وزير الخارجية اللبناني: يجب إيقاف إسرائيل لتجنب اندلاع حرب إقليمية مدمرة
قال وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبدالله بوحبيب، إن اللجوء إلى تفجير آلاف أجهزة الاتصال عن بُعد بشكل جماعي وغادر، دون اعتبار لمن يحملها أو لمن يتواجد بالقرب منها، يُعد أسلوباً قتالياً "غير مسبوق وخطيرا في تاريخ الحروب، في وحشيته، وإرهابه"، مطالبا مجلس الأمن الدولي بإيقاف "الآلة الإسرائيلية الحربية"؛ لتجنب اندلاع حرب إقليمية مدمرة.
وأوضح أبوحبيب - في كلمة لبنان أمام جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة للبحث في الوضع في لبنان والشرق الأوسط - أنه "لم يعد أحد في هذا العالم بأمان بعد الهجمات الإلكترونية التي حصلت مؤخرا في لبنان وفاقت الخيال والتصور، وما نتج عنها من ضحايا مدنيين أبرياء بالآلاف من الجرحى، ومنهم أيضا ضحايا من الأطفال، والنساء، والشيوخ.
وأشار إلى أن مسؤولية مجلس الأمن الدولي، ليست فقط تجاه الأبرياء اللبنانيين الذين سقطوا ظلما، بل بإتجاه الإنسانية جمعاء، منبها إلى أنه حال مر هذا "العمل الإرهابي في مجلس الأمن بلا محاسبة، وتم تجهيل الفاعل، وعدم ردعه وإدانته، وإرغامه على وقف هكذا اعتداءات؛ فإن مصداقية هذا المجلس، والقانون الدولي، وشرعة حقوق الإنسان، في خطر محدق".
وحذر من أن دولا ومجموعات متطرفة قد تحذو، حذو إسرائيل، وتستهدف مدنيين من كل حدب وصوب بهذه "التكنولوجيا الفتاكة"، ولن يتمكن أحد من منع استخدامها مستقبلا؛ لاستهداف طائرات مدنية وقطارات لقتل المدنيين وترويعهم بصورة عشوائية دون تمييز.
وذكر الوزير اللبناني، أمام مندوبي الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، ما حدث في بلاده يوم /الثلاثاء/ الماضي، حيث إسرائيل هجوماً إلكترونياً واسع النطاق، استهدف آلاف الأجهزة المحمولة المعروفة ب Pagers؛ مما أدى إلى تفجيرها. وفي اليوم التالي، قامت مرة أخرى بتفجير مئات الأجهزة اللاسلكية من نوع آخر، إضافة الى قيامها أول أمس بترويع سكان العاصمة بيروت وباقي المناطق، بتحليق الطيران الحربي على علو منخفض، وخرقه المتكرر لجدار الصوت؛ مما أدى الى حالات هلع، لا سيما لدى الأطفال، مشيرا إلى تنفيذ إسرائيل في وقت سباق اليوم اعتداء صاروخيا في "عمق أكثر المناطق اكتظاظا" من الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت؛ حيث دمرت "مبنا سكنيا"، وأوقعت في حصيلة أولية 12 ضحية منهم أطفال، و66 جريحأ.
وبين أن المستشفيات والطواقم الطبية في حالة طوارئ غير مسبوقة؛ مستنفداً قدرتها الاستيعابية، لافتا إلى أن هذه الهجمات - التي تمثل سابقة خطيرة وغير مسبوقة في تاريخ الحروب - تأتي في أعقاب سلسلة من التصريحات الإسرائيلية بشن حرب واسعة على لبنان، وإعادته إلى "العصر الحجري".
وتابع: لم تكتفِ إسرائيل بهذه الهجمات فحسب، بل تبعتها بإصدار تصريحات رسمية، وتغريدة لمستشار رئيس حكومتها تم حذفها لاحقا" بسرعة، تؤكد ضلوعها، وتحقيقها نتائج إيجابية من هذا العدوان، مما نسف بصورة متعمدة مهمة الوسطاء الدوليين الذين يعملون على وقف لإطلاق النار في غزة وجنوب لبنان، وكافة محاولات الحكومة اللبنانية لخفض التصعيد، وضبط النفس.
