في ذكرى وفاة «ملك الموسيقى».. بليغ حمدي «سيرة حب» ترويها الأجيال
تحل اليوم الخميس، ذكرى وفاة ملك الموسيقى بليغ حمدي، الذي يعتبر أحد أبرز الموسيقيين المصريين والعرب؛ حيث توفي في مثل هذا اليوم 12 من سبتمبر من عام 1993.
ألف بليغ حمدي ولحن العديد من الأغاني الناجحة للعديد من المطربين العرب، خاصة خلال فترة الستينيات والسبعينيات، كما وضع الموسيقى التصويرية لمجموعة مهمة من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية، ولحن بليغ حمدي أشهر أغاني المغنية وردة الجزائرية والتي تزوج منها لاحقًا.
ولد بليغ حمدي في حي شبرا بالقاهرة في 7 أكتوبر 1931 وكان والده يعمل أستاذاً للفيزياء في جامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة" حالياً.
مسيرة بليغ حمدي الفنية
أتقن العزف على العود وهو في التاسعة من عمره؛ ثم حاول الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى في سن الثانية عشرة إلا أن سنه الصغيرة حالت دون ذلك.
التحق بمدرسة شبرا الثانوية، في الوقت ذاته الذي كان يدرس فيه أصول الموسيقى في مدرسة عبدالحفيظ إمام للموسيقى الشرقية، ثم تتلمذ بعد ذلك على يد درويش الحريري، وتعرف من خلاله على الموشحات العربية.
التحق بليغ بكلية الحقوق، وفي الوقت ذاته التحق بشكل أكاديمي بمعهد فؤاد الأول للموسيقي "معهد الموسيقى العربية" حالياً. وكانت بدايته الفنية حين اقنع السيد محمد حسن الشجاعي مستشار الإذاعة المصرية فى ذلك الحين بليغ حمدي باحتراف الغناء، وبالفعل سجل بليغ للإذاعة أربع أغنيات، لكن تفكيره كان متجهاً صوب التلحين وبالفعل لحن أغنيتين لفايدة كامل هما (ليه لأ / ليه فاتني ليه) تبعتها أغنية ما "تحبنيش بالشكل ده" لفايزة أحمد.
ألحان بليغ حمدي
توطدت علاقته بالفنان الموسيقار محمد فوزي، الذي أعطاه فرصة التلحين لكبار المطربين والمطربات من خلال شركة "مصر فون" التي كان يملكها وفي عام 1957 قدم أول ألحانه لعبد الحليم حافظ "تخونوه". كان بليغ قد تزوج السيدة "أمنية طحيمر" لكن لم يستمر الزواج سوى عام واحد وبعدها بحوالي عشر سنوات قام بليغ بالزواج من وردة عام 1972 بعد قصة حب، وقدم لها العديد من الأغاني البارزة في مشوارها الفني، وتعتبر وردة أكثر من لحن لها بليغ في مسيرته.
قدم جميع الألوان الغنائية من رومانسية أو شعبية أو وطنية أو القصائد أو حتى ابتهالات دينية مثل مجموعة ألحانه للشيخ سيد النقشبندي وأشهرها " مولاي" بل وحتى أغاني الأطفال مثل أغنية " أنا عندي بغبغان" وأغاني أخرى في مسلسل أوراق الورد للفنانة وردة.
ومن إسهاماته الأساسية فى الموسيقى هو إيصال الموسيقى والإيقاعات الشعبية المصرية بطريقة تتناسب مع أصوات المغنين الكبار أمثال أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، وردة وشادية، ومحمد رشدى وغيرهم كما اشتهر بسهولة وبساطة ألحانه، الأمر الذي يجعل أي متذوق للموسيقى قادراً على التفرقة بين موسيقاه وأي موسيقى أخرى يستمع إليها، حيث تعاون مع أكبر مطربى الفن وترك بصمة مميزة على أعمالهم المشتركة ، حيث لحن لكوكب الشرق أم كلثوم "حب ايه، أنساك، سيرة الحب " وللعندليب عبدالحليم حافظ " خسارة، خايف مرة أحب ، حاول تفتكرنى " وللفنانة وردة الجزائرية " العيون السود ، حكايتى مع الزمان، مالى" وللفنانة نجاة " أنا بستناك، كل شىء راح ، حلاوة الحب" وغيرهم من الفنانين فقد عرف عنه غزارة إنتاجه الفنى. اهتم خلال مشواره بالمسرح الغنائي وقدم عدة مسرحيات غنائية وأوبرتات إستعراضية أهمها "مهر العروسة ، تمر حنة ، ياسين ولدي".
تعاون بليغ مع الثنائي محمد رشدي وعبدالرحمن الأبنودي في مطلع الستينات فقدم الفلكلور المصري بكافة أنواعه وأرتامه وجمله الشجية فقدما معاً عدداً من الأغنيات منها "عدوية ، بلديات ، وسع للنور" كما قدم لمحمد رشدي من كلمات آخرين" ميتى أشوفك ، على الرملة ، مغرم صبابة ، طاير يا هوى". وضع الموسيقي التصويرية لكثير من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية نذكر من الأفلام "إحنا بتوع الأتوبيس ، شيء من الخوف ، أبناء الصمت ، العمر لحظة ، مسافر بلا طريق ، آه يا ليل يا زمن، أضواء المدينة " ومن المسرحيات "ريا وسكينة ، زقاق المدق، تمر حنه" ومن المسلسلات "بوابة الحلواني" وهي آخر ما قام بليغ بتلحينه في حياته وهذا اللحن هو أكثر ما ساعد علي نجاح المسلسل وسبب شهرته وشعبيته.
عرف بليغ حمدي بحبه الشديد لمصر، ويعد من أكثر الموسيقيين تلحيناً لمصر وفي حب مصر كما كتب وغنى بعضها بنفسه منها " عدى النهار" التى أصبحت رمزاً لمرحلة النكسة كما أصبحت أغنية "على الربابة بغني" للفنانة وردة الجزائرية هي رمز لحرب أكتوبر المجيدة ومرحلة العبور كذلك " البندقية اتكلمت، لو عديت، عبرنا الهزيمة، فدائي، بسم الله، عاش اللي قال" لكن أشهر أغانيه الوطنية على الإطلاق هي أغنية " يا حبيبتي يا مصر" للفنانة شادية.
رحل بليغ حمدى بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز 62 عامًا، تاركا إرثا فنيا غزيرا ، حيث كان من أفضل من أنجبت الموسيقى العربية على الإطلاق.