رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الأزهر والكنيسة والأوقاف في أزمة حفل افتتاح أولمبياد باريس: نرفض كل محاولات المساس بأيِّ نبيٍّ من أنبياءِ الله

نشر
 لوحة العشاء الأخير
لوحة "العشاء الأخير" الشهيرة للفنان ليوناردو دافنشي

في إطار التحضيرات لحفل افتتاح أولمبياد باريس، برزت أزمة أثارت جدلاً واسعاً على الصعيدين المحلي والدولي. تعود الأزمة إلى اختيار منظمي الأولمبياد استخدام مشهد مستوحى من لوحة "العشاء الأخير" الشهيرة للفنان ليوناردو دافنشي، كجزء من الفعالية الفنية لحفل الافتتاح.

اعتبرت المؤسسات الدينية هذا الاختيار مسيئاً ومثيراً للجدل، خاصة في ظل الحساسية الدينية التي يمكن أن يثيرها استخدام رموز دينية في سياقات ترفيهية أو تجارية، وأبدت الكنيسة والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف في مصر مواقف واضحة تجاه هذه الأزمة.

 الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعرب عن استيائها واستنكارها البالغين


وأعربت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني عن استيائها واستنكارها البالغين، مما تضمنه حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024، من تجسيد مشهد العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه والذي أسس فيه سر الإفخارستيا أقدم وأقدس أسرار الكنيسة وممارساتها على الإطلاق.

وقالت الكنيسة القبطية خلال بيان رسمي لها مساء أمس الأحد: "المؤسف أن الطريقة التي قُدِم بها هذا المشهد تحمل إساءة بالغة لأحد المعتقدات الدينية الأساسية التي تقوم عليها المسيحية".

وأضافت الكنيسة: “ومن العجيب أن نرى هذا المشهد في افتتاح الأولمبياد، في الوقت الذي تتعارض فيه مثل هذه الأفعال مع ميثاق الأولمبياد والقيم الأساسية المعلنة له، التي تدعو إلى احترام المبادئ الأخلاقية العالمية الأساسية، وقيمة تقديم القدوة الحسنة، واحترام الجميع دون تمييز، وهو ما رأينا عكسه في حفل الافتتاح المذكور، في سبيل دفع أجندات فكرية بعينها تخدم تيارات لا علاقة لها بالرياضة، التي ينبغي أن تجمع، لا أن تفرِّق”.

بيان الكنيسة  الأرثوذكسية

الكنيسة الأرثوذكسية تطالب اعتذارًا واضحًا وجادًّا نتيجة لهذه الإساءة

وأكدت الكنيسة الأرثوذكسية أن هذه الإساءة تستدعي اعتذارًا واضحًا وجادًّا من الهيئات المنظمة لأولمبياد باريس 2024، لكل المسيحيين الذين استاؤوا من هذا المشهد المؤسف، الذي شاب ما كنا نظن أنه عرس رياضي عالمي من شأنه أن يدخل الفرح والبهجة على قلوب جميع المشاركين والمشاهدين، مع ضمانات كافية لعدم تكرار مثل هذه التصرفات المسيئة.

وفي الختام طالبت الكنيسة من أبنائها الصلاة من أجل أن يحفظ الله السلام في كل العالم ويحمي الإنسان والإنسانية من كل شر.

الأزهر الشريف يعبر عن قلقه جراء ما حدث في احتفالات أولمبياد باريس


الأزهر الشريف، باعتباره أحد أكبر المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، عبر عن قلقه من هذه الخطوة، مشدداً على ضرورة احترام الرموز الدينية والمعتقدات الروحية للأديان المختلفة. 

وأشار الأزهر إلى أن مثل هذه الأعمال قد تثير توتراً غير ضروري بين الأديان والثقافات، ودعا إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب بدلاً من خلق نقاط خلاف.

