رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

محكمة العدل: يجب إنهاء وجود إسرائيل بالأراضي الفلسطينية.. وسياساتها الاستيطانية «انتهاك دولي»

نشر
مستقبل وطن نيوز

محكمة العدل الدولية في رأي استشاري
- الوجود الإسرائيلي المستمر بالأراضي الفلسطينية غير قانوني ويجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن
- السياسات الاستيطانية واستغلالها للموارد الطبيعية بالأراضي الفلسطينية انتهاك للقانون الدولي
- يجب امتناع القوة المحتلة عن أشكال الإرغام والتهديد والاستيلاء على أرض الغير باستخدام القوة
- وجود الاحتلال "الممتد" لا يمكن أن يأخذ كذريعة للالتفاف على القانون الدولي
- الأرض الفلسطينية أرض محتلة منذ عام 1967 وتشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة
- الأرض الفلسطينية المحتلة هي أرض موحدة يجب أن تكون منسجمة ومتواصلة جغرافيا 
- الأراضي الفلسطينية تخضع لاتفاقيات جنيف ويجب حماية المدنيين الفلسطينيين


 أصدرت محكمة العدل الدولية، اليوم الجمعة، رأيا استشاريا بأن الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، "غير قانوني ويجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن".. وشددت على أن سياسات إسرائيل الاستيطانية واستغلالها للموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية؛ تمثل انتهاكا للقانون الدولي، ونادت إسرائيل بضرورة التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن سياساتها وممارساتها غير القانونية.
وطالبت المحكمة، بضرورة أن تمتنع القوة المحتلة (إسرائيل) عن كل أشكال الإرغام والتهديد والاستيلاء على أرض الغير باستخدام القوة، بالإضافة إلى عدم التأثير سلبا على الحق في تقرير المصير.. وشددت على أن وجود الاحتلال "الممتد" لا يمكن أن يأخذ كذريعة للالتفاف على القانون الدولي.
وافتتحت محكمة العدل الدولية، اليوم، جلسة استماع لإصدار رأي استشاري غير ملزم بشأن شرعية الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 57 عاما للأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها.
وأكد رئيس محكمة العدل نواف سلام - خلال الجلسة اليوم - أن الأرض الفلسطينية هي أرض محتلة منذ عام 1967، وتشمل هذه الأرض: الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وقال إن "المحكمة تستذكر - من وجهة نظر قانونية - بأن الأرض الفلسطينية المحتلة هي أرض موحدة يجب أن تكون منسجمة ومتواصلة جغرافيا وكل الإشارات في هذا سياق الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ تؤكد أن الأراضي الفلسطينية هي وحدة جغرافية واحدة تشكل من الضفة الغربية والقدس وغزة وما يتعلق بالمدينة المقدسة؛ يوجد غموض في الطلب المقدم بها؛ لكن المحكمة نظرت - في هذا الشأن - وترى أن ما يتعلق بالمدينة المقدسة مرتبط بالإجراءات التي تتخذها إسرائيل فقط في الجزء الشرقي من المدينة".
وقال سلام إن محكمة العدل ترى أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية؛ يقوم على أساس مصادرات الأراضي والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وفي هذه الحالة فإن مصادرة الملكية العامة والخاصة لتطوير المشاريع الاستيطانية ونقل السكان المدنيين إليها؛ يؤثر على حياة المواطنين الفلسطينيين، وتستنتج المحكمة بأن هذه السياسة الإسرائيلية بها انتهاك للمواد 55 و 62 من النظام لاهاي.
وأشار إلى أنه بناء على الدليل المقدم؛ فان محكمة العدل ترى أن إسرائيل تستغل الموارد الطبيعية الفلسطينية؛ خلافا لالتزامتها وفق القانون الدولي.. وبالاستيلاء على الموارد الطبيعية الفلسطينية واستفادة المواطنين منها؛ يعني أن إسرائيل لا تتعامل كقوة محتلة تدير الأراضي الفلسطيني بل أيضا تستخدم موارد الأراضي الفلسطينية، وذلك انتهاك للقانون الدولي وحرمان للمواطنين الفلسطينيين من الاستفادة من مواردهم؛ وهذا انتهاك إسرائيلي لإلتزامها في الحفاظ على كمية ونوع الموارد الطبيعية الفلسطينية، وتستنتج المحكمة - أيضا - أن سياسة إسرائيل في استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية؛ تنتهك التزامها لحق الشعب الفلسطيني بالسيادة على موارده الطبيعية .
