رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«دبلوماسية ثورة 30 يونيو».. انطلاقة لتعزيز ثقل مصر ودورها المحوري إقليميًا ودوليًا

نشر
ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو

كان عاما واحدا فقط، ولكنه حمل تأثيرات كبيرة وعميقة كادت أن تطيح بدور ومكانة مصر، ومن هنا كانت أهمية ثورة ٣٠ يونيو، والتي أزالت خطر كبير جراء سياسات حكم الإخوان لمصر في ذلك العام.

ومن هنا تعد ثورة يونيو علامة فارقة وتحول مهم فى مسار السياسة الخارجية المصرية، وعلى مدار السنوات التالية تم  تدعيم سياسة مصر الخارجية، وتعزيز دور مصر لتحظي بما تستحقه من مكانة، بالرغم من التحديات الهائلة التي تحيط بها ، والتي  أطلقوا عليها ربيعا ولكنه في حقيقة الأمر كان جحيما أصاب دول عربية رئيسية في مقتل، ولولا ثورة يونيو لتحقق ما كان مرسوما لمصر من انهيار لمؤسساتها وانهيارها، فقد تميزت سياسة مصر الخارجية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى  بالتركيز علي تعزيز المصالح المصرية و تحقيق التنمية  الداخلية بالتوازي مع تعزيز المصالح المصرية.

 تنويع وشراكة

لم تعد  السياسة الخارجية ترتكز علي دوائر بعينها؛ حيث تعددت وتنوعت هذه   الدوائر، والتي اعتمدت علي بناء شراكات اقتصادية وسياسية، تخلق المصالح المشتركة وتدعم الثقة المتبادلة وتعزز الأمن القومي المصري؛ فلم تعد تقتصر فقط على الدوائر التقليدية، خاصة فى أمريكا وأوروبا الغربية، وإنما أصبحت تشمل كل دول العالم ،والدول ذات الاقتصادات البازغة.

واتضح ذلك في زيارات متتالية للرئيس عبدالفتاح السيسي الي دول وسط وشرق أوربا، وحدوث طفرة كبيرة فى العلاقات معها خاصة مجموعة "فيشجراد"، و رومانيا وبلغاريا وصربيا، كذلك أذربيجان وأرمينيا ودول آسيا الوسطي الإسلامية ، كازاخستان وأوزبكستان، وشهدت القاهرة العديد من لقاءات القمة، كما زار وزير الخارجية سامح شكري الكثير من تلك العواصم واستقبل نظرائه منها في القاهرة.

كما  كانت إفريقيا في القلب؛ حيث السعي لدعم التعاون السياسي والاقتصادي مع دولها، مع إعطاء الأهمية الخاصة لدول حوض النيل، باعتبارها تمثل عمقا استراتيجيا  لمصر وزار الرئيس السيسي الكثير من العواصم الإفريقية واستقبل العديد من القادة الأفارقة في مصر.

وترى مصر أن الأمن القومي المصري يعتمد  من أمن محيطه العربي، ولذلك  سعت إلى تعزيز التضامن العربي مع دعم الاستقرار في الدول العربية.

 

 توازن وعلاقات استراتيجية

قامت تلك السياسة أيضا على التوازن وبناء علاقات شراكة استراتيجية متوازنة مع كافة القوى الكبرى فى النظام الدولى، مع التأكيد ان هذا التحرك لا يعني استبدال طرف مكان آخر، وإنما بناء علاقات قوية مع الجميع لتعزيز المصالح المصرية إقليميا ودوليا،

وإلي جانب العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا تم تقوية العلاقات مع روسيا، كما تم الدفع بالتعاون مع الصين الي مرحلة الشراكة الاستراتيجية، كما تعززت العلاقات مع اليابان، كما شهد شهر مارس الماضي التوقيع علي وثيقة التعاون الاستراتيجي مع الاتحاد الأوربي، والذي يدفع بالتعاون إلى آفاق أوسع، والتي وقعها الرئيس السيسي مع رئيسة المفوضية الأوربية فون دير لاين.