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب


حيث أكِّدُ الأزهر الشريف، رفضه الدَّائم لكُلِّ محاولات المساس بأيِّ نبيٍّ من أنبياءِ الله، فالأنبياء والرُّسُل اجتباهم وفضَّلَهم على سائرِ خلقِه ليحملوا رسالة الخير للعالمين، ويُؤمن الأزهر ومِن خلفِه ما يَقرُب من ملياري مُسلم بأنَّ عيسى عليه السلام هو رسول الله ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾ [النِّساء: 171]، وسَمَّاه الله في القرآن الكريم: ﴿وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [آل عمران: 45]، وَعَدَّهُ مِن أُولي العَزم من الرُّسُل، ويُؤمن المسلمون بأنَّ الإساءة إليه عليه السلام أو إلى أيِّ نبيٍّ من إخوانِه عليهم السَّلام؛ عارٌ على مُرتكبي هذه الإساءة الشَّنيعة ومن يَقبلونها.

الأوقاف تؤكد على أهمية احترام الرموز الدينية وعدم استخدامها في سياقات قد تكون مثيرة للجدل 

فيما انضمت وزارة الأوقاف  إلى الأصوات الناقدة، حيث أصدرت بياناً تؤكد فيه على أهمية احترام الرموز الدينية وعدم استخدامها في سياقات قد تكون مثيرة للجدل أو غير ملائمة. ودعت الوزارة منظمي الأولمبياد إلى إعادة النظر في هذا القرار، والتأكيد على أهمية تعزيز القيم المشتركة التي تجمع بين مختلف الثقافات والأديان.

أدان الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف الإساءة للسيد المسيح (عليه السلام) في افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت في باريس عاصمة فرنسا.

وشدد وزير الأوقاف على أن الإساءة لنبي واحد من أنبياء الله (عز وجل) ورسله كالإساءة لهم جميعًا، فالأنبياءُ جميعًا منهج واحد وذات واحدة، كما يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إخوةٌ لعَلَّاتٍ؛ أمَّهاتُهُم شتَّى ودينُهُم واحدٌ ، وإنِّي أولى النَّاسِ بعيسى ابنِ مريمَ"، وهم صفوة خلق الله (عز وجل) والمساس بنبي واحد منهم عدوان على الأنبياء الكرام جميعا

وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري


وأكد وزير الأوقاف أن الإساءة إلى أنبياء الله (عز وجل) تطرف وازدراء للأديان يجرمه القانون الدولي، كما تحرمه الأديان السماوية، وأن الإساءة والإهانة للمسلمين والمسحيين في مقدساتهم بل وإلى سائر الأديان عواقبه وخيمة، وينسف كل جهود الاستقرار والتعايش التي نسعى إليها، ويغذي التطرف والتطرف المضاد، وأنه لا يمكن التقدم إلى تعارف جاد بين الحضارات في ظل الاستهانة أو الإهانة للرموز والمقدسات الدينية

ودعا الوزير الأوقاف كافة القيادات الدينية في العالم إلى حملة توعية شاملة تتعامل مع هذه الأزمات بمنتهى الرقي اللائق بقيم الأنبياء الكرام، وتطفيء نيران الفتن، وتنشر في مختلف المنابر الفكرية والثقافية ووسائط التوصل والسوشيال تعريفا صحيحا بسيدنا محمد وسيدنا المسيح عيسى بن مريم، وما جاءوا به من الهدى والنور، والإكرام للإنسان، والتجمل بالأخلاق مع المعتدي والمسيء.

 

وكشف هذه الأزمة عن أهمية  احترام  الرموز الدينية في الفعاليات الكبرى، لما قد تحمله من دلالات وتأثيرات على العلاقات بين الشعوب والثقافات. ويعكس الموقف المشترك للكنيسة والأزهر ووزارة الأوقاف رغبة في الحفاظ على القيم الروحية والدينية، وتعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف المجتمعات الإنسانية.

عاجل