وقال "سلام" إنه بناء على القانون الدولي والاتفاقيات التي تنص على المساواة بين المجموعات البشرية؛ ترى المحكمة بأن الشعب الفلسطيني موجود كشعب أصيل ولا يحق إخضاعه للتمييز العنصري.
واستهل نواف سلام جلسة إصدار الرأي بشأن التبعات القانونية لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بالقول "إن المحكمة تنظر اليوم في الطلب المقدم من الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن التبعات القانونية المتأتية للانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ونتائج بناء المستوطنات وضم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتغيير التركيبة السكانية لتلك الأراضي بما فيها القدس وذلك وجود القوانين والتشريعات التمييزية العنصرية".
وأضاف أن المحكمة ليس لديها أي سبب يمنعها من أن لا تجيب على الطلب وفقا للمادة 69 و65 ، ويمكنها تقديم الرأي الاستشاري على مثل هذا الطلب.
وبشأن الإجراءات القضائية، أوضح سلام أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وضعت سؤالين، الأول: يتعلق بالتبعات القانونية لسياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي كقوة محتلة احتلال مستمر منذ عام 1967، والثاني: كيف لمثل هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية أن تؤثر على الوضع القانوني للاحتلال في ضوء مبادئ وقواعد القانون الدولي؟
وأكد أن المحكمة تعتبر هذه الأسئلة أسئلة قانونية وينظر فيها واستنتجت المحكمة وفقا للنظام الخاص فيها انها يوجد لديها الولاية والاختصاص في النظر في هذه المسألة، كما أن المحكمة تعطي الرأي الاستشاري لكن ليست ملزمة بذلك إنما بناء على الأسباب المقنعة يحق للمحكمة أن ترفض أيضا ما يقدم لها وفق النظام الخاص بها.
وقال "إن هناك رأيا يقول بأنه لا يمكن للمحكمة أن تصدر قرارا أو رأيا استشاريا ، لكن المحكمة وفق الولايات تجيب على القضايا التي تقدم لها وتصدر رأيها حيث إن هذا الرأي وضع بطريقة فيها تحيز ولا يمكن لأحد أن يقيد المحكمة فالمحكمة لها اختصاص وصلاحيات واضحة".
وأضاف أن الممارسات الإسرائيلية هي انتهاك للقوانين والمبادئ الدولية؛ وهذا أمر منظور قبل وضع هذه المسألة أمام المحكمة، كما عملت المحكمة على دراسة المسألة ورأت أنه لا يوجد ما يمنع المحكمة من أن تصدر القرار الاستشاري بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشار إلى أن المحكمة نظرت في الأسئلة المقدمة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولاحظت أنه في تلك الأسئلة العناصر المطلوبة؛ فالسؤال الأول جاء به تحديد الممارسات تقوم بها اسرائيل والانتهاكات المستمرة لحق الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بحق تقرير المصير، والسؤال الثاني، الاحتلال الإسرائيلي الممتد وبناء المستوطنات وضم الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير الشكل والتركيبة السكانية بمدينة القدس على وجه التحديد، بالإضافة إلى وجود التشريعات التمييزية التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف رئيس المحكمة أن هذه السياسات والممارسات تمت دراستها من قبل المحكمة، وقبل دراستها المحكمة حددت لنفسها متابعة كل هذه النقاط تحديدا النقطة المتعلقة بالسياسات والممارسات الإسرائيلية التي بها انتهاك للقانون الدولي ، فالمحكمة ليست وحدها التي تقرر قانونية أو عدم قانونية السياسات وإنما الجمعية العامة للأمم المتحدة معنية في ذلك.
وتابع إن المحكمة ترى أن السؤال الأول متعلق بالالتزام بسياسات الدولية تجد المحكمة أنها محددة بالطلب الذي قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما طلبت الجمعية من المحكمة تفاصيل بشأن الإجراءات الإسرائيلية، ولإعطاء الرأي الاستشاري في هذا الأمر ليس من عمل المحكمة أن تأتي بهذه التفاصيل لتثبت بأن هناك انتهاك للقانون الدولي اذ ان المحكمة تضع المظاهر العامة للسياسات والممارسات الإسرائيلية في دراستها وما أثر هذه الممارسات وعلاقتها بالقانون الدولي.