 الحياد والثبات بالمواقف

تستند سياسة مصر علي المبادئ الراسخة، فإذا عادت علاقاتها مع أطراف كان معها خلافات فهذا يؤكد أن تلك الأطراف قد عدلت مواقفها وليس مصر، وهذا ما ينطبق علي قطر وتركيا، كما شكلت أزمة أوكرانيا نموذجا للسياسة المصرية القائمة على الحياد الإيجابي وعدم الانحياز لطرف ضد الآخر بل والعمل بإيجابية لإنهاء الحرب، حيث أكد الرئيس السيسى أكثر من مرة علي ضرورة إنهاء هذه الحرب.

 

المصداقية والاحترام

لاشك أن المواقف الفاعلة التي تعلي مصالح الشعوب والثبات قي المواقف، واحترام قواعد القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، وعدم التدخل فى شئون الدول الأخرى والدعوة لأهمية التسوية السياسية السلمية لكل  المنازعات و الحروب، وتعظيم مفاهيم التعاون والمسئولية الجماعية الدولية فى مواجهة التحديات المختلفة مثل فيروس كورونا، والتغيرات المناخية، واحترام مفهوم الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية، كل ذلك من شأنه  حصول سياسة مصر علي المصداقية والاحترام فى المجتمع الدولى.

 دبلوماسية التنمية

وانتهجت مصر دبلوماسية إضافية تضع نصب أعينها مصلحة المواطن المصري، فإلي جانب تأكيد رعايته في الخارج فقد ارتكزت السياسة الخارجية المصرية عل مفهوم دبلوماسية التنمية، حيث تم توظيف علاقات الرئيس السيسى القوية مع كافة زعماء العالم، فى دعم وتعزيز التنمية فى الداخل و بناء شراكات اقتصادية فاعلة مع كافة التجارب التنموية فى العالم، والاستفادة من المزايا النسبية فيها، خاصة فى آسيا، وكذلك جذب التكنولوجيا المتقدمة ودعم البحث العلمي والتعليم استفادة من التجارب الدولية الناجحة و جذب الاستثمارات الأجنبية خاصة فى المشروعات القومية العملاقة مثل محور التنمية فى قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع الضبعة، وذلك فى ظل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى وخطوات تحسين مناخ الاستثمار، ولم يخلو برنامج لأي زيارة للرئيس السيسى لأى دولة، من لقائه مع رجال الأعمال والشركات الاقتصادية الكبرى فى الدول المختلفة لعرض الفرص الواعدة للاستثمارات فى مصر، وهو ما يعود بالنفع فى نهاية المطاف على تحسين مستوى معيشة المواطن المصرى باعتباره الغاية من التنمية.

وخلال الفترة القادمة سوف ينظم الاتحاد الأوربي بالتعاون مع مصر مؤتمرا ضخمًا بها  لتشجيع المزيد من الاستثمارات الأوربية، وبحضور رفيع المستوي.

نجاحات رغم التحديات  

وبالرغم من التحديات التي تعيشها منطقتنا والأزمات المتلاحقة بها  ،خاصة في سوريا وليبيا والسودان ،الا ان هذه السياسة حققت نجاحات ملموسة وكانت الترجمة الحقيقية لتلك السياسة الناجحة، ما حققته مصر خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي، وعضوية مجلس الأمن ٢٠١٦-٢٠١٧، و عضوية مجلس السلم والامن الإفريقي، الانعقاد الناجح للمؤتمر الدولي للمناخ "كوب ٢٧ "في شرم الشيخ، والانضمام الي تجمع "البريكس"، روسيا والصين والهند والبرازيل.

أيضا الدعم المستمر للشعب الفلسطيني في غزة إنسانيا والعمل علي الوقف الفوري لإطلاق النار، وتأكيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في كل محفل ولقاء دولي أو إقليمي والدعوة لضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وتعزيز التعاون مع قبرص واليونان على مستوى القمة لضمان أمن منطقة البحر المتوسط، والنجاح في مواجهة موجات الهجرة غير الشرعية؛ وهو ما أكده الاتحاد الأوربي وأشاد به.

واستطاعت مصر مواجهة الإرهاب وهو الخطر الذي لا يهددها فقط وانما يهدد العالم ككل وذلك بإتباع استراتيجية شاملة، والسعى لوضعه على رأس قائمة الأولويات الإقليمية والدولية.

وتؤكد مصر دائما علي أهمية إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتشدد على أمن منطقة البحر الأحمر، ونشر قيم الاعتدال وسماحة الإسلام وتعزيز الحوار بين الأديان السماوية.

عاجل