلاً لكلية العلوم بجامعة القاهرة في عام 1964.

بصمة مهنية واسعة

ساهم محمود حافظ في تطوير علم الحشرات بمصر، حيث أنشأ أقسامًا بحثية متخصصة مثل قسم الحشرات ووقاية النبات بالمركز القومي للبحوث. كما عمل على تأسيس وحدة للبحوث بهيئة الطاقة الذرية، وأسهم في تطوير معاهد ومراكز بحثية بوزارة الصحة. مثل مصر في أكثر من خمسين مؤتمرًا عالميًا، وألقى محاضرات كأستاذ زائر في جامعات دولية. إلى جانب إنجازاته العلمية، كان له نشاط ديني لافت، إذ شغل منصب الأمين العام لجمعية الهداية الإسلامية لسبعة عشر عامًا.

قيادة المجمع العلمي

عُيّن محمود حافظ عضوًا في المجمع العلمي المصري عام 1977، ثم نائبًا لرئيسه عام 1996، قبل أن يترأسه عام 2005. ساهم بفعالية في تطوير أعمال المجمع ولجانه العلمية، وركز على تطوير علوم الأحياء والزراعة والكيمياء. توفي بعد أسبوع من الحريق الذي طال المجمع العلمي إثر احتجاجات في القاهرة، ليكون فقدانه خسارة كبيرة للمجتمع العلمي والثقافي.

إنجازات في مجمع اللغة العربية

بدأت علاقة محمود حافظ بمجمع اللغة العربية عام 1956 بتعاونه في ترجمة المصطلحات العلمية، واختير خبيرًا بالمجمع عام 1964. تولى رئاسة المجمع عام 2005 ليصبح أول عالم علمي يتولى هذا المنصب. أسهم في تعريب آلاف المصطلحات العلمية، وقاد جهودًا لتعريب العلوم الحديثة مثل الطب، واعتبر الادعاء بعدم قدرة اللغة العربية على استيعاب العلوم الحديثة "كذبة" تستوجب مواجهة مستمرة.

دفاعه عن اللغة العربية

كرّس حافظ جهوده للدفاع عن اللغة العربية، محذرًا من الهوة المتزايدة بين الأجيال الجديدة والعربية نتيجة انتشار المدارس الأجنبية. دعا إلى تحسين تعليم اللغة العربية وتعريب العلوم لضمان استمراريتها كلغة علم ومعرفة. اعتبر أن الحفاظ على اللغة واجب وطني يرتبط بالهوية والثقافة.

ورحل محمود حافظ عن عمر يناهز 99 عامًا، مخلفًا وراءه إرثًا علميًا ولغويًا ثريًا. جمع بين العلم والدين واللغة العربية، وساهم في بناء جسور بين البحث العلمي والثقافة العربية. سيظل اسمه محفورًا في تاريخ مصر كرمز للعلم والتفاني.

عاجل