وبشأن الموضوع المرتبط بالأرض والجغرافيا، أكد رئيس المحكمة أن الأرض الفلسطينية هي أرض محتلة منذ عام 1967 وتشمل هذه الأرض الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة والمحكمة تدرك بأن مؤسسة الأمم المتحدة تشير الى تلك المناطق الفلسطينية على أنها أرض محتلة؛ بالتالي يمكن للمحكمة إصدار رأي استشاري بشأن ذلك.. وتستذكر المحكمة - من وجهة نظر قانونية - بأن الأرض الفلسطينية المحتلة هي أرض موحدة يجب أن تكون منسجمة ومتواصلة جغرافيا وكل الإشارات في هذا سياق الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ تؤكد أن الأراضي الفلسطينية هى وحدة جغرافية واحدة تشكل من الضفة الغربية والقدس وغزة وما يتعلق بالمدينة المقدسة يوجد غموض في الطلب المقدم بها ولكن المحكمة نظرت في هذا الشأن وترى أن ما يتعلق بالمدينة المقدسة مرتبط بالإجراءات التي تتخذها إسرائيل فقط في الجزء الشرقي من المدينة.
وأكد سلام أن المطلوب من المحكمة أن تتخذ إجراءات بشأن ما تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، والمحكمة لا تمنع أن تكون هناك دراسة لهذه الممارسات التي تقوم بها قوات الاحتلال، وبالتالي للمحكمة أن تصدر الرأي الاستشاري، كما طلبت الجمعية العامة حول هذه الممارسات الإسرائيلية المستمرة وكذلك السياسات الإسرائيلية التي حددها طلب الأمم المتحدة؛ بما في ذلك الممارسات الإسرائيلية بقطاع غزة وتحديدا الاعتداء على غزة بعد الـ 7 من أكتوبر الماضي.
وأشار رئيس المحكمة إلى "الجزء المتعلق بالسياسات والممارسات التي حددتها الجمعية العامة على أنها غير قانونية، حيث إن هذه الممارسات تقوم بها إسرائيل كقوة محتلة وتؤثر على حياة الفلسطينيين وعلى الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنظور هذا السؤال يعتمد على الماهية القانونية للاحتلال الإسرائيلي، حيث ترى المحكمة أن الجزء الذي يتطلب من المحكمة أن توضح كيف تؤثر سياسات وممارسات الاحتلالية الإسرائيلية؟ وكيف تؤثر على إسرائيل كقوة احتلالية تقوم باحتلال الأراضي الفلسطينية؟، ورأت المحكمة أن السؤال الأول والجزء الأول من السؤال الثاني للمحكمة النظر فيها".
وأضاف أن المحكمة لها الحق في أن توضح كيف تقوم إسرائيل بالممارسات والسياسات الاحتلالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟، أي أنها تركز على الممارسات واستمرارية الاحتلال للأراضي الفلسطينية خلافا للقانون الدولي، حيث طلب من المحكمة النظر في هذه الأسئلة، وكيف تؤثر على الأطراف الأخرى أي الدول الأخرى والأمم المتحدة؟
وتابع: بعد تحديد منظور الأسئلة التي قدمتها الجمعية العام للمحكمة، على المحكمة أن تنظر في القانون النافذ والقانون الدولي المتعلق بالأراضي المحتلة؛ إذ أن القوانين الدولية تؤكد أن الأراضي الفلسطينية هي أرض محتلة، مشيرا إلى أن جميع الأسئلة التي قدمتها الجمعية العامة للأمم المتحدة متصلة ومرتبطة بهذا الأمر؛ أي أن الأرض الفلسطينية محتلة من قبل إسرائيل والرأي الاستشاري يهدف الى توضيح التبعات القانونية لهذا الاحتلال وعلى أي أساس يقوم هذا الاحتلال.
وأكد سلام أن محكمة العدل لديها رؤية النظر في قضية العواقب القانونية بشأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، علما بأن الإجراءات التي اتخذتها وقامت بها إسرائيل في فلسطين؛ توضح بأنها تصرفت كدولة احتلال، وأيضا كان هناك رأي استشاري بشأن الجدار، لكن لم يترك ذلك أثرا لقطاع غزة، بالرغم من قطاع غزة هو جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، موضحا أن إسرائيل وضعت قطاع غزة تحت سيطرتها الكاملة.
