إسرائيل تواجه تحديات اقتصادية وأمنية في عام 2025 وفاتورة الحرب تعمق الأزمات
في بداية عام 2025، يواجه الإسرائيليون تحديات اقتصادية ضخمة، تشمل ارتفاعاً في الضرائب، انخفاضاً في الدخل المتاح للإنفاق، وزيادة كبيرة في فواتير الغذاء والمياه والكهرباء. وبحسب التقديرات، فإن فاتورة الحرب التي تبلغ 40 مليار شيكل (11 مليار دولار) ستؤدي إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية والسياسية في البلاد. وتشمل هذه التكلفة زيادات في الضرائب، أبرزها زيادة بنسبة 1% في ضريبة القيمة المضافة التي دخلت حيز التنفيذ حديثاً. ستشعر جميع الأسر بتأثير هذه الزيادات، مما يجعلها أحد الموضوعات الرئيسية للحديث في وسائل الإعلام، بما في ذلك الراديو.
في إطار محاولتها تقديم حلول لهذه الزيادة، أنشأت صحيفة الأعمال "ذا ماركر" آلة حاسبة عبر الإنترنت تحظى بشعبية كبيرة لحساب تكاليف هذه الزيادات لكل أسرة. وفي هذا السياق، تحدثت آدي إينبندر، وهي أم لثلاثة أطفال وزوجها يعمل في مجال التكنولوجيا الفائقة، عن معاناتها مع ارتفاع التكاليف، حيث توقعت أن تتحمل أسرتها أكثر من 17000 شيكل سنوياً. وأضافت إينبندر، التي تبلغ من العمر 40 عاماً، أن أسرتها أصبحت تعتمد على والديها، بعد أن كانت هي وزوجها من يفترض بهما تقديم الدعم لأسرهم. وصفت إينبندر شعورها بالإحراج بسبب هذه التغيرات في وضعها المالي.
الإنفاق العسكري وتأثيره على الاقتصاد
في الأشهر الخمسة عشر الماضية، ومنذ 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى تصعيد الحرب مع مجموعات مدعومة من إيران، أعادت حكومة بنيامين نتنياهو تشكيل استراتيجيتها الأمنية. فقد شهدت هذه الفترة زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري، الذي يستمر في مسار تصاعدي على المدى الطويل. يؤكد الشعار الحكومي "لن يتكرر ثانية" على أن إسرائيل ستظل في حالة استعداد دائم، حتى مع التراجع النسبي للقتال في غزة ولبنان.
من المتوقع أن يتم رفع ميزانية الدفاع بمقدار 20 مليار شيكل سنوياً على الأقل، ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي، وذلك على مدار العشر سنوات القادمة. في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق الدفاعي 107 مليارات شيكل، مما يمثل زيادة بنسبة 65% مقارنة بالإنفاق قبل الحرب. ويرى مومي داهان، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس، أن المواطنين الإسرائيليين لم يتحملوا حتى الآن التكاليف المالية المباشرة لهذه الحرب، حيث تم تمويل هذه التكاليف من خلال القروض الحكومية. ومع ذلك، فإن الحكومة الآن ستقلل من الاقتراض وتتحمل المزيد من العبء المالي من خلال زيادة الضرائب.
تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي والصناعات
بينما تواصل الحرب تدمير غزة وأجزاء من لبنان، يعاني الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً من تأثيرات سلبية. فقد تراجعت أنشطة البناء والسياحة، وتواجه جميع الصناعات تقريباً نقصاً في العمالة بسبب استدعاء العديد من المواطنين للخدمة الاحتياطية العسكرية. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4% فقط في العام الماضي، مما يجعل إسرائيل واحدة من الاقتصادات المتقدمة التي تشهد تباطؤاً في النمو. وعلى الرغم من أن الاقتصاد قد يشهد بعض الانتعاش في عام 2025، إلا أن هذا الانتعاش سيكون محدوداً بسبب تدابير التقشف التي تم فرضها.
