تزايد خطر التصعيد النووي بين روسيا والناتو يهدد بانزلاق البشرية نحو الهاوية
في تصاعد للتوترات الدولية، انتقدت روسيا والصين تصريحات الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج الأخيرة، التي ألمح خلالها إلى إمكانية استخدام التحالف للأسلحة النووية كوسيلة للردع في مواجهة التهديدات المتزايدة، واعتبرت بكين وموسكو هذه التصريحات استفزازية وتزيد من خطر اندلاع صراع نووي.
وجاءت هذه الانتقادات على خلفية تصريحات ستولتنبرج الحصرية في مقابلة مع صحيفة "التلجراف" البريطانية، حيث دعا إلى زيادة الشفافية النووية والاستعداد لمواجهة عالم أكثر خطورة. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه العالم توترات متزايدة بين القوى الكبرى، مما يثير مخاوف من تصاعد حدة النزاعات المسلحة.
وقال ستولتنبرج لصحيفة «تلجراف» البريطانية، إن هناك مشاورات تجري بين الأعضاء لاستخدام الوضوح حول الترسانة النووية للحلف رادعاً. وأضاف: "لن أكشف عن التفاصيل العملياتية بشأن كم رأساً نووياً يجب أن تكون جاهزة للعمل وكم يجب تخزينها، لكننا بحاجة إلى التشاور بهذا الشأن، وهذا ما نقوم به بالضبط".
ودعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، الذي تنتهي ولايته قريبا، إلى تحميل الصين العواقب حال استمرارها في دعم روسيا، متهماً بكين بأنها السبب في تفاقم الحرب في أوكرانيا.
واعتبرت الرئاسة الروسية “الكرملين” تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الأخيرة حول محادثات الحلف العسكري بشأن نشر المزيد من الأسلحة النووية تمثل "تصعيدا للتوتر".
من جانبه.. قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن تصريحات ستولتنبرج تتناقض مع بيان صدر في مؤتمر عقد في مطلع الأسبوع في سويسرا، والذي أفاد بأن «أي تهديد أو استخدام للأسلحة النووية في سياق الحرب الجارية ضد أوكرانيا أمر غير مقبول»موضحا في معرض تعقيبه على تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي: "هذا ليس سوى تصعيد آخر للتوتر".
وردا على إدانة روسيا، قال ستولتنبرج إن موسكو تحاول خلق حالة من الارتباك وإن تعليقاته تشير إلى تحديث الردع النووي لحلف شمال الأطلسي، بما في ذلك استبدال طائرات "إف-16" بطائرات "إف-35" وتحديث الأسلحة المنتشرة في أوروبا.
وأضاف ستولتنبرج للصحفيين أثناء زيارة لواشنطن: "تحاول روسيا دائمًا تهيئة وضع يمكنهم من خلاله إلقاء اللوم على حلف شمال الأطلسي، ولكن الحقيقة هي أن الناتو يتسم دوما بالشفافية".
وبدورها، أعربت وزارة الخارجية الصينية عن انتقادها الشديد لتصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي حول تحميل الصين عواقب دعمها روسيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان في بكين إنه يتعين على حلف شمال الأطلسي أن يقوم بالتفكير الذاتي بدلا من تشويه سمعة الصين.
وذكرت صحيفة “تشاينا ديلي” الصينية في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أن ستولتنبرج "لطالما عُرف بأنه محرض على الحرب، ولكن يريد قبل أسابيع قليلة من تقاعده المقرر بعد قمة الناتو المرتقبة في واشنطن العاصمة، أن يضيف إلى إرثه المشين لقب دَاعِي إِلَى حرب نووية".
ورأت الصحيفة أن "مثل هذه التصريحات غير المسؤولة والعدائية التي تصدر عن رئيس الناتو صادمة، لأنها دعوة إلى سباق تسلح نووي وحتى حرب نووية قد تمحو الجنس البشري بأكمله".
وأكدت الصحيفة الصينية "ضرورة إعادة التفكير في هذا الجنون البائس بدلاً من إهدار ثروتنا مرة أخرى بينما ندفع نحو سباق تسلح جديد".
أما بالنسبة لتهديدات ستولتنبرج، فقد أدانت حملة نزع السلاح النووي، وهي منظمة مقرها المملكة المتحدة، إثارته لشبح الحرب النووية، وقالت الأمينة العامة للحملة كيت هدسون إن: "اقتراح ستولتنبرج بأن تجعل الناتو المزيد من أسلحته النووية متاحة للعمل هو خطوة أخرى نحو الحرب النووية. يجب معارضة أحدث جنون للناتو".
وفي هذا السياق، قالت /تشاينا ديلي/ إن عدم وجود تأييد علني وواضح من جانب القادة الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي لتحريض ستولتنبرج على الحرب النووية، يُظهر وكأنه ربما كان يردِّد أصوات بعض مسؤولي البنتاجون.
ووسط كل هذه الانتقادات، سعى حلف شمال الأطلسي في وقت سابق إلى توضيح تصريحات ستولتنبرج قائلا" إنه لا توجد تغييرات مهمة في موقفه النووي. وقالت المتحدثة الرسمية باسم الحلف فرح دخل الله إن: "الناتو ملتزم بضمان وجود رادع نووي آمن ومأمون وفعال".
وأضافت: "لهذا الغرض، لدينا برنامج تحديث مستمر لاستبدال الأسلحة والطائرات القديمة". قائلة: «بعيدًا عن ذلك، لا توجد تغييرات مهمة في رادعنا النووي».
وتقول روسيا، التي أرسلت قوات إلى أوكرانيا عام 2022، إن الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين يدفعون العالم إلى حافة المواجهة النووية من خلال منح أوكرانيا أسلحة بقيمة مليارات الدولارات، يستخدم بعضها ضد الأراضي الروسية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد مرارا أن روسيا مستعدة من الناحية الفنية لحرب نووية، قائلا يمكن أن تستخدم موسكو الأسلحة النووية للدفاع عن نفسها في الظروف القصوى.
ووفقًا لاتحاد العلماء الأمريكيين، فإن روسيا والولايات المتحدة هما بوضوح أكبر القوى النووية في العالم، حيث تمتلكان حوالي 88% من الأسلحة النووية في العالم.
وتمتلك الولايات المتحدة حوالي 100 قنبلة نووية غير استراتيجية من طراز "بي 61" متمركزة في خمس دول أوروبية - إيطاليا وألمانيا وتركيا وبلجيكا وهولندا. وهناك ما يقارب 100 قنبلة أخرى من هذا النوع متمركزة داخل حدود الولايات المتحدة.
وبالنسبة لروسيا، تمتلك حوالي 1558 رأس حربي نووي غير استراتيجي، على الرغم من أن خبراء مراقبة الأسلحة يقولون إنه من الصعب جدًا تحديد العدد الدقيق بسبب السرية.