وأشار سلام، إلى أنه خلال عام 2004 أعلنت إسرائيل خطة الانفصال، حيث إنها سحبت قواتها العسكرية من قطاع غزة، وكذلك في شمال الضفة الغربية، معلنا أنه خلال عام 2005 أكملت (إسرائل)، سحب قواتها العسكرية ومستوطناتها من قطاع غزة.
وحول تحديد إن كانت غزة محتلة وفق القانون الدولي أم لا؟، أوضح سلام أن المعايير الرئيسية هي ليس أن كانت إسرائيل حافظت على وجودها المادي في قطاع غزة أم بقيت تسيطر بطرق أخرى على قطاع غزة.
وقال إن إسرائيل حافظت على قدرتها العسكرية في السيطرة على قطاع غزة ومارست سلطتها على القطاع حتى بعد الانسحاب، حيث إنها تسيطر على الأراضي الفلسطينية بحرا وجوا، كما تفرض القيود على السكان وحركة التجارة، وأيضا الواردات والصادرات والوقود في قطاع غزة، وذلك على الرغم من أنها سحبت قواتها العسكرية عام 2005 من قطاع غزة ولكن الوضع استمر كذلك حتى السابع من أكتوبر عام 2023 .
وأكمل: إن عملية الانسحاب من قطاع غزة لا يعفي إسرائيل من التزاماتها كقوة قائمة بالاحتلال لقطاع غزة، إذ بقيت هذه الالتزامات عليها بسبب إبقائها السيطرة على قطاع غزة، موضحا أن المحكمة الدولية درست القواعد والمبادئ ذات العلاقة بهذا الشرط.
وأضاف أن المحكمة الدولية وجدت تحديدا المبادئ الخاصة بالاستيلاء على أرض الغير بالقوة وفق ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك في القانون العرفي العام، والأكثر من ذلك القانون الإنساني الدولي ذي العلاقة بهذا الموضوع، مؤكدا أن الأراضي الفلسطينية تخضع لاتفاقيات جنيف وتحديدا ما يرتبط بحماية المدنيين والاتفاقية تنص على ضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتابع: إن القانون العرفي العام واتفاقية جنيف الرابعة؛ توضح القواعد والأنظمة الخاصة بحماية المدنيين الفلسطينيين المقيمين على الأرض المحتلة، مضيفا أن المحكمة درست هذه الاتفاقيات، وكذلك بنود القانون الدولى العام ووجدت أنها تنطبق على إسرائيل.
وأضاف سلام أنه فيما يتعلق بحقوق قانون الإنسان الدولي، وجدت محكمة العدل الدولية، أن إسرائيل هي طرف لعدد من القوانين؛ وبالتالي عليها التزامات، بما في ذلك اتفاقية وضع حد لأشكال التمييز والتي جرت أيضا الإشارة اليها، وكذلك العهد الخاص بالحقوق المدنية والاقتصادية.
وقال إن محكمة العدل تستذكر كل اتفاقيات حقوق الإنسان المنطبقة على وضع احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية؛ إذ وجدت المحكمة بأن هذه القوانين تنطبق على أرض فلسطين المحتلة وكذلك اتفاقيات حقوق الإنسان المرتبطة في الصراع المسلح في حال الاحتلال وكذلك القانون الإنساني الدولي والمواد المرتبطة بالاحتلال الأجنبي لأرض الغير، وترى المحكمة بالإشارة إلى ذلك أن إسرائيل تبقى ملزمة وفق تلك القوانين والعهود الدولية فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة كقوة قائمة بالاحتلال".
وأضاف أن المحكمة تدرك - أيضا - أن هذه الاتفاقيات تنسجم وتتطابق مع الجغرافيا المحتلة ؛ بالتالي الدولة التي تقوم بالاحتلال عليها الإيفاء بالالتزامات المنصوص عليها بتلك الاتفاقيات والقوانين؛ وهذا ينطبق على الدولة التي هي طرف في هذه الاتفاقيات وعلى إسرائيل ان تفي بالتزاماتها في هذه الاتفاقيات على كل الأراضي الواقعة تحت ولايتها كقوة محتلة.
