أسهم نوفو نورديسك تخسر 93 مليار دولار مع تحديات أسواق أوروبا
خسرت أسهم شركة "نوفو نورديسك" (Novo Nordisk A/S) نحو 93 مليار دولار، ما شكل ضربة قوية جديدة للشركات الكبرى في أوروبا التي تواجه تحديات منذ فترة طويلة. على الرغم من ذلك، لم تتمكن هذه الشركات من منافسة العوائد الكبيرة التي تحققها الأسهم الأمريكية، خصوصاً "السبعة العظماء"، الذين سجلوا أداءً رائعاً في الأسواق المالية. هذه الخسائر في أسواق الأسهم الأوروبية تشير إلى تراجع كبير في السوق، مما يعكس صعوبة المنافسة في مواجهة القوى الأمريكية الكبرى.
التفاوت في العوائد بين أوروبا والولايات المتحدة
في الوقت الذي شهدت فيه أكبر 10 أسهم في الولايات المتحدة زيادة كبيرة في العوائد لعام 2024، مدفوعة بالأداء القوي لـ"السبعة العظماء"، واجهت الشركات الأوروبية تحديات عدة، مما جعلها تسجل انخفاضات ملحوظة في قيمتها. من بين هذه الشركات، سجلت "نوفو نورديسك" خسائر كبيرة جراء عمليات بيع واسعة لأسهمها في الأيام الأخيرة. كما تأثرت شركات أخرى مثل "نستله" و"إل في إم إتش" أيضًا، الأمر الذي أثر سلبًا على الأداء العام للأسواق الأوروبية.
مؤشر "ستوكس يوروب 600" في تراجع مستمر
نتيجة لهذه الخسائر، يتجه مؤشر "ستوكس يوروب 600" نحو تحقيق أسوأ أداء له مقارنة بمؤشر "إس آند بي 500" الأمريكي منذ ما يقرب من ربع قرن. هذه الخسائر جاءت رغم الجهود المستمرة لتحسين الأداء في أسواق الأسهم الأوروبية. كما أظهرت بيانات من "جولدمان ساكس" أن سلة الأسهم الأوروبية البارزة تواجه تراجعًا كبيرًا، حيث تخلفت عن أداء مؤشر "ستوكس" لأول مرة منذ عام 2017.
المفارقة بين شركات أوروبا وأمريكا
يُعزى جزء كبير من هذه الفجوة إلى هيمنة الشركات الكبرى في الولايات المتحدة على أسواق الأسهم. وفقًا لما قاله مايكل فيلد، استراتيجي في "مورنينج ستار"، فإن أسهم "السبعة العظماء" في الولايات المتحدة قد رفعت بشكل كبير مؤشر "إس آند بي 500". وبالمقابل، ورغم وجود شركات كبيرة في أوروبا، فإن الفارق بين الحجم الكلي لهذه الشركات مقارنة بنظيرتها الأمريكية كبير جدًا.
وتواجه الأسهم الكبرى في أوروبا نقطتين ضعف رئيسيتين تؤثران على قدرتها التنافسية في الأسواق. النقطة الأولى هي الحجم، حيث يبلغ إجمالي قيمة سلة الأسهم الكبرى في أوروبا حوالي 2.5 تريليون دولار، بينما أضافت أسهم "السبعة العظماء" في أمريكا حوالي 5 تريليونات دولار هذا العام فقط، مما يرفع إجمالي قيمتها إلى أكثر من 16 تريليون دولار. أما النقطة الثانية فهي هيمنة أسهم "الاقتصاد القديم"، مثل السيارات والصناعات الثقيلة، التي غالبًا ما تكون عرضة لتقلبات الدورة الاقتصادية.
تأثير القطاعات التقليدية في الأسواق الأوروبية
يؤثر الاقتصاد التقليدي في أوروبا بشكل كبير على أداء الأسهم الكبرى في القارة. على سبيل المثال، تعرضت أسهم شركات السلع الفاخرة لضربة قوية بسبب تباطؤ النمو في الصين، بينما سجلت "نستله" أسوأ عام لها على الإطلاق نتيجة لتباطؤ نمو المبيعات. وهذه المشاكل تشير إلى الهيكل الاقتصادي في أوروبا الذي يفتقر إلى التنوع الكافي في القطاعات الحديثة مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
بحسب جاي ميلر، كبير استراتيجيي السوق في "زيورخ للتأمين"، فإن هناك مشكلة هيكلية في الأسواق الأوروبية تتمثل في عدم وجود شركات ضخمة ذات طابع عالمي حقيقي، خصوصاً في القطاعات النشطة مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. هذا يجعل الشركات الأوروبية في وضع صعب أمام الأسواق الأمريكية التي تضم العديد من الشركات العالمية الكبيرة والمتنوعة.
ارتفاع عائدات السندات وتوقعات أسواق الأسهم
إلى جانب هذه التحديات، يعزز ارتفاع عائدات السندات والتوترات الجيوسياسية الحالية من حالة عدم اليقين في أسواق الأسهم الأوروبية. ومع اقتراب موسم الإعلان عن أرباح الشركات، يتوقع المحللون الاستراتيجيون أن تظل الأسهم الأوروبية في وضع صعب خلال الفترة المقبلة، ما يقلل من التفاؤل بارتفاعها على المدى القصير.
القلق بشأن هيمنة "السبعة العظماء"
رغم تفوق أسواق الأسهم الأمريكية بقيادة "السبعة العظماء"، هناك مؤشرات على القلق من هيمنتهم المفرطة على المؤشرات. بعض المستثمرين، مثل ماثيو تشيوبّا من "فرانكلين تكنولوجي فند"، يعبرون عن قلقهم من وجود مراكز قوية جدًا لهذه الشركات في أسواق الأسهم الأمريكية، مما يجعلها أكثر عرضة للانهيار في حالة حدوث أي تقلبات اقتصادية.
بالتطلع إلى المستقبل، يرى بعض الخبراء أن الأمور قد تتحسن في أوروبا في العام المقبل. لكن وفقًا لاستطلاعات رأي من استراتيجيين في "بلومبرغ"، فإن الولايات المتحدة ستظل تتفوق على أوروبا في عام 2025. في الوقت نفسه، تشير التوقعات إلى أن "السبعة العظماء" ستواصل تفوقها بفضل استمرار النمو في أرباحها، مع توقعات بارتفاع أرباحها بنسبة 15.7% في العام المقبل، مقارنة بنسبة 9.9% متوقعة للأسهم الأوروبية.