العقوبات تضيق الخناق على نقل النفط الروسي
تتعرض آلة تصدير النفط الروسية، التي تمول حرب الكرملين في أوكرانيا، لضغوط متزايدة. فمصافي النفط الهندية، ثاني أكبر عملاء موسكو بعد الصين، ستتوقف عن قبول الخام من ناقلات شركة "سوفكومفلوت" المملوكة للدولة بسبب مخاطر العقوبات.
تشدد الولايات المتحدة العقوبات على الأسطول الذي ينقل النفط الروسي. ومنذ أكتوبر، تم استهداف 40 ناقلة، مما أدى إلى توقف بعض السفن عن العمل واختفاء أخرى في البحر الأسود.
تهدف هذه التحركات إلى تقليص عائدات النفط الروسية، وهو هدف سياسي رئيسي للولايات المتحدة وحلفائها. لكن واشنطن حذرة من ارتفاع أسعار النفط، خاصة مع اقتراب الانتخابات.
تواجه روسيا صعوبات في نقل شحناتها. فمع توقف "سوفكومفلوت" عن العمل مع الهند، ستحتاج إلى البحث عن وجهات أخرى، وربما تضطر إلى استخدام "أسطول الظل" من السفن القديمة. وارتفعت تكاليف تسليم النفط الروسي بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى خفض أسعاره. كما تراكمت إمدادات الوقود المكرر، خاصة الديزل، في المحيطات.
لا تزال لدى الولايات المتحدة أدوات قوية للإضرار بصادرات النفط الروسية، لكنها تستخدمها بحذر خوفًا من ارتفاع أسعار الطاقة. وتواجه روسيا ضغوطًا متزايدة على صادرات النفط، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الضغوط ستؤدي إلى خفض كبير في الإمدادات.
ضغوط على الصادرات الروسية
قال ريتشارد برونز، رئيس الشؤون الجيوسياسية في "إنيرجي أسبكتس" (Energy Aspects) الاستشارية: "إنه ضغط متزايد على تدفقات الصادرات الروسية، خاصة إلى الهند. نحن في مرحلة أصبحت فيها الآثار المرتبطة بالعقوبات واضحة للغاية".
منذ أكتوبر، أضافت الولايات المتحدة 40 ناقلة نفط روسية إلى قائمة العقوبات. وتواصل أربع من السفن المستهدفة مؤخرًا في إجراء عمليات التسليم، لكن لم تقم أي سفينة خاضعة للعقوبات بتحميل شحنة خام منذ أن أضافتها وزارة الخزانة الأميركية (للقائمة)، وفقًا لبيانات تتبع الناقلات التي جمعتها بلومبرج.
والآن، وجهت البيئة التجارية الصعبة على نحو متزايد ضربة رمزية قوية للكرملين، في ظل تجنب الهند -الحليف التجاري القوي طوال الحرب- أسطولها. وفي الوقت نفسه، بدأت أوكرانيا في استهداف مصافي النفط الروسية، رغم أنه ليس من الواضح مدى الدعم الذي تحظى به هذه الاستراتيجية في واشنطن.
وقال غريغ برو، المحلل في "أوراسيا غروب" (Eurasia Group) في نيويورك: "نشهد بالتأكيد ضغوطاً متزايدة من العقوبات الأميركية على كل من الخام الروسي والصادرات.. يأتي ذلك في وقت تكافح الولايات المتحدة لإرسال المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا، وحيث بدأت حظوظ أوكرانيا في ساحة المعركة في الانحدار، وحيث يبدو أن روسيا أصبحت لها اليد العليا".
خُمس النفط الروسي
نقلت "سوفكومفلوت" التي تديرها الدولة نحو خُمس إجمالي شحنات الخام الروسية إلى الهند العام الماضي. ويبدو أن هذه النسبة تتقلص حتى قبل ورود أنباء عن أن مصافي (الهند) لن تقبل السفن بعد الآن.
قال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية: "نتوقع ونرحب بأن يكون مشتري النفط العالميون أقل استعدادًا للتعامل مع (سوفكومفلوت) عما كانوا عليه في الماضي"، مضيفاً أن الإجراءات يجب ألا يكون لها تأثير على سوق النفط لأن روسيا سُتبقي على حافز لبيع النفط".
والآن سيحتاج هذا الأسطول إلى البحث عن وجهة أخرى، وهناك دلائل على أنه يواجه صعوبات. إذ توقفت سبع سفن على الأقل في البحر الأسود واختفت من أنظمة المراقبة الرقمية، حسبما أظهرت بيانات بلومبرغ لتتبع الناقلات. واعترفت "سوفكومفلوت" هذا الأسبوع بأن العقوبات أضرت بعملياتها.
زيادة تكاليف الشحن.. وخصم سعر الخام الروسي
قالت جانيس كلوغ، الباحثة البارزة في أوروبا الشرقية وأوراسيا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين: "إن استهداف (سوفكومفلوت) يمثل تشديداً كبيراً للعقوبات الأميركية ضد روسيا.. لن يحل مشكلة التحايل، لكنه سيزيد تكاليف الشحن وتخفيضات أسعار النفط الروسي".
ومع ذلك، لا يزال بإمكان روسيا الاعتماد على ما يسمى بـ"أسطول الظل" من السفن التي تم تجميعها بعد وقت قصير من غزو 2022، وهي غالبًا ما تكون سفن قديمة بدون تأمين مناسب ولديها ملكية غير واضحة، لتوصيل شحناتها. وبحسب بعض التقديرات، هناك ما يصل إلى 600 ناقلة عاملة، إلى جانب الناقلات اليونانية التي تواصل خدمة التجارة بموجب سقف الأسعار الذي وضعته مجموعة السبع.
تعد كلفة تسليم النفط الروسي ضخمة. إذ تبلغ تكلفة تسليم شحنة بحر البلطيق إلى الصين حوالي 14.50 دولاراً للبرميل، وفقاً لبيانات من "أرغوس ميديا" (Argus Media). وتشير تقديراتها إلى أن أكثر من نصف هذا المبلغ يُعزى إلى العقوبات.
تراكم إمدادات الوقود المكرر رغم استهداف المصافي
قال برونز من "إنرجي أسبكتس": "سواء تحول هذا إلى خسائر فعلية في الإمدادات، فسوف يعتمد على مدى سرعة العثور على حلول بديلة لقضايا الشحن وما إذا كان البائعون الروس على استعداد لتعميق الخصومات".
وتأثرت مبيعات موسكو من الوقود المكرر. إذ رُصد متوسط 6.2 مليون برميل من وقود الديزل الروسي عالقاً بالمحيطات في الأيام العشرة حتى 17 مارس، وفقاً لبيانات "كبلر"، وهو أعلى مستوى منذ 2017 على الأقل.
وفي حين أنه ليس من الواضح ما إذا كانت العقوبات قد تسببت في هذا التراكم، فمن المثير للدهشة أن الكثير من المنتجات تتراكم في وقت كان من المفترض أن تؤدي فيه هجمات الطائرات المسيرة إلى كبح الإمدادات.
وقال كلوج: "لا تزال لدى واشنطن أدوات قوية للإضرار بصادرات النفط الروسية، لكنها استخدمتها بحذر، خوفاً من ارتفاع أسعار الغاز في عام الانتخابات".