وأشار إلى أن هناك وجهات نظر مختلفة حول الاتفاقية التي وقعت بين الجانب الفلسطيني وإسرائيل (اتفاقية أوسلو) وتمت مناقشة هذه الاتفاقية، وكانت هناك وجهة نظر تقول إن اتفاقية أوسلو تنص على أن يتم حل القضية الفلسطينية على أساس القانون الدولي والقرارات الدولية المتعلقة بذلك، بما في ذلك اعتراف في اتفاقية أوسلو بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وترى المحكمة أن تفسير اتفاقية أوسلو يجب أن يأخذ بعين الاعتبار اتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد حماية المدنيين وعدم حرمانهم من منافع الاتفاقية، وأن أي اتفاقية بين القوة القائمة بالاحتلال ومن يقع تحت الاحتلال يجب أن تكون منسجمة وتلك الاتفاقيات، وترى المحكمة أنه لا يوجد اتفاق يمكن أن يعفي إسرائيل من التزاماتها وفق القانون الدولي فيما يتعلق بالأرض الفلسطينية المحتلة؛ بالتالي إسرائيل من حيث السياسة وممارسة الأرض الفلسطينية المحتلة هي تشكل انتهاكا للقانون الدولي، مشيرا إلى أن تحليل المحكمة ودراستها وجدت أن سياسة إسرائيل وتحديدا سياسة الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتبني إسرائيل للقوانين والتشريعات التمييزية كلها يعد انتهاكا للقانون الدولي؛ إذ أن هذه السياسات والممارسات تؤثر على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وقال رئيس محكمة العدل إن الاحتلال الإسرائيلي الممتد للأراضي الفلسطينية واستمراره لعقود طويلة كقوة قائمة؛ يضعها (إسرائيل) في وضع الدولة المحتلة ويقع عليها الواجبات والالتزامات التي تقع على أي قوة تقوم باحتلال أراض الغير.
وشدد على ضرورة أن تقوم الدولة المحتلة (إسرائيل) بأن لا تحيد عن مصالح السكان الواقعين تحت احتلالها؛ وهو ما أكد عليه القانون الدولي إذ أن أي احتلال لأراض الغير؛ يكون احتلال مؤقت ولا يمكن أن يكون ممتد، وينقل سكانه المدنيين من الأرض التي يحتلها، علما بأن امتداد الاحتلال الإسرائيلي لا يغير من وضع هذا الاحتلال وفق القوانين الدولية وقواعد الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن القانون الدولى للاحتلال لا يعطي صفة مؤقتة للدولة التي تقوم بالاحتلال أراض الغير، مؤكدا أن الاحتلال يعتبر غير قانوني وتتم دراسته وتقييمه بناء على قواعد ومبادئ واضحة وتحديدا ممارسة الاحتلال للسيطرة على أرض ليست من ملكه وإنما تعود لشعب آخر.
وأعلن أن "المحكمة ترى أن تمتنع القوة المحتلة عن كل أشكال الإرغام والتهديد والاستيلاء على أرض الغير، باستخدام القوة، بالإضافة إلى عدم التأثير سلبا على الحق في تقرير المصير، وبالتالي وجود الاحتلال الممتد لا يمكن أن يأخذ كذريعة للالتفاف على القانون الدولي"، مشددا على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف أن السياسات والممارسات الإسرائيلية ووجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنوات طويلة، تجب دراسته وفق قرار المحكمة.
وفيما يتعلق بسياسات الاستيطان الإسرائيلي والتبعات القانونية له، قال سلام إن المحكمة ترى وجودا تمييزا بين المستوطنات والبؤر الاستيطانية، شارحا أن هذا يأتي في سياق دراسة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية؛ إذ أن هناك مستوطنات بقرار من الحكومة الإسرائيلية، وهناك بؤر استيطانية بمبادرات من المستوطنين في الضفة الغربية والقدس.
وقال نواف سلام إن البؤر الاستيطانية الإسرائيلية؛ إنما هي تمهيد لبنى تحتية لنقل المدنيين الإسرائيليين؛ وبالتالي تصبح مستوطنات يتخذ قرار بضمها إلى إسرائيل.. مضيفا أن المحكمة ترى أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية يقوم على أساس مصادرات الأراضي والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية؛ وفي هذه الحالة فإن مصادرة الملكية العامة والخاصة لتطوير المشاريع الاستيطانية ونقل السكان المدنيين إليها؛ إنما يؤثر على حياة المواطنين الفلسطينيين، وتستنتج المحكمة بأن هذه السياسة الإسرائيلية بها انتهاك للمواد 55 و 62 من "نظام لاهاي".