وفي السياق، شدد الوزير اللبناني - في كلمته التي أذاعتها الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان - على أن اللجوء إلى تفجير آلاف أجهزة الاتصال عن بُعد بشكل جماعي وغادر، دون اعتبار لمن يحملها أو لمن يتواجد بالقرب منها، يُعد أسلوباً قتالياً غير مسبوق في وحشيته، وإرهابه.. إن استهداف آلاف الأشخاص من مختلف الفئات العمرية، وفي مناطق واسعة ومكتظة بالسكان تشمل المناطق اللبنانية كافة، أثناء ممارستهم لحياتهم اليومية في المنازل، والشوارع، وأماكن العمل، ومراكز التسوق، هو الإرهاب بعينه، وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وشرعة حقوق الإنسان، ويُصنّف من دون أدنى شك كجريمة حرب.
وقال وزير الخارجية اللبناني إن إسرائيل "لا تلتزم بالقانونين الدولي والإنساني، ولا بالقرارات الصادرة عن أجهزة الأمم المتحدة، وأنها لطالما تجاهلت وتتجاهل الشرعية الدولية، وحقوق الإنسان لأنها إعتادت أن لا تحاسبها الدول على أفعالها، حيث تصدر مواقف خجولة تجاه إرتكاباتها لا تتعدى الأسف، مما يشجعها على الاستخفاف بقرارات الشرعية الدولية التي لم ينفذ أي منها بحق إسرائيل منذ عام 1948 أي قرار، فأصبحت الأخيرة دولة مارقة".
وصاح وزير الخارجية اللبناني في أرجاء مجلس الأمن الدولي قائلا: "لقد بح صوت اللبنانيين حكومة وشعبا، بأننا لسنا هواة حرب، ولا سعاة ثأر، بل نطالب بالعدالة والحل الدبلوماسي، وعودة النازحين إلى قراهم".
وقال موجها حديثه إلى إسرائيل إنه "مهما بلغت قوتها العسكرية والتكنولوجية بأنها لن تعيد نازحيها الى قراهم بقوة السلاح، بل ستهجر من لم يتهجر بعد إذا وسعت اعتداءتها، وبأنه لا مكان لها في هذا الشرق إلا بالتصالح مع شعوبه.. من خلال إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة ودولتهم الموعودة من هذه المنظمة بالذات، منذ أكثر من 75 عاما.. فمهما طال الزمن وكثرت التضحيات، ستعود الحقوق الى أصحابها".
وأوضح وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية - موجها حديثه إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي - "لقد جئنا اليكم اليوم ليس فقط دفاعا عن لبنان وضحاياه الأبرياء، بل حفاظا على إنسانيتنا جمعاء، طالبين إدانة الهجمات الإسرائيلية الإرهابية بصورة واضحة وصريحة، وتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تخطيطها، وتنفيذها، وما تشكله من اعتداء سافر على سيادة لبنان، وسلامة أراضيه، وخرق صارخ لميثاق الأمم المتحدة، والقرار 1701 (2006)"، مطالبا "بوقف آلتها الحربية؛ لتجنب اندلاع حرب إقليمية مدمرة، وللحفاظ على مصداقية الأمم المتحدة، ودورها في صون الأمن والسلم الدوليين، والذي يظل لبنان مؤمناً بأهميته على الرغم من كل ما حدث، ويحدث. لسنا نبحث اليوم عن قرارات جديدة تبقى حبرا على ورق، كما جرت العادة بكل أسف، بكل ما يتعلق بإسرائيل ومصالحها".
وقال: لقد أطلقت صرختي من على هذا المنبر، وأكررها للمرة الثالثة، ونحن في خضم الصراع "إعطوا السلام فرصة"... "إعطوا السلام فرصة" قبل فوات الأوان.
وأعرب عن شكره إلى الجزائر الشقيقة، ممثلة عن المجموعة العربية في مجلس الأمن الدولي، "التي عودتنا على الوقوف الى جانب لبنان، ومساندته في السراء والضراء".