يتوقع المحللون أن هذه التغيرات ستزيد من استقطاب المجتمع الإسرائيلي، الذي يعاني من صدمة الحرب، حيث يزداد عدد المهاجرين من العمال المهرة الذين قضوا فترات طويلة في الخدمة العسكرية الاحتياطية. كما أضاف مولي لاهاد، الطبيب النفسي الإسرائيلي المتخصص في الصدمات النفسية، أن الفارق في المجتمع سيظهر بين أولئك الذين يتقبلون الوضع وأولئك الذين يشعرون بالتهميش من الحكومة. وأشار إلى أن هؤلاء الأخيرين يمثلون العمود الفقري الاقتصادي للبلاد، وأن شعورهم بالإحباط قد يكون بمثابة القشة التي تكسر ظهر البعير.
العجز المالي والاقتراض القياسي
في عام 2024، قامت إسرائيل باقتراض أكثر من 260 مليار شيكل من الأسواق الدولية والمحلية لتمويل المجهود الحربي، وهو مستوى قياسي تقريباً بالنسبة للبلاد. وأدى ذلك إلى زيادة العجز في الميزانية إلى 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي. ولتجنب تفاقم الديون، حددت الحكومة العجز المستهدف لعام 2025 عند حوالي 4.5%. كما ستؤدي الزيادة في الضرائب وغيرها من التدابير المالية إلى رفع تكلفة المعيشة في إسرائيل، مما يجعلها واحدة من أغلى الدول المتقدمة.
مقاطعة للعلماء والشعور بالعزلة
أدت الحرب على غزة إلى مقاطعة للعلماء والمؤلفين والكليات في إسرائيل، ولكن لا شيء جعل الإسرائيليين يشعرون بالعزلة أكثر من انخفاض رحلات الطيران إلى البلاد. وقد أشارت شارون ليفين، المتحدثة باسم "بعمونيم"، وهي منظمة غير ربحية تقدم إرشادات للأسر، إلى أن هناك قلقاً واسعاً بشأن صعوبة الأوضاع المالية، حيث شهدت المنظمة زيادة كبيرة في عدد الأسر التي تتواصل معها، والتي تضاعفت أكثر من مرة في الأسابيع الماضية. ويعاني العديد من هذه الأسر من ارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى زيادة أقساط الرهن العقاري وقروض الشركات.
الانتقادات للائتلاف الحاكم
على مدار السنوات الثلاث القادمة، لن يتم تعديل شرائح ضريبة الدخل والمزايا الضريبية وبعض المخصصات الحكومية لمواكبة التضخم الذي بلغ 3.4%، وهو أعلى من هدف الحكومة. كما سيتم تجميد رواتب القطاع العام، وستتم زيادة الضرائب العقارية. ومع ذلك، هناك إجماع بين الإسرائيليين على أن تحمل هذه التكاليف ضروري للحفاظ على أمن البلاد. لكن هناك انتقادات واسعة للائتلاف الحاكم بسبب تجنب تنفيذ بعض التخفيضات التي كان من شأنها أن تضر بقاعدته السياسية اليمينية.
وفي الوقت الذي يحاول فيه بنك إسرائيل المركزي التوازن بين التباطؤ الاقتصادي الناتج عن الحرب وارتفاع معدلات التضخم، يتزايد القلق من تأثير تدابير التقشف على المجتمع. فقد تضاعفت أرقام المغادرين في العامين الماضيين، حيث يشمل المهاجرون في الغالب العمال المهرة مثل الأطباء والعلماء الذين يجدون فرصاً أفضل في دول أخرى.
في سياق آخر، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحدياً ضخماً بشأن الخدمة العسكرية للأرثوذكس المتشددين الذين يطالبون بالإبقاء على إعفائهم من الخدمة العسكرية. وبينما يؤيد معظم أعضاء المجتمع الإسرائيلي إنهاء هذا الإعفاء، يبقى النزاع بين الأطراف قائماً، مع استمرار التوترات داخل الائتلاف الحاكم.