وفيما يتعلق باستخدام واستغلال المصادر الطبيعية الفلسطينية من قبل إسرائيل، قال سلام إنه وفق نظام لاهاي؛ فإن القوة المحتلة - في حال احتلال أرض الغير - تقوم بإدارة هذه الأراضي ولا يحق لها أن تستثمر أو أن تستخدم الموارد الطبيعية؛ إذ أنها تحافظ على رأس مال والموارد الطبيعية للشعب الواقع تحت احتلالها، وأن لا تتجاوز ما هو ضروري وملح وفق قانون الاحتلال؛ وبالتالي على إسرائيل الالتزام بالحفاظ على الموارد الطبيعية الفلسطينية للمواطنين الفلسطينيين؛ بما في ذلك المياه والموارد الطبيعية الأخرى وتجنب الإساءة للبيئة الفلسطينية .
وأشار إلى أنه بناء على الدليل المقدم؛ فان المحكمة ترى أن إسرائيل تستغل الموارد الطبيعية الفلسطينية؛ خلافا لالتزامها وفق القانون الدولي.. وبالاستيلاء على الموارد الطبيعية الفلسطينية واستفادة المواطنين منها؛ يعني أن إسرائيل لا تتعامل كقوة محتلة تدير الأراضي الفلسطيني بل أيضا تستخدم موارد الأراضي الفلسطينية، وذلك انتهاك للقانون الدولي وحرمان للمواطنين الفلسطينيين من الاستفادة من مواردهم؛ وهذا انتهاك إسرائيلي لالتزامها في الحفاظ على كمية ونوع الموارد الطبيعية الفلسطينية، وتستنتج المحكمة - أيضا - أن سياسة إسرائيل في استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية؛ تنتهك التزامها لحق الشعب الفلسطيني بالسيادة على موارده الطبيعية .
وفيما يتعلق بالقوانين والتشريعات الإسرائيلية وتطبيقها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال سلام إن محكمة العدل الدولية ترى أن المادة 43 من نظام لاهاي تشدد على أن لا تستخدم القوة المحتلة القوانين الخاصة بها إلا بما هو مسموح فيه في قانون الاحتلال؛ إذ أنه لا يحق لها حرمان المواطنين الفلسطينيين من حقهم وسيادتهم، ويجب أن لا تمس حريتهم إلا في أمور استثنائية واضحة في القانون الدولي الخاص بالاحتلال.
وأضاف أن إسرائيل تقوم بعمليات ضم للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية؛ وتستبدل قانونها العسكري بالقانون المدني، وتعمل على تطبيقه على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 وكذلك المجالس الاستيطانية تمارس الصلاحيات والاختصاصات؛ بناء على القانون الإسرائيلي في المستوطنات المقامة على أرض فلسطينية المحتلة، ومنذ بداية الاحتلال أيضا عاملت القدس الشرقية على أنها أرض إسرائيلية إذ أنها تطبق القانون الإسرائيلي في القدس وكل ما لديها من قوانين محلية وتشريعات في مدينة القدس .
وأشار إلى أن المحكمة ترى أن تطبيق إسرائيل قوانينها على القدس والضفة الغربية؛ انتهاك لمواد اتفاقية جنيف الرابعة، لافتا إلى أن عدم وجود سبب أو مبرر لتطبيق القانون الإسرائيلي في القدس الشرقية وكذلك في المستوطنات بالضفة الغربية؛ وذلك وفق اتفاقية جنيف الرابعة والمواد ذات الصلة تحت الاتفاقية.
وتعتبر المحكمة أن ممارسة إسرائيل لهذه القوانين يبقيها قوة محتلة مخالفة للمادة 43 من نظام لاهاي و46 من اتفاقيات جنيف الرابعة وترى أيضا المحكمة أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية؛ تؤثر على حياة المواطنين الفلسطينيين وترى أن مصادرة الأراضي وحرمان الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم والى الموارد الطبيعية؛ هو حرمان للسكان الأصليين المحليين لهذه الأراضي، وأن الإجراءات التي تتخذها القوات العسكرية الإسرائيلية تعمل على إساءة الوضع أكثر وأكثر في الأرض الفلسطينية المحتلة، للمواطنيين الفلسطينيين ضد الإرادة الفلسطينية.
