رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

بعد خسارة 210 مليارات دولار.. الاضطرابات الفرنسية تلقي بظلالها على أسواق المال العالمية

نشر
مستقبل وطن نيوز

ضربت موجة جديدة من القلق أسواق المال العالمية مع تفاقم المخاوف بشأن الأزمة السياسية في فرنسا، مما أدى إلى انخفاض مؤشرات الأسهم في ظل هروب المستثمرين إلى الملاذات الآمنة، مثل السندات والذهب والدولار.

تجنب المتداولون المخاطرة، إذ خسرت الأسهم الفرنسية هذا الأسبوع ما يقرب من 210 مليارات دولار من قيمتها السوقية -وهو ما يعادل حجم الاقتصاد اليوناني تقريباً- بعد أن دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات مبكرة، وتصدرت السندات الفرنسية الخسائر، حيث قفزت العلاوات التي يطلبها المستثمرون لامتلاك ديون لأجل عشر سنوات مقارنة بنظيراتها الألمانية الأكثر أمانا، بمعدل قياسي هذا الأسبوع.

مخاوف متزايدة

قال مات مالي من شركة "ميلر تاباك+": "الوضع في أوروبا بدأ يصبح محفوفاً بالمخاطر بعض الشيء، ولا تزال هذه الخطوة بعيدة كل البعد عن التطور إلى أزمة ديون سيادية أخرى، ولكن مع مخاوف بشأن مستويات الديون السيادية المرتفعة للغاية، والميزانيات المتضخمة، فإن التطورات في أوروبا وخاصة فرنسا تثير بعض المخاوف في السوق".

وفي الولايات المتحدة، عانت مؤشرات الأسهم الأمريكية أيضا بسبب انخفاض مؤشر معنويات المستهلكين بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى له منذ سبعة أشهر، في ظل استمرار تأثير الأسعار المرتفعة سلباً على آفاق المستهلكين، وقالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، لوريتا ميستر، إنها لا تزال ترى أن مخاطر التضخم تميل إلى الصعود رغم الأرقام المرحب بها في أحدث البيانات.

أغلق مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) منخفضاً بشكل طفيف، مدفوعاً بانخفاض الأسهم الصناعية. تفوق أداء قطاع التكنولوجيا، حيث ارتفع سعر سهم "أدوبي"‎ بنسبة 15% وسط توقعات قوية، وانخفض مؤشر "ستوكس يوروب 600" بنسبة 1%، فيما واصل مؤشر "كاك 40" الفرنسي خسائره التي تخطت 6% خلال الأسبوع، متكبدا أكبر هبوط منذ مارس 2022. وهبطت أسعار أسهم مصارف "سوسيتيه جنرال" و"بي إن بي باريبا" و"كريدي أغريكول" بأكثر من 10% لكل منها هذا الأسبوع.

انخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات 4 نقاط أساس إلى 4.21%، وسجلت قيمة الدولار أعلى مستوياتها منذ نوفمبر، ويعد اليورو من بين العملات الرئيسية الأسوأ أداءً هذا الأسبوع مقابل الدولار.

مخاطر الديون

ماذا يعني تصويت ماكرون المفاجئ بالنسبة لمخاطر الديون؟

لا يرى مسؤولو البنك المركزي الأوروبي أي سبب للقلق من اضطرابات السوق التي اجتاحت فرنسا في الأيام القليلة الماضية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، ورفض متحدث باسم البنك المركزي الأوروبي التعليق.

وتزايد قلق التجار بعد أن قدم ائتلاف من أحزاب اليسار في فرنسا بياناً يهدف إلى تفكيك معظم الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها ماكرون على مدار سبع سنوات ووضع البلاد على مسار خلاف مع الاتحاد الأوروبي بشأن السياسة المالية.

وقال إيان لينجن من "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets): "بينما نعتقد عادة أن ما يحدث في باريس يبقى في باريس (أو على الأقل أوروبا)، اتخذ الوضع الحالي طابعاً أكثر إثارة للقلق في الأسواق المالية العالمية مما كان يمكن أن يكون عليه الحال لولا ذلك، وكان من الصعب تفادي الأحاديث المتعلقة باحتمال أن تؤدي نتيجة الانتخابات في نهاية المطاف إلى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي باعتبارها (تكهنات جامحة)، خاصة في ضوء تجربة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

أما تيري ويزمان من "ماكواري جروب" فيرى أن فرنسا تتجه نحو واحد من سيناريوهين سياسيين متطرفين، وقال :"لم يكن أي من التجمعين مخصصاً للمبادئ المؤيدة للسوق، ولا المسؤولية المالية، ولا ربما العملة الموحدة".

خروج استثمارات من الأسهم الأوروبية

عانت صناديق الأسهم الأوروبية للأسبوع الرابع من خروج الاستثمارات بنحو 600 مليون دولار، في حين أضافت الصناديق النقدية 40.4 مليار دولار، وهي الأكبر بين جميع فئات الأصول، وفقاً لمذكرة من "بنك أوف أمريكا كورب".

وتدفقت استثمارات بحوالي 6.3 مليار دولار إلى صناديق الأسهم العالمية في الأسبوع المنتهي في 12 يونيو، واستقبلت الأسهم الأميركية استثمارات للأسبوع الثامن، وفقاً للمذكرة التي استخدمت بيانات "EPFR Global"، وتجدر الإشارة إلى أن أوروبا هي المنطقة الوحيدة التي شهدت خروجاً للاستثمارات هذا العام.

يقول بنك "باركليز" إن تدفقات الأسهم الأوروبية معرضة لمزيد من التراجع دون وجود محفز إيجابي لطمأنة المستثمرين الأجانب على المدى القريب.

سحب الاستراتيجيون بقيادة إيمانويل كاو توصيتهم بزيادة المراكز في الأسهم في وقت سابق من هذا الأسبوع ونصحوا بالحذر بشأن المنطقة في الوقت الحالي، مستشهدين بالوضع السياسي في فرنسا.

وكتبوا: "إننا نكافح للوقوف على سبب مقنع لزيادة الوزن في قارة أوروبا، حتى عندما زاد الإجماع على هذا الأمر منذ عام حتى الآن".

معاملات صغيرة الحجم

انتشرت الصفقات التي تزيد قيمتها عن مليون دولار بين السندات المقومة بالدولار للبنوك الفرنسية الكبرى في الأيام الأخيرة، وأصبحت الآن أكثر تواتراً من المعاملات الكبيرة على نظيراتها في منطقة اليورو، استناداً إلى البيانات جمعتها بلومبرج.

وأثر ذلك على ديون المقرضين مثل "بي إن بي باريبا" و"كريدي أغريكول".

وفي آسيا، يجعل بنك اليابان المستثمرين ينتظرون حتى اجتماع يوليو للحصول على تفاصيل حول تقليص مشترياته من السندات، مما يترك قيمة الين عرضة لمزيد من الانخفاضات.

قرار البنك المركزي يوم الجمعة بالإبقاء على أسعار الفائدة كان متوقعاً على نطاق واسع، لكن المتداولين فوجئوا بالإشارة إلى خفض مشتريات الديون دون تحديد أي أرقام أو جدول زمني.

قال خوسيه توريس من "إنتراكتف بروكرز" (Interactive Brokers): "أرسل بنك اليابان الين الضعيف بالفعل إلى حالة من الفوضى عندما رفض تقديم جدول زمني لتقليص مشتريات السندات، وهو ما يعتقد العديد من المستثمرين أنه ضروري لدعم عملة البلاد".

عاجل