رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الضغوط القصوى وتهديدات الحرب.. تحديات إيران الاقتصادية في ظل ولاية ترامب الثانية

نشر
مستقبل وطن نيوز

عندما دخل دونالد ترامب البيت الأبيض للمرة الأولى في عام 2017، كان سيروس رزاقي يدير شركة استشارات تجارية إيرانية، ويقدم المشورة للشركات الأمريكية واليابانية والأوروبية حول كيفية اغتنام الفرص في سوق ناشئة بعد سنوات من العزلة الاقتصادية.

لكن كل ذلك تغير في العام التالي، عندما تخلى الرئيس الأمريكي آنذاك عن الاتفاق النووي التاريخي الذي وقعته إيران مع القوى العالمية، ليفرض عقوبات اقتصادية صارمة بدلاً من ذلك.

قال رزاقي، رئيس مجموعة "آرا إنتربرايز" للاستشارات، عبر الهاتف من طهران: "كان علينا أن ننوع استثماراتنا بعيداً عن إيران وأن نحمي أنفسنا بطريقة ما من مزيد من الإجراءات العدائية. مضيفاً: "في مرحلة ما، اعتقدنا أن حرباً ستندلع".

في الوقت الذي يستعد فيه ترامب لولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة، تتجه الأنظار نحو ما إذا كان سيحيي ما يطلق عليها سياسة الضغط القصوى ضد إيران والتي ميزت فترته الأولى. لكن في ظل معاناة الإيرانيين مع الصعوبات الاقتصادية بعد سنوات من العقوبات، يشير قادتهم إلى حرصهم على إقامة علاقة مختلفة هذه المرة.

في يوم الثلاثاء، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن إيران وافقت على وقف إنتاج اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من تلك المطلوبة لصنع القنابل، وهي خطوة غير مسبوقة ينظر إليها البعض على أنها تقديم بادرة حسن نية إلى ترامب. وأعطى الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان، الإصلاحي الخالص، الأولوية لتخفيف العقوبات والتقارب مع الغرب والعودة بالاقتصاد إلى وضعه الطبيعي بما يصب في مصلحة الإيرانيين، وذلك منذ فوزه المفاجئ في الانتخابات التي جرت في يوليو.

وقال رزاقي: "نحن قلقون للغاية ويساورنا الهاجس من عودة ترامب، رغم ذلك، فأنا لا أستبعد التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي العائد".

يرى جوزيف ماكمونيجل، أمين عام منتدى الطاقة الدولي، أن فوز ترامب بالسباق إلى البيت الأبيض سيفرض المزيد من العقوبات على النفط الإيراني، وصولاً إلى "تصفير" تدفقاته

تجارة النفط

قد يؤثر النهج المتشدد الذي ينتهجه ترمب بشكل كبير على تجارة النفط الإيرانية، حيث قام الرئيس المنتخب بتقليص تدفقات النفط من الجمهورية الإسلامية خلال ولايته الأولى التي انتهت في عام 2021.

وقال جون إيفانز، المحلل في شركة السمسرة "بي في إم أويل أسوسيشن ليمتد" في لندن: "ستتصدر صادرات النفط الإيرانية قائمة العقوبات. وستكون قواعد اللعبة مماثلة لتلك التي تم ممارستها خلال رئاسة ترامب الأولى".

شأنها شأن منتجي النفط الآخرين، تواجه طهران انخفاضاً بنسبة 15% في أسعار الخام منذ أواخر يونيو، وسط احتمال أن تؤدي تخمة المعروض العالمي الوشيكة إلى إحداث المزيد من تراجعات الأسعار العام المقبل. تعافى إنتاج النفط الإيراني بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بمشتريات المصافي في الصين، أكبر عملاء طهران، للبراميل منخفضة الأسعار، كما أن تخفيف إدارة بايدن من فرض العقوبات تساهم في كبح ارتفاع تكاليف البنزين.

من غير الواضح ما إذا كان تعافي الإنتاج سيثبت مرونته في مواجهة ولاية ترامب الثانية، حتى مع الشبكة اللوجستية الهائلة التي بنتها الجمهورية الإسلامية للالتفاف على العقوبات.

صعوبات اقتصادية

يواجه بيزيشكيان تحديات اقتصادية لا حصر لها، تشمل التضخم الذي يزيد عن 30%، ونقص الوقود، وتخارجات رأس المال المرتفعة، وهروب أصحاب المهارات والعمالة المتعلمة بالهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة. انخفض الريال مقابل الدولار إلى أدنى مستوياته القياسية المتتالية، حيث خسر أكثر من 90% من قيمته منذ مايو الماضي.

وقال ماسيج ووجتال، كبير مسؤولي الاستثمار في "أمتيلون كابيتال": "خفض التوتر مع الولايات المتحدة أمر ضروري لاستقرار إيران الاقتصادي". وتابع "لقد أرسلت الحكومة الجديدة رسائل واضحة، تشير إلى استعدادها للتفاوض، وهو تحول عن استراتيجيتها المعتادة المتمثلة في تصعيد تخصيب اليورانيوم كوسيلة ضغط".

رغم ذلك، تظل الخلافات بشأن الأنشطة النووية الإيرانية تشكل عاملا رئيسياً، حيث قالت طهران يوم الجمعة إنها ستزيد عدد أجهزة الطرد المركزي في برنامجها النووي رداً على التوبيخ الذي وجهته إليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتى مع التزامها بوقف إنتاج اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة.

يُتوقع أن تتبع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نهجاً أكثر صرامة في تطبيق العقوبات النفطية على إيران، مما قد يخفض صادرات الجمهورية الإسلامية من الخام.

انقطاع التيار الكهربائي والاحتجاجات

أجبر نقص الاستثمار الملح واللازم في البنية التحتية الإيرانية الحكومة في طهران على زيادة وارداتها من البنزين عالي الجودة حيث تكافح مصافيها الخاصة لمواكبة الطلب، وفي نفس الوقت تعاني البلاد من انقطاعات متكررة للكهرباء وسط تعثر محطات الطاقة لتزويد المنازل والقطاع الصناعي.

كل هذا يشير إلى مزيد من التضخم المرتفع، وهو ما لا يستطيع بيزيشكيان تحمله في وقت يشهد فيه الإقليم صراعاً، إضافة إلى عدم الاستقرار، في الخارج والداخل على السواء. اجتاحت إيران احتجاجات عنيفة في عام 2019، نتيجة ارتفاع أسعار البنزين، لتتبعها انتفاضة وطنية بعد ثلاث سنوات، في أكبر تعبير غضب شعبي ضد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ونظام الحكم الديني في البلاد منذ عام 1979.

قال فالي نصر، المستشار الأول السابق لوزارة الخارجية الأميركية والأستاذ في جامعة جونز هوبكنز: "تتمثل مهمة بيزيشكيان في تحقيق المصالحة الوطنية، وقد نجح إلى حد ما".

عاجل