وتذكر المحكمة بالمادة 49 من اتفاقية جنيف؛ التي تنص على أن نقل الأفراد والجماعات من الدولة المحتلة إلى الأراضي الواقعة تحت الاحتلال؛ من شأنه أن يمس سلامة المواطنيين المحليين؛ وبالتالي يحظر مثل هذا الإجراء وفق اتفاقية جنيف .
وترى المحكمة - في هذا السياق - أن هذا أمر مرفوض وأيضا ترحيل المواطنين الفلسطينيين من مجتمعاتهم؛ أمر محظور ومثير للقلق، وترى المحكمة - كذلك - أنه في حال ترحيل المواطنين لوقت محد أسباب مقنعة قد يكون ذلك ممكنا، لكن ترحيل السكان من أجل استبدالهم؛ هذا أمر محظور ولا يوجد أي استثناء يشرع أو يبرر مثل هذه المسألة .
كما ترى المحكمة أن الممارسات الإسرائيلية وإخلاء السكان وهدم المنازل في الأراضي الفلسطينية وتقييد حركة المواطنين؛ يجعل الشعب الفلسطيني أمام خيار بسيط جدا خاصة في مناطق "ج"؛ إذ يجبر على الرحيل إلى المناطق "أ"؛ وهذا يعني أن إسرائيل مستمرة في مصادرة الأراضي وهدم الأملاك الفلسطينية وتخصيصها لصالح المستوطنات الإسرائيلية؛ وهذا يدل على أن هذه الإجراءات ليست مؤقتة وإنما تريد لها الدوام في خرق واضح لاتفاقية جنيف الرابعة .
وقال رئيس المحكمة إنه بناء على القانون الدولي والاتفاقيات التي تنص على المساواة بين المجموعات البشرية؛ ترى المحكمة بأن الشعب الفلسطيني موجود كشعب أصيل ولا يحق إخضاعه للتمييز العنصري.
وأضاف أن المحكمة درست آثار قانون الإقامة على القدس الشرقية، وأيضا الإجراءات الإسرائيلية المعيقة لحركة المواطنين الفلسطينيين في القدس وممارسات هدم المنازل والاستيلاء على الأملاك الفلسطينية في القدس والضفة الغربية وأيضا الممارسات العقابية التي تقوم بها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن المحكمة درست - أيضا - أن هناك الآلاف من المباني الفلسطينية، التي هدمت من قبل الاحتلال الإسرائيلي.. ووجدت المحكمة - في تحليل ذلك - أن تلك القوانين والتشريعات التي تستند إليها إسرائيل إنما هي معاملة الفلسطينيين بشكل مختلف عن مواطني إسرائيل؛ مما يعد مخالفة للقانون الدولي؛ ويعد هذا التمييز ضد الفلسطينيين بدون مبرر أمر غير شرعي.
وبشأن الإغلاق الذي تطبقه وتفرضه إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال سلام إن ذلك يعد نظاما تمييزا على أساس عرقي واثني، وفق الفقرة الأولى من المادة 26 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية؛ وبالتالي يجب التخلص من هذه الممارسات ووضع حد لهذا النظام؛ وهذا هو وجهة النظر الأولى بين أعضاء المحكمة.
وأشار إلى أن المحكمة ترى التشريعات الإسرائيلية والإجراءات التي تفرضها للحفاظ على فصل الضفة الغربية والقدس وتحقيق الفصل بين المستوطنين والمواطنين، إنما هي انتهاك للعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والاقتصادية، معتبرا أن السياسات الإسرائيلية والتشريعات التمييزية بحق الفلسطينيين؛ هي انتهاك للقانون الدولى.
وأضاف سلام أن المحكمة درست هذه السياسيات، وترى أن الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير المصير، كما أكدت المحكمة - في رأيها الاستشاري - وجود الحق الفلسطيني في ذلك، كما أن توسيع هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية؛ يقوض هذا الحق في الحاضر والمستقبل؛ ويعد انتهاكا للالتزامات التي ينبغي أن تقوم بها إسرائيل .

عاجل